آن الأوان كى نقف ضد أسباب الفساد والتخلف الذى عم أرجاء الوطن الحبيب داخل معظم مؤسساته. آن الأوان كى نقف ضد السلبية واللامبالاة التى جبلنا عليها منذ فجر التاريخ. آن الأوان نصرخ بأعلى صوتنا.. لا للفساد.. لا للظلم والطغيان.. آن الأوان أن نكف الظالم عن ظلمه وننصر المظلوم. وهذا ما حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قيل يا رسول الله: علمنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال أن تكفه عن ظلمه) أو كما قال.
لقد آن الأوان لمحاسبة الظالمين والمسئولين عن الفساد فى جميع مناحى حياتنا. لابد من توقيفهم ومحاسبتهم. لأننا لو تركنا المسئول يرتع فى مؤسسته دون رادع ودون محاسبة سيكبر ونصغر نحن.
سنضعف ويقوى هو وكما قال المثل العربى ما الذى فرعنك يا فرعون قال لم أجد من يقف فى وجهى!! وبسبب ذلك فعل فرعون مصر الأفاعيل ضد الشعب المصرى فقد كان يستخف شعبه قال تعالى (فاستخف قومه فأطاعوه) صدق الله العظيم واستخف هنا معناها أنه لم يقم وزنا لشعبه كان يقول أنا الإله فيسجد له الجميع وكان يدعى أنه يملك كل هذا الوطن بما فيه وما عليه ولا يزجره أحد ولما لم يحاسبه أحد قوى وقوى وظلم وبغى وتجبر قال تعالى (إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم. إنه كان من المفسدين).
فى ظل الظروف الصعبة التى يعيش فيها الوطن والفساد الذى عشش فى أركان الحكم يجب علينا ألا نتهاون فى محاسبة المقصرين من الخفير حتى الوزير بل إلى رئيس الوزراء والرئيس نفسه. هناك وسائل عديدة فى مصر لمحاسبة أى مسئول على تقصيره فى عمله، فلدينا الأجهزة الرقابية البرلمانية مثل مجلس الشورى والشعب وهيئة الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات. لذلك يجب على أى مواطن يرى أن مسئولا ما مقصر فى عمله أو يشتم منه رائحة فساد فى حق وطنه أن يبلغ عنه هذه الجهات الرقابية، بالإضافة لمشاركة أجهزة الإعلام المختلفة لمحاربة هذا الفساد وما تقوم به الصحف خير دليل على ذلك من قضايا فساد قامت بمحاربته هى وقنوات فضائية محترمة. كما يجب على أعضاء البرلمان محاسبة الحكومة على تردى خدماتها وارتفاع الأسعار الجنونى وإهدار كرامة المواطنين والتنكيل بهم داخل أقسام الشرطة. لابد من محاسبة الفاسدين الذين باعوا شركات الوطن الناجحة بأبخس الأثمان. لابد من محاسبة وتوقيف الذين يزورون الانتخابات ويزيفون وعى الأمة. لابد من توقيف المسئولين عن التعليم ومحاسبتهم على تدنى أحوال التعليم وانهيار العملية التعليمية برمتها. لابد من محاسبة الذين أضروا وما زالوا يضرون بصحة المواطنين وتدهور أحوال الرعاية الصحية وإدخال أكياس الدم الملوثة وكذلك المبيدات المسرطنة التى أعيت الشعب لابد من محاسبة الذين يلوثون الأطعمة والفاكهة حتى تسببوا فى انتشار الأمراض المستعصية والفتاكة بنا. لابد أن يسعى كل فرد فى المجتمع إلى استرداد حقه بكل السبل المشروعة من وسائل قضائية إلى تظاهرات وإضرابات. لابد من خلخلة الكرسى تحت أى مسئول حتى يشعر بمسئوليته ويعرف أنه لو قصر فله العزل وسحب الثقة بل والعقاب إن ثبت اشتراكه فى الفساد. قال أحد الحاضرين لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى أحد مجالسه.. اتق الله يا عمر . فقام أحد الصحابة ليزجره. فقال عمر: دعوه. فلا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها. كما أن الخليفة الأول أبى بكر الصديق حين صار خليفة للمسلمين قال لو وجدتمونى على باطل فقومونى فقال أحد الحاضرين سنقومك بهذا، مشيرا إلى سيفه فقال أبو بكر الحمد لله الذى جعل من رعية أبى بكر من يقومه بالسيف..
خلاصة القول: -لابد من إحياء روح المساءلة بيننا وفينا فأسباب تخلفنا وتقهقرنا عن باقى الأمم ممن حولنا هو أن المساءلة فريضة غائبة فى مجتمعاتنا.
