سعيد الشحات

أمين هويدى

الثلاثاء، 03 نوفمبر 2009 12:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعودت فى بعض الأحيان على قراءة الصحف من الصفحة الأخيرة، وتعودت أكثر أن أعطى صفحة الوفيات نفس القدر من الاهتمام الذى أعطيه لقراءة الصفحات الأخرى من الصحيفة، والفضل فى ذلك يعود إلى أمين هويدى الذى رحل عن دنيانا يوم السبت الماضى.

ذهبت إلى أمين هويدى فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى وأنا فى مقتبل حياتى الصحفية لإجراء حوار صحفى معه، ضمن سلسلة حوارات مع مسئولين كبار عملوا عن قرب بجوار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وحتى وقتئذ لم يكن قد تم الكشف كاملاً عن دوره العظيم فى عمليات رائدة وجليلة مثل عمليتى الحفار وإيلات، التى قامت بهما جهاز المخابرات المصرية ضد إسرائيل بعد أن أسند إليه عبدالناصر رئاسة الجهاز بعد نكسة يونيو 1967.
جلست أمامه فى منزله بمصر الجديدة، وكان غرفة مكتبه مزينة بصور لعبدالناصر، وقبل أن أبدأ معه حديثى سألنى: «هل قرأت أى مؤلفات لى؟» أجبت: «نعم»، وعددت له ما قرأته، ومن الابتسامات التى ارتسمت على وجهه، شعرت أننى اكتسبت ثقته، لكنه سألنى: «هل قرأت صحف الصباح؟»، أجبت: «نعم»، فعاجلنى بسؤال مفاجئ: «هل قرأت صفحة وفيات الأهرام؟ استغربت السؤال، وأجبت: «طبعاً لا»، فرد: «وليه بتقول طبعاً»، ثم فتح صحيفة الأهرام ليشير لى إلى نعى يلفت النظر، وخبر قصير فى الصفحة.

أغلق أمين هويدى الصحيفة قائلاً: «ضمن الأشياء التى تعلمتها من جمال عبدالناصر قراءة الصحيفة كاملة بما فيها صفحة الوفيات»، وشرح لى أنه كان فى لقاء دورى مع الزعيم الراحل، فسأله عما إذا كان قرأ الوفيات فى الأهرام فأجابه بالنفى، ففتح الصحيفة ليشير له إلى خبر موجود فى الصفحة، تم وضعه خصيصا لغرض ما، لم يذكره لى أمين هويدى.

روى الراحل العظيم القصة، لتكون مفتتحاً لحوار طويل تخللته دموع ذرفها، كلما كان يروى قصة جديدة عن أيام العطاء بلا ثمن مع الزعيم الراحل، فهو من صنف الرجال الذين أعطوا لمصر بلا حدود، منذ انضمامه إلى تنظيم الضباط الأحرار الذى قاد ثورة يوليو 1952، وشغل بعدها مناصب هامة، أهمها على الإطلاق رئاسته لجهاز المخابرات أثناء حرب الاستنزاف، وهى الحرب المنسية رغم مجدها فى صراعنا مع إسرائيل.

عاش الراحل يكسب قوت يومه بكبرياء من عرقه وكده، وعرقه كان فى مؤلفات رائدة فى مجال الأمن القومى، تصدى لتأليفها والعيش من ربحها بعد سنوات من وضعه تحت الحراسة فى قضية الصراع على الحكم بين السادات ورجال دولة عبدالناصر، والمعروفة تاريخياً بقضية 15 مايو 1971.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة