نقلا عن المصرى اليوم
نشرت الزميلة المصرى اليوم مقالا للناشط الحقوقى نجاد البرعى عما نشر باليوم السابع تحت عنوان "بالصور.. عاملة بمدرسة تقبل يد الجمل لتعيينها" وفيما يلى نص المقال:
لا أعرف لمن أهدى تلك الصورة التى نشرتها جريدة «اليوم السابع» الإلكترونية فى عددها الصادر ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٩ قبل يومين فقط من افتتاح المؤتمر السنوى للحزب الحاكم، الصورة لسيدة فقيرة، وقد انحنت فى وضع مذل مُقَبلة يد السيد وزير التربية والتعليم.
وفقا للجريدة فإن السيدة هى عاملة نظافة فى مدرسة "ههيا" التجريبية بالشرقية، وتعمل بعقد مؤقت ويبلغ راتبها الشهرى ثمانية وسبعين جنيها!، لم تطلب تلك السيدة زيادة فى راتبها، ولكن كل ما طلبته - وهى الأرملة التى تعول أسرتها - أن يتم تعيينها بشكل دائم فتضمن عدم فصلها تعسفياً، مما يبقى على أملها فى تقاضى ذلك المبلغ المتواضع الذى لا يساوى مصروف جيب يومياً لطفل من أطفال رجال أعمال هذا الزمان- شهريا. لا أعرف كيف تحمل ضمير الوزير الأمر، وكيف قضى ليلته.
وما الإجراء الذى اتخذه لتهدئة خاطر تلك السيدة الملتاعة، ولكننى أعرف فقط أنه بعد أربعة أيام من نشر تلك الصورة وقف أمين تنظيم الحزب الوطنى أحمد عز بحلته الإيطالية الفاخرة وحذائه الأنيق وأظافره المطلية يتكلم عن إنجازات حزبه، التى لا يشعر بها أحد، ويتحدث عن أرقام تؤكد أنه وقيادات حزبه يحتاجون إلى كثير من الوقت ليعرفوا حقيقة الأحوال فى البلاد التى يتحكمون فيها بقوة القهر، وسلطة التزييف.
وللتذكرة فإن أمين تنظيم الحزب الوطنى هو ذاته الرجل الذى قال عنه جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار إنه «يملك عن طريق مجموعة شركاته وضعا مسيطرا على سوق حديد التسليح فى مصر على النحو الذى حددته المادة الرابعة من قانون حماية المنافسة».
فالرجل وحده يملك ٥٨% من طاقة إنتاج الحديد، وأقرب منافسيه هو مصنع بشاى للصلب حيث لا يمتلك من السوق إلا ١٦.٨%، بينما هناك شركتان صغيرتان تمتلك كل منهما ٥% فقط من طاقة الإنتاج. وأحمد عز هو الشخص ذاته الذى استغل منصبه كزعيم للأغلبية البرلمانية للحزب الوطنى فى نهاية دور الانعقاد العادى الثالث يونيو ٢٠٠٨، وأعاد مناقشة إحدى مواد قانون منع الاحتكار– بعد إقرارها- من أجل تخفيض العقوبات على الممارسات الاحتكارية.
وهو نفسه الذى استغل منصبه البرلمانى كرئيس للجنة الخطة والموازنة، فدفع البرلمان فى ٦ مايو ٢٠٠٨ إلى رفع أسعار العديد من السلع على رأسها السولار والبنزين، والسجائر، وغيرها، مستلبا من المصريين مبلغا أكبر بكثير من علاوة الـ٣٠%، التى كان الرئيس مبارك قد قررها لهم قبل ستة أيام فقط فى عيد العمال!!.
لا أظن أن أحدا من أعضاء المجلس الأعلى للسياسات الذى يدير الحزب الوطنى والحكومة والبرلمان سوف يحفل بعاملة "ههيا"، فمنذ أقل من سبعة أشهر- نهاية أبريل ٢٠٠٩ - انفردت «المصرى اليوم» بنشر صورة لسيدة فقيرة من دهشور تقبل يد نائبة رئيس وزراء أسبانيا التى كانت تقدم منحا للفقراء لا تزيد على ١٥٠٠ جنيه مصرى، فلم يتحرك أحد ليسأل كيف وصلنا إلى هذا الحد؟.
وكيف ضغط الفقر والحاجة على المصريين حتى باتوا يتسولون ما يقيم أودهم ولو بتقبيل الأيادى؟
ما يحدث للمصريين من إذلال اقتصادى- غير الإذلال السياسى- هو نتيجة مباشرة لسياسات الحزب الوطنى الذى تبين– وفقا لـ«المصرى اليوم»- أن ٣١% ممن يصنعون سياساته هم من رجال الأعمال الذين استطاعوا أن يسيطروا على السلطة والثروة فى بلد أصبح يحتل بفضل سياساتهم المركز ١١٥ من ١٨٠ دولة فى ترتيب مدى انتشار الفساد، ويسيطر ١% من سكانه على ٤٠% من دخله القومى، لن يجدى الحزب الوطنى لغسل عار خطاب أحمد عز المتكبر المغرور السليط أن تقول عائشة عبد الهادى إنه «عار تماما عن الصحة».
ولا أن تعترف وزيرة القوى العاملة بأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى مصر متدنية للغاية، ولن يجدى الحزب أن تكتب لميس الحديدى - أحد اللاعبين الأساسيين فى الحملة الرئاسية الماضية - فى «المصرى اليوم» تطالب بعض قيادات الوطنى بأن يذهبوا لأى طبيب عيون قد يستطيع علاجهم فيرون الأوضاع كما هى لا كما تصورها لهم آراء المغرضين.
عار هذا الخطاب وتوابعه ستظل تلاحق قيادات الوطنى ممن يحمون أحمد عز ويحملونه على رقاب المصريين أينما كانوا وكانت مواقعهم، وصورتا سيدتا دهشور "وههيا" ستظلان محفورتين فى وجدان المصريين ترسمان صورة حقيقية للفكر الجديد الفكر الذى قاد المصريين إلى تقبيل الأيادى، أى أيادٍ من أجل كسرة خبز أصبحوا لا يجدونها ويتقاتلون عليها أمام الأفران.
موضوعات متعلقة..
بالصور.. عاملة بمدرسة تقبل يد الجمل لتعيينها
البرعى يعلق على ما نشر عن وزير التربية والتعليم باليوم السابع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة