فى عام 1965 سُئل الأستاذ محمد زكى عبد القادر الصحفى بالأخبار عن الفرق بين الصحفى والأديب فقال: "الصحفى هو عين القارئ على العالم، والأديب هو عين نفسه.. الصحفى متعجل تسوقه الحوادث، والأديب يفشل إذا لم يحسن الانفعال بالحوادث... غاية النجاح للصحفى أن يسبق الحوادث وغاية النجاح للأديب ألا تفوته دلالتها".
نسبة كبيرة من الأدباء يعملون فى الصحافة وهو ما يثير تساؤلات عن مدى تأثير الصحافة فى لغة الأديب، وهل تضيف له، أم تأخذ منه، وهل يحقق الأديب الصحفى معادلة البقاء فى الصحافة مع المحافظة على مداومة الإنتاج الأدبى، وهل يستغل الأديب الصحفى علاقته بزملائه الصحفيين للترويج لأعماله!.
الروائى الكبير عبده جبير وكان مدير تحرير مجلة "القاهرة" يقول: "قطعا فالصحافة علمتنى أن أعبر فى أقل عدد من الكلمات ووضعتنى فى معترك الحياة وأثرت تجربتى الإبداعية، فتتلمذت على يد أحمد بهاء الدين وعاصرت الشارع وتحولاته وفى مرحلة لاحقة عملت "بالديسك" لأعيد صياغة ما كتبه صغار الصحفيين مما أثرى لغتى وأضاف إلى كثيرا، وإذا كان الصحفى يعمل بمبدأ "شيلنى وأشيلك" فى مجاملة زملائه من الكتاب فقد اختار ألا يحترم مهنته بل ويسىء إلى الأدب أيضًا".
القاص "اشرف عبد الشافى" الذى صدرت له رواية "ودع هواك" العام الماضى قال: "الصحافة تجربة فريدة أفادتنى كثيرا فى عملى الإبداعى وأكثر ما أفادتنى به هو نعومة اللغة، فأنا أتعامل مع الكتابة بشكل يومى وهو ما يساعدنى على مواكبة التحولات السريعة فى اللغة، وماركيز يقول "من لم يعمل بالحوادث لا يستطيع أن يكتب رواية" فالصحافة نافذة تتعرف من خلالها على جميع أنماط البشر ولكن المشكلة فى كون العمل الصحفى يستغرق وقتا طويلا فمجموعتى "منظر جانبى" التى نشرت عام 2003 كان من بينها قصص نشرت بالدوريات العربية عام 1993 ولم يكن لدى الوقت لإنهائها.
وتابع: "أما عن مسألة المجاملات فهى حجة الشكائين لأن العمل الجيد يفرض نفسه وكان يحدث هذا فى فترة سيطرة اليسار على الصحافة بغرض تصعيد اتجاه على آخر، فصعدت أسماء من غير الموهوبين مثل "محمد صدقى" لكن هذا لا يدوم طويلا".
الروائى والمترجم "نائل الطوخى" قال: "فى الصحافة نحن ننقل الواقع أما فى الأدب فنحاول تغيير الواقع أو نعلو عليه أو ننزل أسفله، و قارئ الأدب غير معنى بوصف القضية كما هو قارئ الصحافة، إنما نحاول وصف الوجود، الحياة، الموت والأسئلة الفلسفية فالأمر مختلف تماما".
وأضاف: "أنا أعارض فكرة أن يتفرغ الكاتب لإبداعه لأنها فكرة "دلوعة شوية" ولا أتفق مع القول بأن الصحافة تستهلك وقتا فهى كأى عمل كالطب والهندسة والمحاماة كلهم يحتاجون إلى وقت، وبالنسبة لفكرة المجاملة فلا ننكر أن صحفى المشاكل يخلق حوله دائرة من الأعداء وهو ما يقضى عليه كأديب.
الشاعر "محمد خير" يشير إلى أن الصحافة بالإضافة إلى أنها مثلها مثل أى مهنة تأخذ من وقت المبدع، فهى تتميز بأنها مهنة للكتابة أيضًا فتؤثر على اللغة والإبداع وتعود الأديب على الكتابة دائما بإيقاع منتظم، فلا يخضع الأمر لمزاج المبدع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة