على جمال الدين ناصف يكتب: الرجال يطالبون بحقوقهم من النساء..!!

السبت، 07 نوفمبر 2009 11:57 ص
 على جمال الدين ناصف يكتب: الرجال يطالبون بحقوقهم من النساء..!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبح واضحا فى الآونة الأخيرة ما تطالب به المرأة من حقوق، فقد خلقت لها العديد من المنظمات التى تسعى لأن تنال المرأة حقها من هؤلاء الرجال الظالمين الغاصبين لحق المرأة عبر السنين، وكأن كل شىء عند المرأة قابل للاغتصاب من قبل الرجل، فهنا صياح وهناك صراخ لإعطاء المرأة حقها المغتصب والمعتدى عليه، ولا أعتقد أن هناك رجلا طبيعيا ليس به أى من عوارض الأهلية يقبل ألا يعطى المرأة حقها المنصوص عليه دستوريا وأخلاقيا ودينيا فى أنها لها من الحق وعليها من الواجب مثلما للرجل تماما، بل من شهامة الرجال أن يضحوا ولو بالقليل فى سبيل إكرام المرأة لكونها أمًّا وعليها من الأحمال ما يجب أن يكون الرجال رحماء بها، ولا يغفل لهن حق إلا أن كانوا من أنصاف الرجال، وإن كل دساتير الدول على ما أعتقد تعلن بوضوح وتكفل كل الحقوق لأى مواطن باختلاف الجنس واللون والدين، حتى الطبيعة تلقى على الجميع تحية البرد فى الشتاء، وتحية الحر فى الصيف، لا تفرق فى الحق بين أى منهما، ولكن هذه الطبيعة العادلة والتى قدرت الأشياء فرأينا فيها العدالة وارتضينا حكمها لأنه قدرى، لا حول لنا فيه ولا قوة، فلم تشاء الطبيعة أن تمنح بنى البشر على اختلافهم الكمال، فالعزة لمن له الكمال كل الكمال، ولعلنا نلحظ بأن الطبيعة شاءت ألا تجعل الرجل إنسانا كاملا، لا من المرأة إنسانا كاملا، بل جعلت منهما معا إنسانا كاملا.
نقصت فى الرجل ما أكملته فى المرأة، ونقصت فى المرأة ما أكملته فى الرجل، وضعفت فى الرجل ما قوته فى المرأة ، وقوت فى المرأة ما أضعفته فى الرجل .
فحيثما وجدت نقصا فى المرأة فاطلب كماله فى الرجل ، وحيثما وجدت نقصا فى الرجل فاطلب كماله فى المرأة، فقد تم إعدادهما بقوة القادر بشكل يجعل منهما كلا صالحا للآ خر، كفريق الموسيقى يكمل الطبل مانقصه المزمار، ويكمل المزمار ما نقصه الطبل، ولا تجمل الموسيقى إلا بهما معا.

فإن أنت رأيت فى الرجال حبا فى التعميم رأيت فى المقابل فى المرأة حبا فى التخصيص، فتراها تحب فى العلم المثال الجزئى، بينما هو يحب القاعدة الكلية، فإن هى تكلمت عن المنزل تكلمت عن منزلها وقارنته بمنازل صديقاتها، وأما هو فسرعان ما يلجأ إلى ذكر قاعدة عامة، وهى إذا تكلمت فى الحب تكلمت فى حبها أو حب مثيلاتها، وهو إذا تكلم فى ذلك انتقل سريعا إلى وضع قوانين للحب، فنظرتها على العموم نظرة جزئية نفاذة، ونظرته على العموم نظرة شاملة وقد لا تكون دقيقة، وإذا هو تكلم عن الجمال يعرضه كفكرة مجردة، تكلمت هى عن فلانة الجميلة أو فلان الجميل.
و إذا قال هو ما أحسن السماء ! قالت هى ما أجمل القمر ! لأجل هذا كانت المرأة فى العمليات خيرًا من الرجل، وكان الرجل فى النظريات خيرا من المرأة.

مما يلاحظ أيضا بأننا لا نرى فلاسفة من النساء فى الطبقة الأولى، لأن الفلسفه أساسها التعميم وهى لا تحسنه، وأساسها النظريات وهى لا تجيدها، فقد تجد طالبات فلسفة، وقد تجد حائزات لشهادات فلسفية، ولكن قل أن تجد فيلسوفة خالقة لنظريات فلسفية، فذلك ليس من طبعها عادة.

هى تحسن تدبير المال أكثر مما يحسن الرجل، فإن أعطى مال للمتعلمات وأعطى نظيره للمتعلمين لكان الأغلب والأرجح أن تحسن المرأة استعماله أكثر من الرجل، ولا تنفقه فى مشروعات خياليه كما يفعل الرجال، ولا تقامر به لأن المقامرة نوع من المشروعات الخيالية، ولا تفنيه إفناء سريعا اعتمادا على ما يأتى به المستقبل كما يفعل الرجل، باعتبار الرجل أكثر نظريات وأوسع خيالا، وهى أحسن تقديرا للواقع وأقرب آمالا، وكذلك الأمر فى الخيال كالأمر فى النظريات، ومصداق ذلك نظرة إلى الشعراء، فالشعر ميدان الخيال وقريب الصلة بالفلسفة، والمرأة لا تحسن الشعر كما لا تحسن الفلسفة، فإن بحثنا فى الأدب العربى فقل أن تجد امرأة كالخنساء، ومع هذا فما الخنساء وما شعرها ؟ إن هى إلا ندابة مؤدبة لم تحسن القول إلا فى رثاء أخويها، وأكثر ما روى عن النساء فى الشعر إنما هو من قبيل الرثاء القريب الخيال، وهو ليس إلا بكاء على فقيد جزئى محسوس صيغ فى قالب شعرى محدود.

ليس هذا ما يمس مكانة المرأة فى شىء، فكلتا النغمتين من الميل إلى الواقع والخيال لا بد منهما فى هذا العالم ، فالرجل يتقدم فى الحياة ويخاطر ويجمع المال، وهى تدبر وجوه إنفاقه، وهو له السلطان الأكبر خارج البيت، لأن ذلك مجال المخاطرة والنظريات والخيال، وهى لها السلطان الأكبر فى البيت، إنه مجال التجربة العمليه والنظريات الجزئية والخيال المحدود، فهن محافظات غالبا، وهم أحرار غالبا، فالثورات الاجتماعية والدينية والسياسية من الرجال أولا، لا من النساء، حتى طلب تحرير المرأة كان من قاسم أمين أولا، قبل أن يكون من هدى شعراوى، ولعل ذلك فى كل الدول نراه كما هو فى مصرنا، فالأنبياء رجال لأن النبوة دعوة والدعوة ثورة، كذلك الإلحاد فى الرجال أكثر منه فى النساء، لأن الإلحاد ثورة أيضا ، والثورات السياسية وليدة الرجال لأنها وليدة الخيال، وهن يكرهن الثورة ويكرهن الخيال.

ولعل سعة خيال الرجل وضيق خيال المرأة، وجريه وراء النظريات، وميلها إلى تحديد الحياة بالواقع، هو الذى جعلها تسيطر على حياة الحب، فبيدها المفاتيح لا بيده، هو يسبح وراء خياله، وهى فى الغالب أملك لنفسها منه وخير منه فى تقدير الواقع والاعتراف بالحقائق.

ولعلنا إذا كان لدينا إحصاء دقيق عن المنتحرين لفشل الحب لوجدنا أكثرهم رجالا، ولعل أكثر من اندفع فى سبيل الخيال من النساء كان بإغراء الرجال وبفضل ما أجادوا من سحر القول وإتقان الغزل والبلاغة فى الفن، قد تبدو المرأة أقوى عاطفة من الرجل، فهى سريعة الرضا سريعة الغضب، سريعة الحب سريعة الكره، ترضيها الكلمة وتغضبها الإشارة، قريبة الدمعة قريبة الابتسامة، ترق فتذوب حنانا، وتقسو فما تأخذها رأفة، تحب فتصفى الود، وتعادى فويلاه من عداوتها، حتى فى عواطفها وعواطفه هى عملية وهو نظرى، تحب فترسم خطط الزواج، وتبغض فتطلب الفراق ، وتسر فكل شىء يدل على سرورها، وهى ضاحكة وهى مغنية وهى مرحة، وتحزن فكل شىء يدل على بكائها، فهى عابسة، وهى مكتئبة، وهى توقع نغمات محزنة، ثم هى تحب مشاركة الناس لها فى سرورها وحزنها أكثر مما يحب الرجل.

ولعلى أقر إنصافا للحق يجب أن نذكر أن المرأة فى عصور التاريخ لم تتح لها كل الفرص التى أتيحت للرجل، فلا منحت من الحرية ما منح، ولا مهدت لها وسائل التعلم كما مهدت له، ولا تحملت من المسئوليات ما تحمل، ولم تبدأ تتمتع بحريتها وتتاح لها سبل التعلم إلا من عهد قريب، على حين أن الرجل ظل قرونا طويلة حرا طليقا يتعلم ما يشاء ويزاول الأعمال ويتحمل تبعاتها.

والآن وقد أتيح للمرأة ما لم يتح لها من قبل وأصبحت تنال حقها بعدما غبنها فى عصور التاريخ الأولى، فهل هى ستبقى هذه الفروق كما بيناها من قبل أم تضمحل هذه الفروق تبعا للسير فى سبيل المساواة؟ أم تكون المساواة فى الحقوق والواجبات وهذا أمر طبيعى، لكن ما أخشاه أن ينتهى بنا المطاف لنسمع نداء الرجال بالمطالبة بالحقوق التى اغتصبتها النساء، لا بد أن تكون هناك إجابة سوف يكشف عنها الزمن.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة