أكبر لعبة سياسية فى يد المغرضين هى كرة القدم من بين كل الرياضات..
ذلك أنها أكبر شعبية ولقد وظفت بشكل مريب وغريب.. لتشغل الناس عن قضاياهم المصيرية..
إلى درجة أنها صارت شرطا أساسيا فى مبدأ: "فرق تسد".. ومبدأ "الفوضى الخلاقة" المبدعة المفرجة عن المصالح التى لن تكون فى صالح الشعوب..
ما كنت أتوقع أن أشارك فيما يضر شعبا واحدا شقيقا.. مصر ـ الجزائر..
ومازلت أتأسف على ما يحدث إعلاميا بين الشقيقين..
نحن أمة لا تستفيد من التاريخ..
قرأنا ..ثم نسينا أن الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان.. شغل الناس عن الأحزاب السياسية المناوئة له.. بتشجيع الشاعرين.. الفرزدق.. وجرير..
ولو على حساب التحلى بالمبادئ الإسلامية، وإثارة النعرة الجاهلية وقيمها المبادة نهائيا من على الخارطة الإسلامية.. التفاخر.. والتباهى.. والسب.. والشتم..
حتى بلغ الأمر بجرير يقول:
ضعوا كحلا، ومجمرة، وعطرا.. فلست يا فرزدق بالرجال
وفى موضع آخر:
كان رجل اسمه مربع قد شتم الفرزدق.. وقدّم شعر جرير عليه.. فتوعّده الفرزدق بالقتل متى عثر عليه.. وكان الفرزدق قصير القامة.. يقول ولا يفعل.. على عادة كثير من أبناء زماننا.. فقال جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربع.. فأبشر بطول سلامة يا مربع.
وها هو عبد الملك بن مروان يعود من نافذة كرة القدم..
فهل نحن نعانى ـ فعلا ـ من الجهل والتخلف الحقيقى؟؟؟؟
وهل عبد الملك الذى عاد فى ثوب "الفوضى الخلاقة" مازال أذكى من الجماهير؟؟
من المفروض.. هذه مجرد لعبة تسلية.. الإنسان مطالب بممارستها.. لا تضييع كل أوقاته فى الحديث عنها..
والغريب..
أن أبناءنا يعرفون كل لاعبى كرة القدم فى العالم.. ويعرفون كل المغنيين.. والممثلين.. ولا يعرفون كاتبا.. أو صحافيا.. أو شاعر رزين..
هذا حاضر.. فما بالك بالماضى وما يحويه من سير أبطال..
يحتاج الفريق المصرى أن يربح بفارق ثلاثة أهداف كحد أدنى ليتأهل للنهائيات.. وهى مهمة تبدو شبه مستحيلة، خاصة أمام فريق عتيد وله سمعته مثل الفريق الجزائرى.. وإن كانت كرة القدم لا تعترف بالحسابات وإنما بالمفاجآت والكرة مستديرة على كل حال.
من جهة أخرى يحتاج الفريق الجزائرى لخسارة بهدف كحد أقصى ليصل وهى مهمة تبدو سهلة وميسورة والتكتل للدفاع أمام المرمى يضمنها إلى حد ما.. من هنا فإن الحماس الزائد والاندفاع فى الشحن المعنوى الذى قد يصل لحد التجاوز على الجانب المصرى قد يفسر تلك الحالة العصبية التى عليها الإعلام المصرى اليائس تقريباً من إمكانية تحقيق الهدف، ولكن ما ضرورة الانفعال على الجانب الجزائرى، وهو بالحساب يبدو الأقرب لتحقيق الهدف؟.. ولماذا نجعل من مباراة كرة قدم وقوداً يشعل العداوة والبغضاء بين الأشقاء.. فليصل الأكثر توفيقاً، لأن المؤكد أننا جميعاً وبعد أيام قليلة ستتبدل مواقفنا ونشجع الرابح بالمباراة الفاصلة، لأنه منا ونحن منه، ستنتهى المباراة وسينتهى كل شىء بعدها ولن يبقى بيننا بهذه الصورة المؤسفة سوى المرارة مما قلناه وسمعناه.. فلنجعلها فرصة للتآخى والتحاب والاجتماع على مشاهدة مباراة قوية تذخر بفنون اللعبة، أما النتيجة فلا ينبغى أن نفكر فيها.. فلتكن أى شىء، المهم أن نحافظ على ما بيننا من أواصر الأخوة والحب.
لنتكلم بصراحة، هذه المباريات تفرز الأمراض التى نعيشها خلال مجتمعاتنا المفككة، فليس المشكلة فى المباراة لكن المشكلة بالعقليات.
المفروض أن تقرب الرياضة بين الشعوب لا أن تفرقها.
إنها وسيلة للتعبير عن الود والصداقة، فمثلا إذا غضب أحد نقول له كن "سبورت"، أى رياضيا، أى لا حاجة إلى الغضب، وكذلك تعنى لا تجرح المقابل بملاحظاتك.
المهمة تقع على الإعلام وعلى الجهات المنظمة بأن تستثمر هذه اللقاءات الرياضية لتقريب وجهات النظر بين الشباب العربى المؤمن بتعاليم الإسلام الحنيف.
نعمان عبد الغنى يكتب: لا.. لإعلام يشعل العداوة والبغضاء بين الأشقاء
الخميس، 05 نوفمبر 2009 01:32 م