وليد طوغان

أزمتنا مع "السنة"!

السبت، 07 نوفمبر 2009 07:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مطالبات "القرآنيين" بإعادة فحص السنة النبوية "مشروعة"، واعتقادهم فى ضرورة ترك "الأثر" وجيهة.

السنة اجتهادات نبوية، وكثير من "الأثر" اجتهادات صحابة، ما يعنى أنه لا السنة هى الأصل، ولا اجتهادات الصحابة هى المرجع الأول، لذلك فتمسك القرآنيين بكتاب الله دون غيره.. فريضة، لأن كتاب الله هو الأصل.

والمعنى أن سنة رسول الله (ص) هى "أول بيان لمقاصد القرآن"، لكنها فى الوقت نفسه "ليست" البيان الوحيد لمقاصد "القرآن".

القرآن الكريم ليس تراثا، لكن تفسير الصحابة لآياته هو التراث، واجتهادات النبى (ص) هى الأخرى تراث.
الصحابة رضوان الله عليهم فسروا الكتاب الكريم وفق أرضيتهم المعرفية وقت التنزيل، أو وفق ما يعتقدون أنه التفسير الصحيح، وبعد وفاة النبى (ص) اجتهدوا بالرأى، ولما جاءت لأبى بكر جدة تطلب ميراثا من ابن ابنها، لم يعرف ماذا يفعل، حتى شهد اثنان من الصحابة أن النبى (ص) ورثها.

الحالة التى واجهها خليفة المسلمين لم يأت حكم شرعى لها فى القرآن، فيما ورثها النبى (ص) قياسا على ميراث أصحاب الفروض الذين نزل فيهم نص.

اجتهد النبى (ص) قياسا على النص، وهو ما فعله الصحابة فيما بعد، لكن تظل الاجتهادات كلها "أحكاما مستحدثة".. ليست أصلا، مع أنها استدلال من الأصل.

بعد 14 قرنا من الوحى يجوز نقد تفسيرات الصحابة أو استبدالها، فى الوقت الذى لا يجوز نقد آيات القرآن المقدس أو إلغاؤها.

التراث صناعة بشرية، وكتاب الله صناعة ربانية.
تعامل الصحابة وفق هذا المنطق، فاجتهد أبو بكر (رض) فى إخراج جيش لحرب من منعوا الصدقة إليه بعد وفاة النبى، فيما اعترض عمر بن الخطاب (رض) على اجتهاد أبى بكر،
وجد ابن الخطاب أن ابا بكر أخطأ الاجتهاد، وفسد استدلاله من "الأصل" وقال: "لو لم تكن فتنة لمنعته".

تفسير عمر (رض) لآية الصدقة الكريمة "خذ من أموالهم وأنفسهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم"، إنها خاصة بالنبى وحده، وأن أمر إعطاء الصدقة قاصر على النبى نفسه، ولا يجوز لأحد غيره أن يحل محله (ص) فى تطبيق نص الآية.. بعد وفاته، لكن أبا بكر (رض) لم يصل لنفس النتيجة.. فدخل وأدخل المسلمين فى حرب باجتهاد له فيه أجر واحد.. أجر الاجتهاد.

آمن الصحابة فى العهد النبوى بالقرآن الكريم "إيمان تسليم"، فى الوقت الذى كانت كثيرا من معانيه "غيبا" بالنسبة لهم.

لذلك قال أبو بكر لما سألوه فى بعض الآيات: أى أرض تقلنى وأى سماء تظلنى لو قلت فى حرف من كتاب الله بغير ما أراد الله، وقال عمر: "اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه".

وقرأ ابن الخطاب على المنبر قوله تعالى "وفاكهة وأبا" وسأل "ما الأب"، ثم لحق نفسه وقال: "هذا هو التكلف يا عمر".

عمر (رض) لم يسأل النبى عن معنى "الأب"، ولا سأله الصحابة إلا فيما لم يعرفوه فى آيات المعاملات، أما هو (ص) فقد تدخل بالتبيين والشرح فيما بدا له أنه "الكمال" فى عصره (ص).
ثم إنه بعد وفاته (ص)، لعبت السياسة بالسنة، وأضافت "الأهواء" على لسانه ما لم يقله (ص)، فدخل على الحديث النبوى ما لا يجب أن يدخل، وعمل به ما لا يجب يعمل.
لذلك فإن رؤية القرآنيين فى أن "ما يتطرق إليه الاحتمال يسقط عنه الاستدلال" صحيحة لأن ما يمكن أن نشك فيه، لا يصح العمل به.
لكن بدلا من الفحص والنقد، استقرت كثير من مدارس الفقه الإسلامى على العكس، فقالوا إنه يجوز نسخ أحكام كتاب الله بالسنة!! قال بذلك مالك وأبو حنيفة.
ووصل الأمر بالإمام الغزالى فى الاعتقاد بجواز "نسخ القرآن بالسنة.. لأن الكل من عند الله"!!
تغليب أحكام النبى (ص)، على أحكام كتاب رب النبى (ص).. أكثر من مجرد أزمة!!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة