هل يعقل أن نرجع كل مشاكلنا لدولة قطر؟.. وهل من الصواب كلما تعرضنا لأزمة أو إخفاق أن نتهم قناة الجزيرة بأنها السبب؟.. فى مصر ومعظم العالم العربى تنطلق هذه النغمة ليل نهار وكأن قطر تحولت بقدرة قادر إلى دولة عظمى تكاد تفوق الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى السابق مجتمعان!
لا أحد ينكر الدور الذى تلعبه قطر فى المنطقة العربية، ليس عبر التحريض والفرقة التى تبثها قناة الجزيرة فقط، وإنما عبر مليارات الدولارات التى تنفقها قطر لبث الفرقة والفتنة فى أرجاء العالم العربى.. وأنا شخصيا أعلم علم اليقين أن تأسيس قناة الجزيرة جرى من خلال مشروع رعاه وزير الخارجية القطرى، شارك فيه ديفيد كمحى رجل المخابرات الإسرائيلى الشهير والذى كان مسئول ملف لبنان فى إسرائيل، ومهندس صفقة إيران جيت لبيع أسلحة أمريكية لإيران خلال حربها مع العراق.
وكان الهدف الرئيسى من تدشين قناة الجزيرة تحويلها إلى أداة سياسية لتنفيذ المشروع الشرق الأوسطى الذى تبناه شيمون بيريز حينما كان وزيرا لخارجية إسرائيل مطلع التسعينات.
واستهدف هذا المشروع الذى انطلق عقب مؤتمر مدريد للسلام عام 1992 إنهاء حالة الحرب بين إسرائيل والعرب وخلق حالة من التعايش والتعاون الاقتصادى وتحويل الشرق الأوسط إلى منظومة اقتصادية واحدة تقوم على الخبرة الإسرائيلية واليد العاملة المصرية والأموال الخليجية.
وجاء إنشاء قناة الجزيرة لتكون الوسيلة الإعلامية التى تزرع إسرائيل داخل المنطقة العربية وتجعلها موجودة ويتقبلها الناس، وسعت القناة منذ تأسيسها إلى تحقيق هذا الهدف بشكل غير مباشر بداية من استضافة المسئوليين الإسرائيليين على شاشاتها، لإنهاء المقاطعة العربية لكل ما هو إسرائيلى وكسر الحاجز النفسى بين العرب وإسرائيل، والحقيقة أن الجزيرة نجحت فى ذلك واستطاعت إدخال الإسرائيليين كل بيت عربى بعد أن كان ظهورهم فى التليفزيونات العربية والحديث مع أى إسرائيلى من المحرمات.
وليس خافيا على احد أن الجزيرة كانت ذراع المخابرات الأمريكية فى الأماكن التى لا تستطيع الوصول إليها، ومن يريد التأكد من ذلك عليه مراجعة كتاب أصدره مراسل الجزيرة السابق فى أفغانستان جمال إسماعيل والذى تحدث باستفاضة عن التنسيق بين الجزيرة والمخابرات الأمريكية وكيف مدتها القناة بمعلومات مهمة عن أماكن وجود القاعدة وسلمتها شرائط تم تسجيلها مع قادة القاعدة وطالبان قبل إذاعتها لتحليلها.
ومنذ ظهور الجزيرة نجحت القناة فى خلق أزمات مع معظم الدول العربية لدرجة أن مكتب الجزيرة تم إغلاقه فى عدد من العواصم العربية منها المغرب والعراق والأردن وتم القبض على مراسلى الجزيرة وسجنهم فى عدة دول عربية منها السودان ومصر وسوريا وغيرها.
لكن السؤال المهم: هل هذا يعد نجاحا للجزيرة وقطر أم فشل لكل الأنظمة العربية ووسائل إعلامها التى أخفقت فى التصدى لكل المخططات التى قادتها قطر ونفذتها ذراعها الطويلة قناة الجزيرة؟.. أعتقد أنه يجب علينا قبل ان نلوم الجزيرة أن نحاسب الأنظمة الضعيفة ووسائل الإعلام العربية المختلفة التى فشلت فى التعبير الحقيقى عن الناس لذلك لم تستطع مجرد مواجهة محطة تليفزيونية ودولة مزعومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة