سعدية وجه مألوف فى محطة رمسيس، قد تراها يوما فى المترو تحمل طفلا فوق كتفها، وجهها منفر من أثر الحروق الموجودة به، ربما لا تستطيع أن تتحدث معها كثيرا، لكن إن حدث ستعرف حكايتها بالكامل.
تسكن سعدية فى الكيلو أربعة ونصف الآن ومعها أربعة أبناء ثلاث بنات وولد لم يتجاوز الـ3 سنوات، وكلهم مثلها «أبناء شوارع».
انت منين أصلا يا سعدية؟
- أنا من ملوى المنيا.
جيتى مصر امتى والسبب إيه؟
- أنا مش فاكرة بس كنت صغيرة قوى تقريبا كان عمرى 15 سنة، أنا دلوقتى عندى 34 سنة، بس فاكرة كويس إنى يوم ما ركبت القطر وجيت هنا كنت بدور على بيت خالى، ومعرفتش أوصل وبعدين ناس خادونى عشت معاهم سنة تقريبا وكنت مبسوطة قوى، بس بعد كدا الست صاحبة البيت قالتلى انتى كبرتى وتقدرى تعتمدى على نفسك.
وبعدين؟
- سبت البيت وروحت اشتغلت فى محل بتاع هدوم فى العتبة، وفى يوم وأنا مروحة كنا قاعدين فى السيدة عيشة، طلع أربع شباب وخادونى بالعافية واغتصبونى ولما روحت القسم سألونى عن أهلى وقلتلهم أنا ماليش حد، الضابط طردنى وقالى يبقى انتى اللى روحتى معاهم بمزاجك امشى يابت.
وبعدين يا سعدية؟
- حملت فى بنت وكانت زى القمر وكل ما أسكن فى حته الناس يمشونى ويقولولى انتى مخلفة فى الحرام، معرفتش أعمل إيه، دورت على شغل فى البيوت بس مالقتش لحد مالقيت أودة مع شوية بنات وكان فيه واحد بيحميهم من الناس ويدوله فلوس.
وماحاولتيش ترجعى لأهلك؟
- لاء طبعا أهلى صعايدة لو كنت رجعتلهم كانوا هيقتلونى.
وبعدين؟
- وبعدين الراجل دا عرف حكايتى وكان عايز يرافقنى، بس أنا مكنش ليه فى الحرام، فرفضت لحد ما فى يوم هددنى إنه هيرمينى بمية نار فافتكرته بيهرج، بس نفذ تهديده وقعدت سنتين بتعالج وابنى الكبير مات منى، واتجوزت راجل عجوز بورقة عرفى، عشان أخدمه ولما كان بيجى ينام معايا كان بيخبى وشى عشان ما يتئرفش، وخلفت منه أربع عيال وكنت بخرج أشحت بيهم بقالى 10 سنين.
وعيالك ليهم ورق أو فى مدارس؟
- لاء طبعا ولادى عايشين زيى وبيسرحوا معايا اللى بيمسح عربية واللى بيبيع فى المترو واهى ماشية.
نفسك فى إيه؟
- نفسى فى بيت ليه ولولادى وأربع جدران ونفسى ولادى يتعلموا وأعملهم شهادات ميلاد لو واحد فيهم مات مش هعرف أعمله حتى شهادة وفاة زى ابنى التانى.