حظى المؤتمر الدولى الذى عقده المجلس البريطانى فى الإسكندرية عن أفكار داروين، باهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية، ولعل أحدث التقارير الخاصة بهذا المؤتمر ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز اليوم لمراسلها فى القاهرة مايكل سلكمان عن هذا المؤتمر، وتسليطه الضوء على الأوضاع المتردية للتعليم فى مصر، الذى يعتمد على التلقين بدلاً من الابتكار والإبداع.
واستهلت الصحيفة تقريرها بالقول إن الأمر لا يتعلق بأن تشارلز داروين ونظرية التطور غير معروفين فى مصر، لكن حتى بين هؤلاء الذين يدرسون من أجل معرفة شىء عن هذا الموضوع، فإن الفهم العام هو أن داروين قال إن الإنسان أصله قرد، وبالطبع لم يقل داروين ذلك، بل قال إن الإنسان والقرد بينهما قاسم مشترك، ومناقشة نظرية داروين فى أى مكان لا تتعلق فقط باكتشاف أصل الإنسان، لكنها بالضرورة ترتبط بالجدال بين الدين والعلم.
وبعد 150 عاماً على نظرية التطور التى ابتكرها داروين قام المجلس البريطانى الذراع الثقافية للحكومة البريطانية بعقد مؤتمر دولى عن داروين فى مصر التى وصفتها الصحيفة بالبلد السنى المحافظ.
وتنقل نيويورك تايمز عن مارتن ديفيدسون، المدير التنفيذ للمجلس البريطانى، قوله إن "الكثير من الناس يقولون إن نظريات داروين خاطئة أو تتعارض مع الدين، وربما تكون أفكاره مستفزة، لكن إذا كنا راغبين فى فهم بعضنا البعض، فيجب أن نناقش الأمور التى نختلف بشأنها".
وربما تواجه نظرية داروين حالة من سوء الفهم هنا فى مصر، لكن ذلك ليس سوى أحد أعراض مشكلة أكثر عمقاً خاصة بالتعليم فى مصر وباقى دول المنطقة، وخاصة بالثقافة وتحدى الأفكار والمعتقدات اللعينة، كما قال كتاب وعلماء فى السياسة وعمال وطلبة ومعلمين خلال المؤتمر وبعده.
وقال سلكمان، إن التعليم فى مصر يعتمد على التلقين والحفاظ ويكاد ينعدم فيه التركيز على التفكير الإبداعى، حتى إن عدداً قليل من المدارس يدرس نطرية داروين.
ونقلت الصحيفة عن مديحة الصفتى، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قولها إن الثقاقة العربية كلها لا تشجع للأسف على التفكير الحر، وعندما لا يجد الفرد تشجيعاً على التفكير الحر، فإنه من المفترض أن يكون موضوع فى أطر وقوالب معينة.
ويقول العديدون إن نوعية التعليم فى مصر رديئة لأنه فى جزء كبير منه يركز على التلقين أكثر من التفكير النقدى، فى حين أن بلدان المنطقى تنفق على تعليم الفرد أكثر من المعدل العالمى، إلا النتائج كثيراً ما تكون أقل بكثير من المتوسط.
فمصر على سبيل المثال التى كانت تعتبر العاصمة الفكرية للعالم العربى، جاء تصنيفها فى المركز 124 من بين 133 دولة فى كفاءة التعليم الابتدائى من قبل المنتدى الاقتصادى العالمى فى سويسرا، كما أن تقييمات عالمية أخرى توصلت إلى نتائج مخيبة أيضاً فى هذا المجال.
وقد اندهش العلماء الذين شاركوا فى المؤتمر الدولى الخاص بنظرية داروين، والذين بلغ عددهم 150، على موافقة الحكومة على عقده، فمن غير المحتمل أن تسمح القيادة بالمناقشات العامة للأفكار التى تتعارض مع التفكير الدينى والمنهج الوطنى أو تعزز التفكير النقدى وكان هدف المجلس البريطانى من المؤتمر إيجاد أرضية مشتركة أكثر من تعزيز المواجهة، ورغم أنه تحدى مجتمعه دينى للتفكير بشكل جاد فى نظرية النشوء والارتقاء، إلا أنه أكد على إمكانية تصالح الإيمان بالخلق الإلهى مع نظريات داروين عن التطور والانتقاء الطبيعى.
صحيفة نيويورك تايمز
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة