محمد الدسوقى رشدى

إعادة اكتشاف علاء مبارك!

الجمعة، 27 نوفمبر 2009 08:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
>> 10 مشروعات قومية لتوظيف هذا التأييد الشعبى لعلاء مبارك لصالح الدولة ولصالح الشعب الذى سيستفيد حينما يتبنى أوجاعه أحد المقربين من دوائر صنع القرار فى مصر
>> لابد أن يخرج نجل الرئيس الأكبر من شرنقة الاهتمام الرياضى إلى ماهو أرحب وأوسع على المستوى الاجتماعى والإنسانى بشرط أن تظل تحركاته فى معزل عن كل ماهو سياسى ورسمى
>> استمرار حالة التعاطف الشعبى مع علاء مبارك قد تكون سببا قويا فى إعادة رسم خريطة العلاقات بين النظام والشعب
>> أزمة السودان جعلت اسم علاء على رأس قائمة أكثر الأسماء المبحوث عنها على صفحات «جوجل» وأعطت نتائج باسمه تفوق المليون ونصف المليون

هل فاجأك رد فعل علاء مبارك نجل الرئيس الأكبر تجاه ماحدث للمصريين فى السودان؟ هل ارتبكت وأنت تسمع علاء مبارك، وهو يهدد ويتوعد ويتكلم كما يتكلم المتظاهرون أمام سفارة الجزائر بالزمالك؟ هل زاد ارتباكك حينما رأيت نجل الرئيس الأكبر البعيد عن أضواء السياسة، وهو مصمم على كلماته الحادة والحماسية فى اليوم التالى مباشرة عبر مكالمة تليفونية مع برنامج البيت بيتك، ثم عاد ليؤكد عليها مجددا بعد عدة أيام فى اتصال هاتفى مع برنامج «القاهرة اليوم»، وكأنه يرد على كل الذين اعتبروا كلامه مجرد رد فعل فى لحظة انفعال، ويثبت بتكراره للمرة الثالثة على الهواء مباشرة، أن القضية بالنسبة له موقف ومبدأ؟ هل تابعت حالة التفاعل الشعبى والجماهيرى مع تصريحات علاء مبارك عن أحداث السودان والتى جعلت اسم نجل الرئيس على رأس قائمة أكثر الأسماء المبحوث عنها على صفحات الموقع الإلكترونى الشهير «جوجل» والبحث عن اسمه يعطى نتائج تفوق المليون ونصف المليون، أغلبها متعلق بموقفه من الجزائر وقليل منها خاص بوفاة ابنه؟ هل كنت تتخيل أن يكتب أحد على الإنترنت، ذلك الفضاء المعادى بالفطرة لأسرة الرئيس كلاما مثل هذا عن أحد أفراد عائلة مبارك، وهذا تعليق نصى منقول من موقع «اليوم السابع»: (لقد سمعت المداخلة الكريمة من سيادتكم، لقد أرحت قلبى، وقلت ماكنت أتمنى قوله، وأحسست بروحك الوطنية التى تمثل ما فى أنفسنا ولا أجد كلاما أقوله غير أننى لا أجد كلمات لأشكرك، فأنت لا تحتاج لشكر، فهذا هو شعور الإنسان الوطنى الشريف).

طيب بذمتك هل كنت تتخيل فى لحظة أن يأتى يوم ما، ويتحول فيه أحد أبناء الرئيس مبارك إلى بطل شعبى مصرى؟ إن كنت لا تدرك أن ذلك قد حدث، فقم بزيارة سريعة إلى كافة المنتديات والمواقع الإلكترونية المصرية، لتشاهد بنفسك كيف تحول أحد أفراد أسرة الرئيس مبارك إلى نجم شعبى، تهتف الناس باسمه، وتدعو له لا عليه كما اعتدنا أن يحدث طوال السنوات الماضية.

ما الذى فعله علاء مبارك لكى تتغير مؤشرات المشاعر المصرية بمعارضيها وبسطائها تجاه أحد أفراد أسرة الرئيس الذين يتظاهرون ضده ونجل الرئيس الأصغر الذين يرفضون تواجده السياسى؟

الكثير من الخبراء ومتابعى الحالة السياسية، أرجعوا جانبا كبيرا من هذا التعاطف الشعبى مع علاء مبارك إلى مصيبته التى هزت مصر كلها منذ شهور، حينما خطف الموت ابنه الأكبر، بالإضافة إلى أن علاء مبارك بعيد عن الساحة السياسية، وقد يكون بعض من هذا صحيحا، ولكنه لا يصلح لأن يكون سببا رئيسيا يفسر هذا الحب الفجائى الجارف تجاه نجل الرئيس مبارك الأكبر، لأن تاريخ علاء مبارك مع أهل الشارع المصرى لم يكن أبدا على تلك الصورة، ففى تاريخ الشارع المصرى القريب الكثير من الشائعات التى طالت علاء مبارك وثروته، وكلها شائعات لم تحمل يوما لمحة تعاطف مع نجل الرئيس الأكبر بل كانت تعتبره شريكا فى الكثير من الكوارث التى يشهدها البلد، وشريك أساسى بالغصب فى المشروعات الاقتصادية الكبيرة.. انتشر هذا الكلام وساد واعتمدت عليه المعارضة فى انتقاد الرئيس ونجله، دون أن يقدم أحدهم مع تلك الاتهامات أى دليل، صحيح أن كل هذا حدث قبل ظهور جمال مبارك وانشغال الساحة به، وصحيح أن اختفاء علاء مبارك عن الأضواء، وشائعة تدينه وارتداء زوجته للحجاب، وعلاقته بعمرو خالد ساهمت فى تحسين صورته لدى أبناء الشارع المصرى، وصحيح أن وفاة نجله محمد علاء مبارك، خلقت حالة تعاطف شعبى كبيرة معه، ولكن ماحدث مع علاء مبارك خلال فترة مابعد أحداث السودان، منقطع الصلة تماما عماقبله، وماحققه الرجل من تواجد شعبى بسبب تصريحاته عن كرامة المصريين، خلق معه حالة تأييد شعبى تختلف تماما عن حالة التعاطف التى لمسناها عقب وفاة نجله، فالأولى مساندة شعبية واضحة لرجل تعامل كمواطن مصرى شجاع، دافع ولو بالكلمات عن شعب يشعر بالوجع والألم لما حدث مع أولاده فى السودان، والثانية تعاطف وشفقة على أب سرق الموت طفله من بين أحضانه.

المواطن المصرى أعاد اكتشاف علاء مبارك من كلماته الشعبوية والحماسية التى جاءت على الهواء مباشرة، متجاوزة فكرة كونه نجل الرئيس، بالتزامن مع أشياء أخرى كثيرة أعاد المصريون اكتشافها مع الأزمة الأخيرة، والغريب أن ردود فعل الجماهير تجاه مافعله علاء مبارك، لم تتأثر بتشكيك بعض المثقفين ورجال المعارضة الذين اعتبروها »شو إعلامى« يهدف من خلاله نجل الرئيس إلى الضحك على الناس،ربما لأن الجمهور المصرى يرى أن علاء مبارك البعيد عن الأضواء، لا يملك مالدى أخيه من طموح سياسى لكى يدفعه للضحك على الناس أو مداعبة مشاعرهم، أو ربما لأن المواطنين الذين تابعوا مكالمات علاء مبارك التليفونية، اندهشوا من صيغة كلامه التى جاءت حماسية وعائلية فى كثير من الأوقات، وقرروا أن يصدقوها ويستمتعوا بها بغض النظر عن أى شىء، فلأول مرة يسمع المصريون أحدهم يتكلم عن الرئيس مبارك قائلا: (أنا قلت لبابا.. حكيت لبابا.. بابا متضايق)، وهو كلام وقعه على الأذن يبدو عظيما لشعب عاش لسنوات طويلة على وهم، يقول بأن الرئيس ليس بشرا.

بجانب كل هذا لايمكن أن نستبعد أن يكون جزء ولو صغير من حالة التعاطف هذه، نابعا من حالة عناد شعبى هدفها الرد على قيادات الحزب الوطنى، خاصة وأنهم كانوا هناك فى السودان، وشاهدوا ماحدث ولكنهم فيما يبدو استسلموا للعبة السياسية ودبلوماسية الملل، واكتفوا بمجموعة من التصريحات الناعمة، جاءت باهتة وبعيدة عمايدور فى قلوب وعقول الناس، خاصة حينما قارنوها بما قاله علاء مبارك.

تصرف علاء مبارك التلقائى والطبيعى، ونجاحه من خلال مكالمتين هاتفيتين قال فيهما ما قاله عن غضبه من أحداث السودان، وبلطجة الجزائر، وضرورة رد كرامة المصريين جعله يكسب وبسرعة ما يسعى غيره خلال سنوات طويلة ماضية للحصول عليه.. إعجاب أهل الشارع والدعاء له، لا عليه، كان أولى أن يقوم به أصحاب المناصب الرسمية فى الدولة وفى الحزب، حتى ولو خرج من أفواههم مغلفا ببعض الدبلوماسية، وعدم حدوث ذلك لايعبر سوى عن شئ واحد هو أن رجال المناصب السياسية فى الدولة لم يعرفوا بعد طبيعة تركيبة الشعب المصرى الطيب الذى ينبهر بالكلمة الحلوة، بدليل أن علاء لم يفعل أى شىء سوى أنه قرر أن ينزل من البرج ويشارك الناس مصيبتهم.. حتى ولو كانت مشاركة كلامية لا أكثر ، فأهل المحروسة لا يطلبون الكثير، ولا يريدون سوى رجل يشاركهم آلامهم ويشعر بأوجاعهم، ولا يمانع أن ينزل من برجه ليتحدث معهم كما يتحدثون مع بعضهم لا عبر ميكروفونات وخطابات منمقة الكلمات، جافة الأحاسيس، مكررة الأفكار، فما يريده جمال مبارك مثلا، حصل عليه علاء مبارك بكلماته التى دفعت عددا كبيرا من الشباب لمطالبته بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وجعلت الكثير من أهل الشارع يقولون.. وليه لأ، صحيح أن الأمر لا يتعدى كونه ترشيحات شبابية عبثية، ولكنها تمثل فى النهاية حالة كان جمال مبارك فى أشد الاحتياج إليها.

كل هذا التعاطف وكل هذا التأييد الذى حصل عليه علاء مبارك من خلال ثلاث مكالمات هاتفية، لم يتعد حديثه فى كل واحدة منها عشر دقائق، هل يمكن أن يستمر بعدما تنزل الستائر على مسرح أزمة مصر والجزائر؟.. السؤال مهم، لأن استمرار هذه الحالة قد يكون سببا قويا فى إعادة رسم خريطة العلاقات بين النظام والشعب، وإعادة صياغة للطريقة التى يتحدث بها مسؤلو الحكومة مع الناس فى الشوارع، ومثلما طرح بعض العقلاء سؤالا حول مدى إمكانية استغلال غضب الشباب المصرى وحالة الحب العارمة تجاه الوطن، وتوظيفه لصالح البلد فى المرحلة القادمة، هل يمكننا أن نطرح سؤالا شبيها فيما يخص تلك الحالة التى أثارها علاء مبارك بتصريحاته داخل الشارع المصرى، ويتم البحث عن طريقة لتوظيف هذا التأييد الشعبى لعلاء مبارك لصالح الدولة، ولصالح علاء مبارك، ولصالح الشعب الذى سيستفيد بكل تأكيد حينما يتبنى موقفه وأوجاعه أحد المقربين من دوائر صنع القرار فى مصر؟

الواقع يقول إن الأمر سهل جدا، لو امتلك علاء مبارك الرغبة فى استثمار هذه الحالة التى يعيشها فى حالة توافق مع المزاج الشعبى العام، وهى حالة لو تعلمون نادر حدوثها فى مصر، خاصة إذا كان طرف منها ينتمى للبيت الرئاسى المصرى، فما حدث مع علاء مبارك خلال الفترة الماضية يمكن لنجل الرئيس أن يعتبره بمثابة الأساس المتين لتطور أى علاقة، الكرة الآن فى ملعب علاء مبارك، وعليه أن يجيد توجيهها نحو المرمى مباشرة ليحرز أهدافا بالجملة، وربما يكون خروج علاء مبارك من شرنقة الاهتمام الرياضى إلى ماهو أرحب وأوسع على المستويين الاجتماعى والإنسانى هو البوابة الحقيقية لاستثمار هذه الحالة الجماهيرية التى صنعها فى الأيام الأخيرة.

وإذا سمح لى السيد علاء مبارك، يمكننى أن أحاول أن أقدم له خريطة طريق بسيطة، يمكنه أن يتبعها كما هى، أو يجرى عليها مايريد من تعديلات، بالشكل الذى يضمن له استثمارا حقيقيا لما حدث معه فى أزمة الجزائر الأخيرة، بشرط أن تظل تحركات نجل الرئيس الأكبر فى معزل عن كل ماهو سياسى ورسمى، وأن يقدم نفسه بنفس الطريقة التى فعلها، حينما تكلم للبيت بيتك والقاهرة اليوم.. مواطن مصرى مهتم ومتابع للشأن العام فقط لاغير، وربما يكون خير بدء، أن يوسع علاء مبارك دائرة غضبه وحماسه لاسترداد كرامة المصريين دون أن يقتصر الأمر على ما حدث فى السودان فقط، فعلى السيد علاء مبارك أن يتكلم بنفس الحماسة عن أوضاع المصريين المأساوية فى الخارج، ومايتعرض له المصريون من إهانات فى السعودية وليبيا والكويت، وأن يضم صوته إلى صوت عامة الشعب، مثلما فعل فى أزمة السودان، ويطالب بقوانين صارمة وحازمة لحماية المصريين فى الخارج، دون أن يغفل عن الإشارة والتأكيد على ضرورة صيانة كرامة المواطن المصرى فى الداخل.

ولكى تخرج مواقف علاء مبارك من مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل، يمكن لنجل الرئيس الأكبر أن يتبنى عدة حملات أو مشروعات، ذات طابع انسانى وإجتماعى على غرار ماتفعله الشخصيات العامة فى أوروبا، مستغلا قربه من دوائر القرار السياسى فى منح دفعة رسمية للعديد من المشاكل التى تعانى منها مصر، وإزالة العقد الروتينية التى تعطل الكثير من المشروعات التى يحتاجها الناس، ومستغلا اسمه الرئاسى الذى سيجذب بالطبع أغلب رجال الأعمال فى مصر لدعم مشاريعه وخططه، وحتى لا نأخذه بعيدا عن اهتمامه الكروى، يمكن أن تكون البداية من خلال حملة شعبية يتبناها علاء مبارك، لإعادة الاعتبار لمراكز الشباب فى قرى ومحافظات مصر المختلفة، من خلال خطط لدعم وتطوير مراكز الشباب، كما يمكنه أن يتبنى مشروعا لنظافة القاهرة، وتجميل أحيائها، مستغلا رغبة رجال الأعمال فى تقديم يد العون والمساعدة، أو يجعل من تطوير مناطق العشوائيات، ذلك الصداع الذى يعانى منه البلد مشروعه الرئيسى، أو يمكنه الانضمام إلى الكثير من الأصوات المصرية الحقوقية التى تناهض التعذيب فى أقسام الشرطة، أو تبنى مشروع لبناء 10000مسكن عبر جمعية يقوم بتأسيسها، بمساعدة مجموعة من رجال الأعمال، أو قيادة حملة كبرى لتنمية القرى والنجوع الفقيرة فى الصعيد، أو تأسيس جمعية كبرى تعمل تحت مظلتها مختلف جمعيات الخير والمساعدة، ليضمن لها تبرعا أكبر ومرونة فى التعاملات الرسمية للقيام بكم أكبر من حملات المساعدة الإنسانية على مدار السنة، أو إنشاء جمعية خيرية خاصة بمساعدة شباب الخريجين على استصلاح الأراضى الزراعية، أو مشروع قومى يهدف إلى بناء مستشفى خيرى فى كل قرية، أو حملة كبيرة تضمن وصول المياه النظيفة إلى كل بيت مصرى.

مشاكل كثيرة تعانى منها مصر، ويعانى منها المواطنون، يمكن حلها بالجهود الإنسانية، يمكن لعلاء مبارك أن يحولها إلى مشروعات وحملات قومية يقودها، وأن يقوم بدور حلقة الوصل بين ثلاثة أطراف لم تعتد تلتقى فى الفترة الأخيرة.. الشعب، الحكومة، رجال الأعمال.

يمكنه أن يفعل ذلك ويجمع الأطراف الثلاثة عبر تلك المشاريع، مستغلا حالة القبول التى يحظى بها على المستويين الرسمى والمالى، نظرا لكون اسمه علاء محمد حسنى مبارك، وعلى المستوى الشعبى، نظرا لكونه نجم أزمة السودان، والوحيد من الناس اللى فوق الذى عبر عما وجع الناس اللى تحت، هذا هو الطريق يا سيد علاء الذى يمكنك من خلال السير عليه، أن تستثمر بقوة حالة تعاطف الناس معك، وتنقلها من مرحلة الأمر المؤقت إلى حالة الدوام، محققا بذلك معادلة من النوع الصعب، لم يكن لأحد فى مصر كلها، أن يتخيل أن لها حلا فى يوم، لأنه لا أحد فى مصر كلها كان يتخيل أن يأتى يوم، يشاهد فيه أحد أفراد البيت الرئاسى وهو يسير فى الشوراع وسط الناس دون حراسة أو بودى جارد أو حتى غفير.. وهذا ما يستطيع أن يفعله شخص واحد الآن فقط.. هو علاء مبارك!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة