أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

من هو رئيس مصر القادم؟

الجمعة، 06 نوفمبر 2009 07:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يثار فى مصر حالياً، تساؤل مخيف مزعج عن من هو الرئيس القادم ليحكم مصر بعد الرئيس مبارك؟ هناك العديد من الأسماء التى ترددت فى الصحافة المصرية وداخل الأحزاب المصرية الهشة وبعضها ما نشرته جريدة المصرى اليوم نقلاً عن رويترز بأن السيد جمال مبارك، والسيد اللواء عمر سليمان، والدكتور محمد البرادعى، والدكتور عمرو موسى، والدكتور أيمن نور مرشحون محتملون لانتخابات الرئاسة، كما تردد فى الفترة الأخيرة أسماء أخرى منها الدكتور أحمد زويل. وغيرهم من الأسماء أياً كانت قدراتهم.

فأى من هؤلاء يصلح لأن يحل محل الرئيس مبارك فى حكم مصر؟، وإذا كان ليس واحداً من كل هؤلاء؟، فهل هناك أى شخص آخر مهما كانت كاريزميته وقدراته وخبراته يمكنه أن يقوم بمهمة رئيس جمهورية مصر؟

وللإجابة على هذا السؤال علمياً، وعملياً نبدأ باستعراض الإمكانية الشرعية لوجود أى شخص يكون له شرعية الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة سنة 2011.

نظام الحكم فى مصر نظام مركزى يحكم عن طريق دستور شرعى ينظم العلاقات ولا بد للرئيس القادم أن تنطبق عليه الشروط الواردة بالمادة 76 بالدستور المصرى، والتى تنص على: ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر، ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبى محلى للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل. ويزداد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسى الشعب والشورى ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أى من هذه المجالس. وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح ، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله.

ولكل حزب من الأحزاب السياسية التى مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح، واستمرت طوال هذه المدة فى ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها فى آخر انتخابات على نسبة (3%) على الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى، أو ما يساوى لك فى أحد المجلسين، أن يرشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسى متى مضت على عضويته فى هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل، واستثناء من حكم الفقرة السابقة، يجوز لكل حزب من الأحزاب السياسية المشار إليها، التى حصل أعضاؤها بالانتخاب على مقعد على الأقل فى أى من المجلسين فى آخر انتخابات، أن يرشح فى أى انتخابات رئاسية تجرى خلال عشر سنوات اعتبارا من أول ٢٠٠٧، أحد أعضاء هيئته العليا وفقاً لنظامه الأساسى متى مضت على عضويته فى هذه الهيئة سن.

ووفقاً للشروط الواردة بالنص الدستورى أعلاه، فلن يستطيع عضو فى البرلمان الحالى الترشيح فى الانتخابات الرئاسية القادمة إلا السيد جمال مبارك، خاصة وأنه بشرط أن يكون الحزب حاصلاً على 3% من أعضاء الشعب والشورى، واستثناء لمدة عشرة سنوات أن يكون للحزب مقعد واحد فى الانتخابات القادمة ويكون الحزب قد مضى عليه سنة ولهذا لا تنطبق الشروط السابقة إلا على الحزب الوطنى.

إذا كان الأمر كذلك ووجدنا الشخص الذى قد تنطبق عليه شروط المادة 76 من الدستور أو حتى تم تعديل تلك المادة لتناسب عدد أكبر من المرشحين المتوقعين، فهل يوجد شخص واحد من كل هؤلاء أو من غيرهم فى مصر أو فى غير مصر يستطيع أن ينجح فى حكم مصر بعد الرئيس محمد حسنى مبارك؟.

بالقطع يستحيل أن نجد شخصاً واحداً يحكم مصر فى ظل الظروف الحالية التى ورثها الشعب المصرى منذ حكم عبد الناصر مروراً بحكم الرئيس السادات إلى الرئيس مبارك وكان هذا هو قدر مصر منذ ثورة 1952.

وتكمن مشكلة إيجاد الرئيس المناسب فى ثلاثة أمور:
1- إيجاد الرجل المناسب الممكن ترشيحه دستورياً والذى تنطبق عليه الشروط، بالمواصفات المطلوبة لمواجهة المرحلة القادمة من تاريخ مصر من تطوير وإصلاح وتنمية وشفافية وهذا يتطلب رئيساً بمواصفات شخصية خاصة علمياً.

2- ترتيب البيت الداخلى لمصر إدارياً وشعبياً وتجهيز المجتمع للمشاركة فى الكفاح بقيادة ذلك الرئيس للوصول إلى ما يصبو إليه الشعب المصرى والعودة بمصر إلى أن تكون دولة عظيمة رائدة، قوية لا تحتاج لمساعدات من أحد.


3- إيجاد الجهاز الحكومى المناسب، والنظام السياسى الذى يصلح لحكم مصر ونقترح أن تكون مصر دولة رئاسية برلمانية ديمقراطية، تحكم عن طريق مؤسسات دستورية عادلة شفافة، تفصل فيه السلطات بالكامل السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية"، وأجهزة رقابية تشمل السلطة الربعة وهى الصحافة.

أما بالنسبة لمواصفات الرئيس المناسب، فقد يقال أن الرئيس ذا الكاريزما هو الرئيس المناسب الناجح، وهو قول غير صحيح، وإلا كان يمكنهم الاستمرار إلى ما لا نهاية على قمة مؤسساتهم أو دولهم.

ولذلك فإنه من المؤكد أن الموهبة، والمهارة والتدريب، والثقافة الإدارية الجيدة تعتبر من العوامل الهامة لاستمرار النجاح فى الإدارة، علاوة على تطبيق الأساليب الحديثة والنظريات العلمية فى الإدارة، على الدول بدرجة أكبر من المؤسسات، بصفة مبدئية، لكى ينجح الرئيس فى تحقيق الأهداف وأداء وظائفه المختلفة بكفاءة عالية، وحتى يساهم فى التغلب على مشاكل الفقر والجهل والمرض، فإنه يجب أولاً أن يكون قادراً على أن يختار القادة المناسبين الأكفاء لقيادة مسيرتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والعسكرية والأمن القومى، وأن يساعدهم على أداء مسئولياتهم بنجاح، ويستطيع التأثير فى الأفراد والمجموعات من خلال المؤسسة التى يحكمها أو يديرها، ويساعدهم فى وضع الأهداف، ويدلهم ويقودهم فى اتجاه تحقيق تلك الأهداف، وبذلك يجعلهم فعالين ومؤثرين.

وعلى هذا تكون إدارة الدولة: هى مفهوم جماعى، فلا يوجد رئيس بدون مرؤوسين يديرهم لتحقيق أهداف معينة، وفى سبيل تحقيق ذلك يستخدم التأثير لقيادة المرؤوسين، ويعتمد على الإقناع ببرامج معينه لتحقيق أهداف معينة، فإدارة الدولة هى عبارة عن أهداف مخططة، يتعاون فى تحقيقها الرئيس والمرؤوسون فى الدولة والمؤسسة، ويستمد نفوذه فى إدارته للمرؤوسين موقعه الوظيفى فى دستور الدولة، ويتعين على القائد المؤثر عند معالجة الموقف القيادى المعين، الأخذ فى الاعتبار، العوامل غير المتوقعة (الأزمات) التى يمكن أن تواجه القيادة، ويوضح الرؤيا المستقبلية التى تثير الآخرين، للعمل لتحقيق تلك الرؤيا، ويكون له القدرة على فهم مجموعة مترابطة من القيم والاعتقادات والعادات والسلوكيات المشتركة بين أفراد الأمة، أو الدولة.

إن السبب فى الورطة التى تواجهها مصر ونظام حكمها حالياً إنما ترجع إلى ظروفها السياسية والاجتماعية والعسكرية منذ ثورة 1952، حيث قامت الثورة بعد قيامها بالاستغناء عن أهل الخبرة واستبدالهم بأهل الثقة فى جميع المجالات بالدولة، ثم قامت بتأميم المنشآت الاقتصادية، وتعيين أهل الثقة فيها لإدارتها، مما أفقدها القدرة على النجاح والإبداع، حيث إن أهل الثقة لا يتمتعون بالخبرة والدراية بقواعد الإدارة، ووقعت مصر فى دائرة حروب إقليمية أدت إلى اهتمام قيادتها العسكرية بالأمن القومى بالدرجة الأولي، لحماية مصر من الاحتلال الإنجليزى الفرنسى ثم الاحتلال الإسرائيلى، وكان من نتائج ذلك تركيز القيادة بالكامل فى يد القائد الأوحد المسئول عن تحرير الأرض والدفاع عن الأمن القومى، وبالرغم من المشروعات الاقتصادية التى حاولت الثورة إقامتها وأقامت بعضها بالفعل أنه قد غلب عليها الطابع العسكرى والمركزية المطلقة، وانتقلت المركزية المطلقة من الرئيس جمال عبد الناصر بفعل الظروف العسكرية والاجتماعية والدستورية إلى الرئيس محمد أنور السادات، الذى حافظ على الأمن القومى، ثم الرئيس محمد حسنى مبارك بصفته العسكرية والرئاسية وكان كل اهتمامه هو الأمن القومى، فتوقفت التنمية الاقتصادية تقريبا منذ حرب 1967 إلى حين بدأها ثانية الرئيس محمد حسنى مبارك بعد تحرير باقى تراب سيناء، وصولاً إلى حكم مدنى ديمقراطى، ولكن أصبح الحمل ثقيلا، لا يقدر عليه إلا رجل عسكرى من الثلاثة عبد الناصر والسادات ومبارك، فهل يوجد شخصية عسكرية عاشت خبرات، وتحملت مسئوليات الزعماء الثلاثة.

بالطبع لا يوجد وحتى إن وجد، فإن الحكم المركزى لم يعد يصلح لمعالجة جميع الثغرات الإدارية فى حكم مصر، ولم يعد تعداد سكان مصر مناسباً، لأن يحكم بطريقة مركزية.

لذلك فمن الضرورى والحتمى، أن تحكم مصر عن طريق نظام دولة المؤسسات الذى نادى به الرئيس محمد أنور السادات، وذلك بتطبيق الخطوات التالية:

• يجب على جميع المواطنين الذين ينطبق عليهم قانون الانتخابات أن تكون لديهم بطاقات انتخابية عن طريق فرض غرامات مرتفعة لمن لا يحملها.
• فرض غرامات مرتفعة على من لا يذهب للإدلاء بصوته فى الانتخابات المحلية والنيابية.
• توعية الشعب بحقوقه الدستورية، وبأهمية اختيار الرجل الناسب فى المكان المناسب.
• تفعيل مؤسسات الدولة الدستورية وأجهزة الرقابة المالية والإدارية على أداء الحكومة.
• عدم رئاسة رئيس الجمهورية لأى حزب سياسى وعدم تدخله فى الحياة السياسية.
• إطلاق حرية تكوين الأحزاب التى تقوم على غير أى مرجعية دينية، ووضع تشريع يجرم من يشترك فى السياسة بمرجعية دينية وتطبق عقوبات رادعة على من يخالف هذا الشرط.
• تعديل المادة 76 من الدستور حتى يمكن أن تعود مصر لدستور 1923 أو أى دستور مناسب يمنع الترشيح لأكثر من مدتين لرئيس الجمهورية.

بعد ذلك لا يشترط أن يكون رئيس مصر سوبرمان ولا خارق للعادات، لأن أى شخص واحد يحكم مصر بطريقة مركزية سيفشل ويطيح بالبقية الباقية من أى أمل فى مستقبل مصر وشعب مصر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة