وكأن أسماك البحار والأنهار قد اعتادت إقامة حفلات عشاء جماعية على شرف جثث المصريين، فبعد 4 سنوات إلا قليلا على مرور حادث عبارة السلام 98 التى غرفت فى البحر الأحمر، فبراير 2006، راح ضحيتها 1034 قتيلا و386 مصابا، تكررت المأساة نفسها فى ديسمبر 2009 لكنها فى نهر النيل هذه المرة بعد تصادم «لنشين» لنقل الركاب قبالة سواحل رشيد.
المعديتان، نظرا لضعف البنية التحتية فى مصر، كما قالت صحيفة «الدايلى تليجراف» البريطانية، أو كما ذكر الدكتور جمال الزينى فى بيانه العاجل، ونتيجة للإهمال والرعونة التى يتسم بها سائقو المعديات، اصطدما على بعد 50 مترا من ميناء رشيد، حيث كانت إحدى المعديتين متجهة من رشيد بمحافظة البحيرة إلى مدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، وكان على متنها أكثر من 66 راكبا، والمعدية الأخرى كانت قادمة من مطوبس إلى رشيد، وعلى متنها 20 راكبا، وقد قام سائقا المعديتين كل بمعاكسة الآخر، وهو الأمر الذى نتج عنه التصادم، وحدوث كسر فى المعدية الكبرى وغرقها.
قال اللواء أحمد زكى عابدين محافظ كفر الشيخ ،إن منح تعويضات لمصابى حادث رشيد، لا يزال قيد البحث، وأنه سيتم بحث صرف تعويضات بعد خروج المصابين من المستشفى،إذا كانت حالتهم تستدعى ذلك، لافتا إلى أن اللواء محمد شعراوى محافظ البحيرة زار المتضررين من الحادث فى مستشفى رشيد العام، ومحنهم مكافأة صغيرة على سبيل «الهدية»، ورغم تصريحات شعراوى بصرف ألفى جنيه للمصاب و5 آلاف جنيه للغريق فى حالة العثور عليه، إلا أن ذلك لم يتم، عكس ما حدث فى أزمة العبارة «السلام 98».
فيما أكد اللواء محمد شعراوى محافظ البحيرة أنه لا يوجد أى غرقى على الإطلاق، وأشار إلى أنه لا توجد أية حالات تبليغ عن مفقودين، وأن هناك 20 شخصا كانوا على متن «اللنش» الأول، 6 منهم تمكنوا من الوصول إلى الشاطئ عوما، و14 شخصا آخرين أصيبوا فى الحادث، وذكر شعراوى أن المواطنين اعتادوا استخدام هذه النوعية من «اللنشات» غير الآدمية، موضحا أن هناك ترخيصا لعدد منهم بنقل ركاب، إلا أن هذين «اللنشين» لا يحمل أى منهما ترخيصا.
الواضح أن تكرار هذه الحوادث فى العديد من المحافظات الواقعة على نهر النيل يكشف عن العجز الشديد فى عوامل الإنقاذ النهرى، فضلا عن غياب الرقابة على المعديات، والتى تقوم بنقل الركاب، بالإضافة إلى وجود تقصيرٍ فى مراجعة التراخيص التى تمنح للمعديات، وكذلك فى عوامل الأمن والسلامة، مشيرا إلى أن هذه المشكلة سببها فوضى المحليات، ونقص الخدمات فى هذه القرى، مما يجعلهم يضطرون يوميا للانتقال من مدن كفر الشيخ إلى رشيد لقضاء متطلباتهم.
المأساة ستزداد بعد إصرار الحكومة المصرية على قتل أبنائها، بعدما كشف النائب الوفدى محمد عبدالعليم داوود عضو مجلس الشعب عن دائرة فوة ومطوبس بكفر الشيخ، أنه تقدم منذ عامين باقتراح برغبة لمجلس الشعب لإقامة كوبرى للقناطر، لمنع إهدار مياه النيل التى تهدر فى البحر المتوسط من جانب، ولحماية المواطنين من هذه المأساة من جانب آخر، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض، لتبقى الحكومة ممثلة فى وزارة التنمية المحلية ومحافظة البحيرة باعتبارها المسئولة عن منح التراخيص لحفنة من المقامرين بأرواح الشعب والمواطنين، الذين يقبلون يوميا أن يصبحوا طرفا فى لعبة الموت هذه حتى وإن كانوا مضطرين لذلك.
الشىء الحسن الوحيد فى هذا الحادث تمثل فى تشكيل غرف عمليات سريعة من 3 جهات إنقاذ، الأولى لرجال الضفادع البشرية التى أرسلتها القوات المسلحة طوق النجاة المعتاد فى مثل هذه الأزمات، بالإضافة إلى قوات الإنقاذ النهرى وأخيرا المواطنين والأهالى، كما أن المستشار عبد المجيد محمود النائب العام أمر بتكوين فريق من أعضاء النيابة العامة لبدء التحقيقات فى الكارثة تتضمن تفقد مكان الكارثة والوقوف على الأسباب الحقيقية للتصادم، ورسم سيناريو للاصطدام، وسماع روايات وأقوال شهود العيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة