الاقتراب من انتخابات برلمانية جديدة أدى إلى تحركات نشطة فى المسرح السياسى.. والمشهد الذى يفرض نفسه على الشارع الآن أبطاله الرئيسيون الحزب الوطنى والإخوان المسلمين، وبصرف النظر عن كون هذا الوضع بقصد أو بغير قصد، فإن الحقيقة الثابتة المترتبة على ذلك هى تقزم بقية الأحزاب وانحسارها وحصارها فى الأدوار المساعدة الصغيرة بعيداً عن أى تأثير.
حزب الوفد الجديد له وقع خاص وتأثير داخل نفوس المصريين منذ الإعلان عنه عام 1978، ودعم هذا التأثير ارتباطه بحزب الوفد القديم الذى أسسه سعد زغلول عام 1918، وقاد نضالات وطنية تاريخية حتى انتهى نشاطه بعد إلغاء الأحزاب عام 1952، إلا أن هذا التاريخ لم يحمه من التقزم والانزواء بجانب بقية الأحزاب فى أدوار مساعدة ثانوية. «اليوم السابع» حاورت الدكتور محمود أباظة رئيس حزب الوفد الجديد لتقف على حقيقة وأسباب هذا الوضع.
الوفد حزب عريق ولديه قاعدة كبيرة لكنه فشل فى أن يكون الحزب البديل لماذا؟
الوفد هو البديل المناسب لكنه يجب أن يكون بديلاً آمنا، الوفد لا ينقصة شىء فلديه 147 مقراً، بالإضافة إلى تزايد عدد أعضائه حيث إن عدد أعضاء أمانة القاهرة فقط هذا العام اقترب من نحو 45 ألف عضو بخلاف باقى المقارات، إلا أن الحزب يحتاج فى الأساس إلى تطبيق نظام التعددية بشكل واقعى حتى تظهر إمكانياته الحقيقية.
الحزب لا ينقصه شىء سوى فرصة حقيقية، حيث إنه لا يمكن مقارنة الوضع فى مصر بين الحزب الوطنى وحزب الوفد، بما يحدث فى أمريكا بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى، أو فى بريطانيا بين العمال والمحافظين، ويرجع ذلك إلى النظام نفسه ومدى إيمانه بالتعددية، فطالما أن الحزب الوطنى مرتبط بالدولة فلن تكون هناك تعددية مادام البلد كله تحت تصرف هذا الحزب.
هذا يعنى أن طموحات الوفد ستظل أحلاماً ولن تتحقق مقولة الحزب البديل؟
الخطوة الأولى هى إصلاح النظام السياسى المصرى حتى نعمل فيما بعد مستندين إليه وغير خائفين من تبعات العمل السياسى التى نعانيها حاليا، ولن تكون المشكلة مشكلة وطنى وإخوان بل قضية وطن بأكمله، حيث إن هناك إجماعاً على أن مستقبل مصر ضبابى ومجهول، وحتى أقطاب النظام الحالى غير مطمئنين إلى هذا المستقبل ولا يستطيعون حتى تحديد ملامحه.
رغم كل ما ذكرته عن إمكانات وكوادر الحزب ورغم ممارسات النظام السياسى، فإن المنافسة انحسرت بين الوطنى والإخوان وخرجت جميع الأحزاب من اللعبة وعلى رأسها الوفد فما تفسيرك؟
الوطنى هو من يرغب فى أن تكون الصورة على هذا الحال، لأسباب كثيرة أهمها رغبة قياداته فى فرض نظرية غياب البديل، لأنه لا يوجد فى الشارع أى تعاطف مع الحزب أو تأييد شعبى له، لذلك لو ظهر البديل وأجبر الحزب الوطنى على أن يوضع فى منافسة فلن يكون ذلك فى مصلحته بالتأكيد.
إذن.. ما الميزة لدى الإخوان التى يحتاجها الوفد ليكون مشروعا لحزب حاكم بديل للإخوان؟
الإخوان لا يمتلكون أى ميزة سوى أنهم جماعة غير شرعية، فى حين أن الوفد من الأحزاب الشرعية التى لديها الحق فى خوض المعركة الانتخابية، لكن الإخوان جماعة لها وجهان أحدهما سرى والآخر علنى، السرى يتم تمويله وتدعيمه من الداخل أو الخارج، والعلنى هو الذى يظهر أمام الناس، لذلك سيكون من الصعب على شعب مصر أن يؤيد أو يساند حركة غير شرعية تنادى بالإسلام وليس بالديمقراطية، والدليل على ذلك تواجد الجماعة منذ عشرات السنين، ورغم ذلك فشلت فى المنافسة على السلطة وحتى بعد حصول الجماعة على 88 مقعداً فى مجلس الشعب لم يظهر أداء نوابها بالشكل المطلوب، أما الأحزاب فهى سلطة شرعية يمكنها خوض الانتخابات دون أن يلاحقها الحزب الوطنى باتهامات الحظر والتشكيك فى التمويل.
هل هذا يعنى أن حصول الإخوان على 88 مقعداً من مقاعد البرلمان كان برغبة من الحزب الوطنى؟
ليس الوطنى وإنما الدولة التى أعطتهم الفرصة لذلك، لأنها تحدد الناجحين حتى قبل بدء الانتخابات، وهو ما كان سببا فى عزوف عدد كبير من رجال الوفد عن خوض تلك المعركة لمعرفة نتائجها مسبقاً.
مادام الوفد يعلم ألاعيب الحزب الوطنى، فلماذا لم يتصدَ لها أو يحاول كشفها؟
بالفعل الوفد يحاول فى الفترة الحالية التصدى من خلال الظهور فى الشارع وحشد المواطنين ليكونوا الداعمين للوفد فى سعيه لطرح نفسه كبديل، خاصة أن الشعب أصبح خائفا بشدة من المستقبل ويشعر بالغربة فى وطنه والرغبة فى العودة إلى الماضى، وحزب الوفد يضرب بجذوره فى هذا الماضى، كما يسعى الحزب بجدية حالياً إلى تقوية الروابط بين الأحزاب المشاركة فى ائتلاف أحزاب المعارضة من حيث الوصول إلى رؤية موحدة وموقف واحد لإعادة الروح والحراك فى الحياة السياسية فى مصر، بالإضافة إلى اتفاق هذه الأحزاب وهى الوفد والتجمع والناصرى والجبهة على خوض الانتخابات بصورة ائتلافية تضمن التعاون بينها ومساعدة كل حزب لمرشحى الأحزاب الثلاثة الأخرى.
هل يمتلك الوفد خططا معينة فى حال وصوله إلى السلطة وبرنامجا زمنيا لتنفيذها؟
نمتلك مشروعاً آمناً وصادقاً يبدأ بوضع دستور جديد يسمح بتحقيق الديمقراطية الحقيقة التى فقد الشعب المصرى الإحساس بها بعد ثورة 1952، وهو ما نقوم بالإعداد له الآن مع بقية أحزاب الائتلاف، إضافة إلى التخطيط لإصلاح المرافق التى وصلت إلى حالة يرثى لها حتى أصبح المواطن لا يضمن الحصول على كوب ماء نظيف، وسنحاول خلال الفترة القادمة من خلال المؤتمرات الجماهيرية حشد الناس مرة أخرى خلف الحزب بعد أن نعرض عليهم برنامجنا وأفكارنا.
كيف سيكون الوفد هو البديل رغم ما يتردد عن وجود علاقات تجمعكم بالنظام؟
الحزب لم يكن له فى أى من مراحله أى علاقة مع النظام، وهذه الأقاويل تتزايد دائما مع قرب الانتخابات البرلمانية، ودائماً ما أسمع الناس تتحدث عن صفقات بين الوطنى والوفد وهو ما لا يحدث إطلاقا، والدليل على ذلك هو عدم تجاوز عدد نواب الوفد منذ 1995 حتى الآن 6 أو7 نواب داخل مجلس الشعب، فأين هى الصفقات، ولو كانت موجودة لكان حزبنا موجوداً الآن بعدد كبير من النواب داخل المجلس.
الحزب قوى لكن الجريدة التى تعبر عنه بين الناس وصلت إلى حالة يرثى لها، فهل للخلافات داخل الحزب دور فى ذلك؟
جريدة الوفد كانت أقوى صحيفة يومية معارضة غير حكومية، لكنها الآن موجودة بين أكثر من 18 جريدة منافسة، بالإضافة إلى اختلاف المزاج العام للمواطنين، خاصة أن جريدة الوفد ناطقة باسم الحزب والحزب لابد أن تكون له أحلام ووعود تحملها جريدته، لكننى لا أستطيع أن أعد الناس بشىء لا يمكننى تحقيقه على أرض الواقع لأننى لا أملك من الأمر شيئا.
لماذا هاجم حزب الوفد نظام الخصخصة رغم أنها فى صميم برنامجه؟
الوفد لم يهاجم الخصخصة بل رفض آلية تطبيقها، خاصة أننا طرحنا فى برنامجنا آليه عمل تحفظ أموال الشعب ولا تهدرها، بل تعمل على تنميتها ومضاعفتها.
هل عدم قدرتك على لم شمل الوفد أحد أسباب ضعفه؟
الوفد لم يكن مفتتا من البداية، فمعركة نعمان جمعة انتهت بعد قرار الهيئة العليا بفصلة نهائيا، لهذا لم تعد هناك أى مبررات للانقسام.
كيف قابل الوفد حصول نعمان جمعة فى الانتخابات الرئاسية الماضية على المركز الثالث فى حين حصل أيمن نور رئيس حزب الغد وقتها على المركز الثانى رغم حداثة حزبه؟
ما حدث فى الانتخابات الرئاسية عام 2005 كان أحد الأسباب الهامة التى دفعت الهيئة العليا إلى التخلص من نعمان جمعة.
هل يسعى الوفد ليكون شريكاً فى الحكم أم بديلاً عنه؟
لا طبعاً، أحلم أن يتولى الوفد السلطة، فالأحلام ضرورية ولكنها لا تكفى، حيث إنه يجب إيجاد الآليات التى يمكن من خلالها التواصل مع الشعب صاحب هذا البلد من خلال الوسائل المتاحة مثل جريدة الوفد، والوسائل الجديدة، حيث نستعد الآن لإطلاق إذاعة ناطقة باسم الحزب تقوم ببث أفكاره وأطروحاته وسياسته وبرنامجه الذى يحلم بتنفيذه، ونتمنى أن تكون هذه الإذاعة بديلا للمؤتمرات الجماهيرية التى لا يسمح بها الأمن إلا كل فترة طويلة، وقبل أن نتحدث عن طرح حزب الوفد كبديل يجب أولا مد جسور التواصل والتقارب بينه وبين الشعب الذى يسعى إلى نيل ثقته.
لمعلوماتك..
◄ ولد يوم 16 يوليو 1948 بمحافظة الشرقية.
◄ حصل على ليسانس حقوق جامعة القاهرة 1970 ودبلوم الدراسات العليا فى القانون الدولى العام من جامعة باريس 1972 واشتغل بالمحاماة.
◄ انتخب فى يونيو من عام 2006 رئيساً لحزب الوفد الجديد.
◄ عضو فى الجمعية المصرية لحماية البيئة وجمعية خريجى الجيزويت وجمعية القانونيين المتصلين بالثقافة الفرنسية.
◄ عضو بمجلس الشعب عن دائرة التلين محافظة الشرقية 2005.
موضوعات متعلقة..
◄ ممكن الكبار يتكلموا شوية فى البلد دى.. لوسمحتم!
◄ د. عمرو الشوبكى يكتب: هل سيفعلها حزب الوفد ويقود حركة الإصلاح فى مصر؟
◄ الوفد مشروع حزب منافس
◄ المصالحة مع المرحلة الناصرية أولى خطوات الوفد ليكون جامعة وطنية كما كان قبل الثورة!
◄ لماذا لا تجتمع المعارضة والقوى السياسية تحت راية الوفد؟
◄ 20 عائلة مسلمة وقبطية يمكنها دعم الحزب لمنافسة شعبية «الوطنى» و«الإخوان»!
◄ 18 شخصية وفدية مؤهلة لمهام قيادية بالدولة
خبراء وسياسيون: الوفد عاش فترات إحباط طويلة.. ومحاولات «أباظة» لإنقاذ الحزب بدأت متأخرة 10 سنوات
◄ الوفد.. الخروج من عنق الزجاجة
◄ 10 توصيات لـ «الوفد» ليصبح الحزب البديل
وزراء ومحافظون وبرلمانيون من الوفد
تفسير قيادات الوفد للابتعاد عن السلطة
◄ 10 توصيات للوطنى لكى تكون هناك أحزاب وليس« ديكور»
◄ الوفد.. الحزب البديل فى مصر
محمود أباظة: الوفد هو البديل الوحيد لـ«الوطنى» ونحلم بالوصول إلى السلطة غداً لكن الأحلام وحدها لا تكفى
الأربعاء، 25 نوفمبر 2009 03:04 م
محمود أباظة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة