كثيراً ما نمتلك مبررات لردود أفعالنا، وقضية عادلة لا تستحق المثول أمام القضاء إلا لساعات، لكن نتيجة لردود أفعال غير مدروسة موسومة بالاستعجال استوجب بقاؤها لأعوام.
هذا ما يحدث على مسرح الأحداث فى العالم، غابت روح العدالة وانعدم الحوار والقصور فى أناس ممن يحملوا على عاتقهم قضايا شعوبهم من الناحية الإدارية والتسويقية، بالإضافة للاستفزاز والضرب من تحت الحزام من قِبل الخصوم وغيرها أسباب لوأد القضية.
ومن الحقائق أن الأنظمة العربية ضعيفة والهيكل العام هش لدرجة الانعدام، وبالرغم من مقت شعوبهم لهم لم يزل بقاؤهم. وبقاؤهم ما هو إلا نتيجة حتمية للوهن المحيط بالفرد والمجتمع، فهم – أى الأنظمة – قادرون على اختلاق وبث الخلافات بين صفوف الشعب، وكلما علا صوت ينشد الإصلاح تكالبت عليه أشباح الشائعات والتهم.
والقاعدة الشرعية المعروفة البينة على من ادعى واليمين على من أنكر لا محل لها من الإعراب بين شعوب عانت من الشعارات، شعوب تخشى من المجهول والتغيير المغلف بالظنون مما أثقل عبء المصلحين وزاد من قوة أوتاد المضللين.
وفى عالم يحكمه الإعلام واختلط فيه الصدق مع الكذب بلا ميزان لا يكفى أن تمتلك قضية وتحشد قوة الشعب لتغيير ما يستوجب التغيير، عالم تحكمه البندقية وتلاشى فيه معنى الفروسية، والأنظمة تتغذى على التلاعب بالمشاعر والعزف على أوتار المنابر والعقائد.
وفى المقابل وجود تيارات دينية جامدة تلعب دور الوصاية على سلوك الفرد فى محيط وخصوصية الفرد، وتسعى لإصلاح المجتمع بتقييد الفرد مما ساعد على النفور من مركب النور إلى المجهول والارتماء فى أحضان نماذج لأفكار مستوردة أو الاكتفاء بالمتابعة والمشاهدة، مما ساهم فى تعميق الفجوة بين الشعوب المغلوبة على أمرها والمشغولة بأمور معاشها وبين المصلحين الصادقين وقد مُزق شملهم وحيل بينهم وبين شعوبهم. نظام جميع المدخلات فيه بحاجة إلى إصلاح الأكيد أن العمليات مهما بلغة من الإتقان لن تؤدى إلى مخرجات صحيحة.
إن واجب المصلحين أن يمهدوا الطريق ببناء الإنسان وتعزيز ثقة الفرد بنفسه ومحيطه وإمكانياته وتطوير قدراته ومعرفة حقوقه وواجباته واستحداث كيان يلم شمل المصلحين، كلها وغيرها من الأسباب لن تؤدى إلى نتائج على المدى القصير أو المتوسط ولكنها على المدى الطويل ستسهل المهمة لقادم الأجيال.
