هل يكفى إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى تجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر لتحريك الأوضاع فى عملية السلام التى يصفها الجميع بأنها فى مأزق؟ تساؤل طرحته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، وكانت الإجابة "ربما لا"، لأن الأمر يستلزم شروط أخرى.
"لا" لأنه، كما تقول الصحيفة، إذا كان قرار نتياناهو يخفف من الضغط الأمريكى على إسرائيل ويمنح أيضا نقطة لباراك أوباما، الذى لا يزال سجله ضعيفا فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أن هذا القرار ليس كافيا فى حد ذاتها لتلبية الشروط اللازمة لاستئناف المفاوضات، حيث إن هناك شروطا أخرى ضرورية.
أول هذه الشروط هى إعادة تنظيم المعسكر الفلسطينى، الذى يشهد ضعفا وانقساما بصورة خاصة فى الأسابيع الأخيرة. حيث هدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم المشاركة فى الانتخابات المقبلة، بل حتى بإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد. وتذكر الصحيفة أن عباس فقد مصداقيته بعد سنوات من المفاوضات دون إحراز أى شىء، وتعرض للانتقاد من قبل حركة حماس التى تنكر شرعيته وتسخر من سوء إدارته للوضع بعد تقرير جولدستون، كما واجه انتقادات أيضا داخل صفوف حركة فتح حيث بدأ بالفعل فيها الصراع على الخلافة. مما يجعل محمود عباس لا يمتلك موقفا قويا سواء للتفاوض أو لاقتراح تسوية - وأيضا تضحيات - على شعبه.
وفى الواقع، فإن أى مفاوضات لن يكون لها قيمة طالما أن الساحة السياسية والأراضى الفلسطينية لا تزال ممزقة بين حماس وفتح. بيد أن جهود المصالحة، التى أجريت تحت رعاية مصر، قد فشلت حتى الآن بسبب غياب الدعم من جانب المجتمع الدولى، أو أيضا بسبب تدخلات الولايات المتحدة فى اللحظة الأخيرة، كما كان الحال فى الشهر الماضى عندما كان يتعين توقيع اتفاق إطارى فى القاهرة فى 25 أكتوبر.
إن واشنطن ليست على الاستعداد لرفع الفيتو عن حماس، فى حين أن أوروبا، كالعادة، صامتة ومنقسمة على نفسها. وبالنسبة لحماس، فلا مصلحة لديها فى المصالحة مع حركة فتح الضعيفة، فى الوقت الذى تتفاوض فيه مع إسرائيل، فى صورة الند للند، على اتفاق لتبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندى جلعاد شاليط.
ومن ثم تشير الصحيفة إلى أن الشرط الآخر الذى لا غنى عنه لاستئناف المفاوضات هو أن على واشنطن، القادرة وحدها على التأثير على إسرائيل، أن تلقى بثقلها فى هذه القضية.. ولكن يبدو أن إدارة أوباما، الغارقة فى أفغانستان والقلقة إزاء تحول الأحداث فى إيران والعراق، لديها أمور أخرى تشغلها.
خاصة وأنه لا يبدو أنها قد اعتمدت "عقيدة" معينة بشأن النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، فبعيدا عن ترديد نغمة "حل الدولتين"، لم تحدد بعد أى دولة، وما هى حدودها، وما هى المهلة المحددة لإقامتها، وماذا ستكون عاصمتها.. كل هذه المسائل الأساسية لا تزال غير واضحة ولا تشجع الفلسطينيين على إعادة التفاوض بعد سنوات من العمل الفعلى فى طابا، فى أنابوليس، وغيرها، دون تحقيق أى نتائج.
وأخيرا تخلص الصحيفة إلى أن ما يشكل خطرا حقيقيا يتهدد الوضع بأكمله، هى مسألة القدس، المستثناة من تجميد بناء المستوطنات، وحيث يزداد الوضع تفاقما فى الأسابيع الأخيرة.
ليبراسيون: تجميد الاستيطان لا يكفى لتحقيق السلام
الجمعة، 27 نوفمبر 2009 07:04 م
صحيفة ليبراسيون الفرنسية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة