كانت فى بلدة من البلاد فى العصر القديم أمير يحكمها ويديرها، وكان اسم هذه البلدة ( كفر العتيبة)، وكانت أكثر الناس يطلقون عليها لقب "الكفر" وكان اسم الحاكم فى هذا الوقت الأمير "سيف الدين العراقى" كان من العراق وكان من أكبر عائلة فى العراق وهى عائلة ( السيادة ) لقبت هذه العائلة بهذا اللقب لأن كل فرد من هذه العائلة ينبت شجاعاً وقويا وشريراً، فتختاره الحكومة لتعينه حاكما فى أى بلدة.
فكان "سيف الدين العراقى" من هذه العائلة فاختارته الحكومة لكى يحكم بلدة
( كفر العتيبة ) فهل كان طيبا مع أهلها أما العكس؟
الإجابة: كان شريراً فى الأصل ديب يأكل من لحم الفقراء والمساكين والمحتاجين ويستقوى على الغنى فكان يأخذ شهرية من كل فرد فى ( كفر العتيبة ) وهى 200 ريال، وكان منظم شارع له وكان يسميه ( حد السيف ) فكان يحكم ( حد السيف ) على كل من يوجد عنده أنعام أو إبل.
وفى مرة فلاح يسمى "عبد السميع" كانت امراته قريبة على وضع طفل وكانت تسمى "صالحة"، فكان "عبد السميع" فقير جدا جدا فخاف أن يقيم عليه شرعه الذى وضعه لإنجاب طفل جديد وهو لو أنجب ولد يأخذ مائتان وخمسين ريالا ولو أنجب بنتاً يأخذ مائة وخمسين ريالا، فوضع خطة وهى عندما يولد المولود يخفوه عن أعين الأمير.
وعندما ولد المولود جاء ولد فاشتد خوف "عبد السميع وزوجته " وقالا لو علم الأمير لأخذ منا المنزل والأرض ولم يكن لديهما شىء فأخفيا الخبر، ولكن لسوء الحظ سمعت امرأة تدعى مريم هذا الكلام فذهبت إلى الأمير وأخبرته بكل شىء فأمر بأخذ كل ما يملكه عبد السميع وزوجته وأن يضرب عبد السميع ضربا شديداً ثم يحكم بجلده أربعة عشرين جلدة ثم فصله من عمله ثم يقوم بتعذيبه.
أما امرأته فتجلد اثنتى عشرة جلدة ثم يتم حرق وجهها ليكونا عبرة لكل من يفكر أن يخفى خبرا، أما عن الطفل فأمر الأمير بأن يتبناه رجل وامرأة غير قادرين على الإنجاب، وكانت نهاية الأب " عبد السميع " أنه مات من شدة الضرب والتعذيب وأما عن زوجته " صالحة " صاحبة الوجه الطيب فأحرق وجهها وأمر الأمير أن تأخذها امرأه تسمى أم زيد الوهبى فى بيتها ، أما عن الطفل فاللذان تبنياه هما أبو الفضل ومؤمنة واختارا الاسم للطفل ( وحيد ) وقاما بتربيته على أحسن وأكمل وجه وقاما بوضعه فى مكتب تحفيظ القرآن حتى بلغ 7 سنوات وفى يوم من الأيام سأل " وحيد " أبيه وأمه وقال : لماذا يا أهلى سميتونى ( وحيد ) ؟
فنظر الأب والأم إلى بعضهما فى اندهاش فقال ( وحيد ): عندما سألت الشيخ قال لى : الوحيد يا بنى عندما يسمى هذا الاسم يكن محروما من الأب فهذا يكون وحيدا ، أمامن حرم من الأم فهذا يكون وحيد من حنانها .
ثم ذهب (وحيد) يلعب، ففجأة رأى ( وحيد ) الناس تهتف وتقول عاش ( سيف الدين ) ويكرر الهتاف مرة تلو الأخرى، فعندما سأل فرد من الناس لماذا تهتفون بهذا الاسم ؟ قال : أنت من أى كفر؟ قال أنا من " كفر الزياد " فرد عليه : هذا أميرنا من " كفر العتيبة " وأنت أيها الطفل صغير ولاتعمل فاذهب.
ذهب وحيد إلى أبيه وأمه وقال لهما ؟ متى سأكون رجلا ؟ فردا عليهما : عندما تكبر وتعمل فقال : لا لا لا إننى أرى أطفال فى سنى يعملون لماذا أنا لم أعمل ؟ فقال الأب : سمعا سمعا لكن أنت يا " وحيد " ستعمل فى أى شىء ؟ لو عملت فى الأسواق ستضرب وتهان من الذين أكبر منك سناً وعقلاًـ فرد عليه : لا يا أبى سأعمل كما الذين يعملون من سنى ، سأعمل بائع حطب فرد عليه : إنه عمل صعب فقال : لا ، فرد عليه : خذ 20 ريالا وأحضر بها حطبا فقبل " وحيد " أبيه وعمل فى عمله وكان معه عشرة أحطاب وكان ثمن الحطب الواحد الحقيقى ريالين فجلس يعمل ويعمل حتى ينتهى آخر اليوم بأربعين ريالا مكسب له من عمله وشقائه وتعبه، وظل على هذا العمل حتى بلغ أربعة عشر عاماً فكان شاب جميل وذكيا، فكان فيه صفات جميلة جداً جداً وهى ( الصدق والأمانة – العدل – الحب – طيبة القلب – العزه – الأمل – الهدى ).
وفى يوم جلست أمه "مؤمنة" والأب "أبو الفضل يتسامران سويا عن حكاية "وحيد "، فى ذلك الوقت كان وحيد يسمعهما سراً. فقال لهما : أعطيانى عنوان أمى الحقيقية.
فأعطاه "أبو الفضل" عنوان أمه ثم ذهبوا جميعاً إليها فوجدوها فى حالة متأخرة فطلب " وحيد " لها الطبيب فقال : إنها عندها مرض نفسى شديد فعندما سأل " أبو الفضل " الدكتور لماذا ؟ قال إنها حزينة حزناً شديداً على شئ ثمين وكانت تقول : ولدى ولدى محروس فقال وحيد : إنها كانت تسمى ولدها محروس قالت : نعم ، فعندما دخل عليها وجدها تقول : ارجعلى يا محروس فقال لها : أمى صالحة ، أمى حبيبتى فنظرت إليه ثم شقت قميصه لتتأكد من شئ فعندما لقيت علامة على صدره قالت : محروس ولدى فحضنها وحضنته
ثم ماتت الأم أمام عين وحيد ثم فكر وحيد فى هذا الكلام وهو يدمع وعرف أن ( التسامح حياة ) كبر " وحيد " فى عمله كان يعمل أولاً بائع حطب كبر وكبر حتى ذاع صيته فى الأسواق الكبيرة وبلغ الحادية والعشرين من عمره وهو تاجر كبير يساعده أبيه
" أبو الفضل " وأمه " مؤمنه " ويشجعانه ففى مرة استدعت المرض على الأم مؤمنة وهى كاتمة فى نفسها حتى رآها "وحيد" وهى متوفاة على سريرها وظل عند أبيه " أبو الفضل " جلس يدمع ويدمع حرم من أمه الأصلية وهو صغير ومن حنان أمه الثانية وهو كبير وكان يشجعه " أبو الفضل" أبيه.
وفى يوم من الأيام قال " أبو الفضل لوحيد " : أنا أحبك فرد عليه : وأنا أكثر منك فرد عليه قائلا : أنا وضعت لك فى البنك 5000 دينار (خمسة آلاف دينار ) فرد عليه : لى أنا ، أنا لم أستحق كل هذا أنت أبى وأنت كل شىء فرد عليه : أمنت لك مستقبلك وارتحت وأنا كمان اخترت لك شريكة عمرك فقال له : هذا كثير كثير جداً فرد عليه : لا كثير عليك وتزوج " وحيد " من امرأة تسمى " شيماء " امرأة صالحة وكريمة وأنجب ابنتين وهما ( صالحة ومؤمنة ) وعاش وحيد فى حياة سعيدة بعدما قابلته صعوبات وعقوبات كثيرة، وعرف قيمة التسامح.