محمود عيد يكتب.. مواطن.. مرفوع بالضمة

الخميس، 05 نوفمبر 2009 12:14 م
محمود عيد يكتب.. مواطن.. مرفوع بالضمة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائما ما نختلف مع من حولنا... مع الحكومة... مع أنفسنا... مع ضمائرنا إن وجدت.. لكن يجمعنا شىء واحد لا يمكن الاختلاف عليه... هو الوطن ....فإن ضاعت معانى تلك الكلمة ضاعت معها معانى وأحاسيس كثيرة.....بل ضاع معها مستقبل أولادنا.. ضاع معها ماض رسمناه بدماء شهداء أحرار..... دفعوا له كل ما يملكون من غال ونفيس... لم يبخلوا بأرواحهم ليرسموا مستقبلا مشرقا لمن بعدهم... وقد تعجبت لأفكار الناس من كثرة الضغوط عليهم... فمنهم من ينوى الرحيل ويتمناه وبلا عودة... ومنهم من يكره ذكر اسم الوطن... ومنهم من لو خرج من وطنه فلن يندم ولن يفكر فى العودة.... ومنهم من يتمنى تدميره أو الخلاص منه... ويأتى سؤال يلح على رأسى ويلاحقنى.... وتزدحم الأفكار بداخل جمجمتى... فمن حولنا إلى هذا؟... من الذى دفع بنا جملة واحدة إلى التفكير نفسه...؟ من روى فينا الإحساس بالغربة ونحن فى أوطاننا...؟ أليست هذه الأسئلة كافية وحدها بتدمير عقل أى مفكر...؟ وأن تشل تفكير أعتى المتخصصين فى العلوم الإنسانية؟ و تنحصر الإجابة ....فى فاعلين ... الفاعل الأول.. هو... المواطن نفسه وعدم رغبته فى تكوين قدوة له من الماثلين أمامه وفى تكوين حرية الفكر.. فهناك مواطن حر بتكوينه لشخصية حرة، وهناك أيضا مواطن نما وكبر مستعبدا ويتمنى العيش هكذا... ليس يأسا من الخلاص.. وإنما حبا فى العبودية... فهو لم يعتد الحرية..!!! و ينقسم المواطن داخل هذا الوطن إلى ثلاثة أقسام ... مواطن مجرور بالكسرة... نسبه إلى كسر نفسه فى إحدى محاولاته العيش بكرامة ولم يجد لها إصلاحا فهو مجرور بحرف جر كبير كاف بأن يجر أمثاله ممن ليس لديهم قدرة على المقاومة ،ومستسلمين لحرف الجر ولا يعلمون إلى أين يجرهم...!!! و مواطن منصوب بالفتحة ... نسبة إلى أنه نصب له ميزانه قبل الأوان من كثرة اليأس والحيرة وعدم حصوله على ما يكفيه هو وأولاده فهو دائم النصب على غيره حتى يستطيع العيش وتفتح عليه أبواب المحاكم ... حتى يلقى فى غياهب السجون ... مستسلما أيضا. ومواطن مرفوع بالضمة ... وهو من ضم يديه على أموال البنوك ورفعها إلى حيث لا تطولها يد الحكومة أو المتطفلين من أمثال المواطنين المجرورين و المنصوبين وهو دائما مرفوع الرأس و الهامة و يشعر بفخر لحصوله على حقه أو يزيد لتأمين مستقبل المرفوعين الصغار حتى لا يضمهم الفقر فيكسروا أو ينصبوا ...

أما الفاعل الثانى فهو الحكومة بثباتها و قدرتها على الصمود أمام شعب و أمام إرادة كانت قوية وطمستها الحكومة كما طمست ماضى وطن كامل ...قدم أبناؤه قربانا ليحمل لقب وطن ...بل يحمل لقب المفعول لأجله .. وأصبح المواطن بعد أن كان هو الفاعل ...مفعولا به.. وهرب العلماء لتتلقفهم أوطان أخرى علهم يغرسون جذورهم بها أملا أن تثبت أو أن تمتد منها فروع تنجب أوراقا خضراء يانعة ... ثمرها ينفرج عن بتلات تلقى حباتها بنفس الأرض لتكون فروعا أخرى ترى وطنا آخر يداعب أبناءه بحب وحنان يضمهم بين يديه ... يبحث عن غائبهم حتى لو فى أوطان أخرى فإن لم يجده يبحث عن جثته فإن لم يجدها يبحث عن أشلائه حتى يدفنها فى وطنه الأم ... وتحولت الحكومة من فاعل .. إلى مضاف إليه ... باعتبار أن أرصدتها يضاف إليها يوميا ببنوك سويسرا ... و يظل المفعول لأجله يبحث عن أبنائه وهم لا يريدون العودة من أوطان أخرى ... أو من داخل أنفسهم ... فهذا المفعول لأجله مازال يبحث عن الفاعل الأول ليشعر بأنه وطن مثل باقى الأوطان ... وطن جاذب للفاعل ليفعل ما يجب أن يكون و ليس طاردا للمفعول فيه ... حتى لا تفعل فيه الحكومة فعلة أخرى ... فان كان ولابد أن يكون مفعولا فيه ... فبوطن آخر ... و بأرض أخرى ... و فاعل آخر ... يطعمه ويسقيه و يثنى عليه و يمنحه القوة والقدرة على العيش ... وأيضا ثمن الفعل الذى لم يحصل عليه بوطنه.....






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة