أحمد إبراهيم الفقيه: القصة القصيرة هى طفولة المبدع

الثلاثاء، 03 نوفمبر 2009 05:03 م
أحمد إبراهيم الفقيه: القصة القصيرة هى طفولة المبدع الروائى الليبى أحمد إبراهيم الفقيه
حاوره وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"لم تقف القصة القصيرة وحدهاً موقفاً متأزماً استدعى عقد مؤتمر لإنقاذ هذا اللون الأدبى مما يمر به، فالكتاب العربى، والثقافة العربية ودور النشر الخاصة، والمكتبات، كلها موضوعات تقف مع القصة القصيرة فى نفس الخندق" عن كل هذه الأشياء كان هذا الحوار مع الروائى الليبى أحمد إبراهيم الفقيه الذى يشارك فى مؤتمر القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، والذى بدأت فعالياته أمس الأول الأحد ويستمر حتى غداً 4 نوفمبر.

ما رأيك فى المشهد الثقافى العام؟
أنا أعتقد أن فيه الكثير من الحيوية، وزخم فى الكتابات الإبداعية، رواية وقصة ونقداً، ومناحى الحياة الأخرى، الأمور أفضل كثيرا مما كانت عليه.

متى كانت آخر مرة كتبت فيها القصة القصيرة؟
آخر مرة نشرت فيها قصة قصيرة من 3 أيام اسمها "فى هجاء البشر ومديح الدناصير"، وآخر كتاب صدر لى كان فى القصة القصيرة بعنوان "فى هجاء البشر ومديح الحشرات" الصادر عن دار الشروق، فلم يمض شهر على كتابة قصة قصيرة، والآن أكتب رواية أخرى.

كيف بدأت أزمة القصة القصيرة؟
القصة القصيرة ازدهرت فى فترة من الفترات، وكان الأدب الحديث قد تأسس عليها لظروف موضوعية كثيرة من بينها ضآلة حركة النشر، والمجتمعات العربية لم تكن تمدنت، فلم يكن هناك تشجيع إلا للقصة القصيرة، فلكى أكتب رواية بحاجة لناشر، وأنت كجريدة اليوم السابع لن تطلب منى رواية لتنشرها، بل ستنشر قصة قصيرة لى ولعبد المجيد وشلبى، وهكذا يظل لديك كوكبة من المؤلفين تنشر لهم، والمتعلمون فى ليبيا كانوا 5% من الشعب، ولم يمتلكوا ترف الرواية، لأن هؤلاء الناس كانوا بحاجة للعمل فى وظائف كثيرة، منها الشرطة لكتابة المحاضر، فالمتيسر دائما كانت القصة القصيرة.

لذلك فالقصة القصيرة هى طفولة المبدع، وهى مرحلة الأدب الأولى، وعملاق الرواية مثل نجيب محفوظ بدأ بالقصة القصيرة، لكن عندما صار هناك تطور أكبر، وتوفر الوقت أكثر عند الكاتب، سخره للرواية، وزادت دور النشر، وزادت نسبة التعليم، فحدثت أزمة القصة القصيرة، والقارئ أيضا أصبح يبحث عن الرواية، لأنها تلبى حاجات قضاء المشاوير الطويلة، أو المصايف، أما القصة القصيرة فليست كذلك، وفرحة كتابة الرواية أنستنا أن هناك حاجة اجتماعية ومستمرة للقصة القصيرة، فهى أدب الإنسان الصغير، وهى التى ترافق البشر فى لحظاتهم الحميمية، ومواجعهم الذاتية، وصرخاتهم المعزولة عن الآخرين، وهى فن المهمشين، وفن الإنسان الوحيد، إذن هى ضرورة فى حياة البشر.

هل هناك علامات إيجابية بالنسبة لزيادة دور النشر الخاصة؟
طبعا، دور النشر الخاصة والعامة وجودهما خير، وهناك نشاط فى مجال النشر، أضف إلى ذلك الانفجار الهائل فى التقنيات الرقمية، الإنترنت، المواقع، المدونات، النشر الإلكترونى، كله خير وبركة، فكله إضافة معرفية تسهم فى تعميق الوعى بالقضايا العامة، وتطوير المفاهيم والأفكار ونشر الثقافة والعلم والمعارف.

ألا تظن أن زيادة دور النشر أدى إلى زيادة أعمال ليست فنية؟

لا خوف من الكم، فالكم يجب أن تواكبه حركة توعية، يقوم بها النقد، وأهل الأدب، والأكاديميات، وكليات الآداب، ويعمق هؤلاء الأسس والقواعد، ويقومون بحركة فرز، وإذا تطرقنا للرواية، ففى كل العام توجد روايات غير الروايات الأدبية التى نعرفها، وهى ربما الروايات الأكثر مبيعاً، فهناك روايات بوليسية، وروايات رعب، لكن "الكاتوجرى" الذى يحصل على جائزة البوكر فى بريطانيا هى الرواية الأدبية، وهى التى تحصد جائزة البوليتزر فى أمريكا، لكن كتب دان براون، أو هارى بوتر لكى إف رولينج، فهذه كتب حصدت شهرة لكنها لا توضع فى مجال الرواية الأدبية التى تدعمها مؤسسات وهيئات دولية، ويلقى الضوء عليها، ويوجه أنظار الرأى العام عليها، فما كتبه دان براون لا يصل لما كتبه هيمنجواى أو شكسبير أو ماركيز، فما أقصده أن الكم موجود، والتصنيف موجود، وإذا الناس عايزه تتسلى بقصة بوليسية، فهل ستقول له لأ، أكيد آجاثا كريستى أثقل كتاب العالم فى القصة البوليسية وأكثرهم توزيعا، فهذا صنف من الأصناف الموجودة والمقبولة، فأهلا وسهلا بالكم، ما يفزعنى أن هناك كاتبا ممتازا لا يجد منفذا للنشر، هذا أكثر رعبا من نشر الإنتاج التافه، فأنا أفضل أن ينشر الإنتاج الغث على ضياع الإنتاج السمين.

كيف تفسر ظاهرة البيست سيللر وهل ترتبط بالتوزيع الجيد للكتب؟
الحالة التى تستحق فى العالم العربى النظر، والتى نعانى الكثير من القصور فيها، هى أرقام توزيع الكتب خاصة الكتب الجيدة مثل روايات نجيب محفوظ، فهناك خلل فى التوصيف أو التوزيع، فالكتاب الأكثر توزيعا فى إيطاليا وهى دولة فيها 50 مليون يتكلمون لغة واحدة، وزع مليون نسخة، أنا لا أعرف أن نجيب محفوظ قد باع مليون نسخة، مثال آخر، اليونان، الكتاب العادى قد يصل توزيعه إلى مائة ألف نسخة، لكنى لا أعتقد أن هذا قد حدث فى العالم العربى مع رواية واحدة، إذن هناك خلل فى العالم العربى.

والحل؟ هل نؤسس شركة توزيع عربية؟
الحل يكون بإزالة الحدود أمام توزيع الكتاب العربى، فتوزيع الكتاب ليست مهمة الناشر، ولا متروك لشركة نشر، فالمفترض أن يكون هناك استراتيجيات للدول، يدخل فيها توزيع الكتاب وتوصيله للأم وللطفل وللأب والمدرسة، وحتى إعطاؤه مجانا، فنحن لا نختلف عن الكثير من المؤلفين والكتاب، كما أننا نعيش عصر الستالايت، فكيف نصادر الكتب ونحن لا نستطيع أن نمنع السماوات المفتوحة، لكن هناك عداء للثقافة، فنحن أبتلينا بأوضاع فرضتها الجهالة والتعصب، فمن جهل شيئا عاداه، وهم سمعوا كلمة "عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسى"، وهم هنا لا يتحسسون مسدساتهم وإنما يتحسسون خنجرهم.

والمكتبات؟ هل عليها دور؟
العالم الثانى يرغمك على القراءة، العالم الثانى الذى أقصده هو العالم المتقدم، ذهبت إلى مكتبة وحصلت منها على بطاقة أستطيع أن أستعير بها 20 كتابا و10 سى دى، وفوق هذا وذاك الكتب موجودة على قارعة الطريق، فى بريطانيا هناك مكتبات جوالة، لو أنت ما عندكش نفس تطلع، أو الدنيا برد، يدقون عليك البيت، ويعطوك كتالوجات بالكتب، ويرسلون لك ما تشاء، فى كل محطة أتوبيس، فى كل محطة قطار هناك مكتبة، فى كل حى هناك مكتبة تحوى كل أنواع الكتب والسديهات و"الأوديو بوك" إذا كنت ممن يعانون من مشكلات فى القراءة، فهذه مكتبات موجودة فى كل مكان، والأمهات ترسل أطفالهن إليها كأنها حضانة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة