هل يمكن أن نعتبر ما حدث فى السودان أمراً عادياً؟ وهل يمكن ونحن نتحدث عنه أن نتجاهل الحالة العبثية التى سيطرت على الإعلام المصرى أثناء وبعد هجمات المشجعين البلطجية الذى أرسلهم بوتفليقة إلى الخرطوم؟ ثم وهو السؤال الأهم لماذا غضبنا وشتمنا وانهارت أعصاب الكثير منا ووجهنا اللوم للكل دون أن يطلب أحد منا محاسبة السادة المسئولين عن تلك الكارثة التى تعيشها مصر الآن؟، لماذا لم يفكر أحد فى توجيه غضبه نحو السيد وزير الإعلام أنس الفقى، الذى فشل هو وزارته حتى لحظتنا هذه فى تقديم وإبراز ما حدث للمصريين فى الخرطوم واكتفى تليفزيونه الرسمى بتقديم وصلات ردح مادتها الأساسية كلام الفنانين دون أن يقدم للخارج أو الداخل أى مادة مصورة يمكنها أن تخبر العالم بحقيقة الاعتداءات البشعة التى حدثت فى الخرطوم؟ وهو الفشل الذى مازال مستمراً فى ظل عدم قدرة الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لوزارة السيد أنس الفقى على إعداد ملف محترم يمكنها من خلاله تسويق الموقف المصرى من البلطجة الجزائرية فى دول أوروبا ودول الخليج التى يعيش سكانها، وهم مقتنعون بأن مصر فى هذه الأزمة هى الجانى وليس المجنى عليه بسبب تحركات الإعلام الجزائرى الذى نجح رغم ضعفه فى استمالة الرأى العام الأوروبى والعربى؟
طبعاً أنتم لا تحتاجون أن أخبركم بأن ما حدث للجمهور المصرى فى السودان كان شيئاً غريباً، بل خيالياً إن شئنا الدقة، ولكن يبدو أننا كلنا فى حاجة إلى إخبار أنفسنا أن الشىء الأكثر غرابة من كل ما حدث هو موقف وزير الإعلام المصرى أنس الفقى الذى قرر بدون أى خجل أن يركب الموجة الفضائية المصرية ويكتفى بالكلام مثله مثل خالد الغندور ومدحت شلبى مهدداً ومتوعداً، وحينما جاء وقت الجد وانتظر الجميع من السيد وزير الإعلام أن يقدم لهم ما يعينهم على صناعة ملف قوى تستشهد به مصر للدفاع عن نفسها فى الفيفا واسترداد كرامتها أمام دول العالم، لم يقدم السيد الوزير أى كلام، وقال فى البيان الذى ألقاه أمام اللجنة المشتركة المكونة من لجان الشئون العربية والدفاع والأمن القومى والشباب بمجلس الشعب: "إننا جميعاً أخطأنا حين اعتقدنا أنها مباراة فى كرة القدم، فدفعنا بمثقفى مصر وفنانيها ونواب الشعب لمؤازرة منتخبنا، فإذا بهم وقعوا فى مواجهة مجموعة من المرتزقة والإرهابيين المنظمين".
قال سيادة الوزير هذا الكلام وكأنه جاء بالتايهة، أما فيما يخص التحركات العملية على أرض الواقع، فلم يقدم السيد الوزير أى شىء، ولم يقل أى شىء، ولم يخبرنا بالطريقة التى يمكن أن نحاسبهم ونحاسبه بها على هذا الخطأ الذى راح ضحيته الكثير من الشباب وضاعت بسببه كرامة مصر، سيادة الوزير وللأسف الشديد لم يخبرنا لماذا لم يجلس ليخطط مع المسئولين فى الدولة لرحلات تشجيعية محترمة لمؤازرة المنتخب فى مباراة مهمة كهذه واكتفى بإرسال الفنانات؟ ولم يخبرنا كيف فشلت مصر فى تنظيم حضورها الجماهيرى بشكل يحمى الجميع فى الخرطوم التى تربطنا بها ما تربطنا من روابط وعلاقات ومسافة قريبة على غرار ما فعلته الدولة الجزائرية؟
الوزير الذى اكتفى بالكلام فقط، ربما هو الشخص الوحيد الذى يجب وضعه على قائمة المسئولين المطلوب محاسبتهم على ما حدث فى الخرطوم، ليس فقط لأنه ترك الحبل على الغارب للشتامين، وليس فقط لأن التليفزيون المصرى كان نائماً فى العسل وأهلنا يتعرضون للضرب فى السودان، باستثناء الجهد الفردى الذى بذله إبراهيم حجازى على نايل سبورت، ولكن لأن البعثة التليفزيونية المصرية التى كانت فى قلب الحدث لم تستطع أن تحصل على صورة واحدة لتوثيق المجزرة التى تعرض لها الجمهور المصرى فى السودان، رغم أن كل قناة كانت هناك بمراسليها وكاميراتها، بخلاف بعثة التليفزيون المصرى الموجودة أصلاً فى السودان، وإن كان سيادة الوزير لم يشعر حتى الآن بهذا الفشل الإعلامى، فلابد أن يدرك الآن وليس غداً أن فشله الإعلامى فى تغطية ما حدث فى الخرطوم قد وضع مصر فى أزمة سياسية ودبلوماسية وأخلاقية، فكل ما نفعله الآن هو الكلام، أما إذا طلب أحدهم منا وثيقة مصورة لما حدث فسوف ننظر للأرض ونقول للأسف معندناش.
سيادة الوزير وضع على شاشات التليفزيون رقم هاتف غرفة عمليات تم إنشاؤها بقرار من الرئيس مبارك وليس من سيادته طبعاً، واعتبر بأن رقم الهاتف الذى نشره للتواصل مع المصريين فى السودان من أهم إنجازات الأزمة، غافلاً عن مصر كلها لم تكن فى حاجة إلى هذا الهاتف إذا كان هو والسادة المسئولون قاموا بواجبهم ووضعوا خطة سليمة لتأمين الجمهور ذهاباً وإياباً بدلاً من كلمة "ياللا كله يطلع على المطار" وما سببته من هرج ومرج اتبعته الكارثة، وبالتالى إذا بدأ يوم الحساب لمعرفة ما حدث فى الخرطوم ستكون سيادتك أول الواقفين فى الطابور وأول المدانين ودلائل اتهامك واضحة للجميع، أهمها أننا لا نملك دليلاً واضحاً بالصوت والصورة على ما حدث فى الخرطوم، بينما نملك الكثير من التسجيلات لفضائياتك وقنواتك، وهى تمنح هواءها مجاناً لمجموعة من الشتامين وأصحاب التصريحات الغريبة.
موضوعات متعلقة..
الفقى: ما حدث للمصريين بالسودان إرهاب منظم
لماذا لا تلغى وزارة الإعلام؟!
الفضائيات الخاصة تنقلب على وزير الإعلام وتستعد لرفع دعوى قضائية للمطالبة بتقليص سلطاته.. وخبراء: الدستور لا ينص على احتكار الإذاعة والتلفزيون لمنح حق البث الفضائى
حاكموا أنس الفقى بتهمة إهدار كرامتنا فى السودان.. فشل فى تنظيم الحضور الجماهيرى.. عجز عن توثيق الاعتداءات على المصريين.. وانشغل بالكلام إلى الداخل بينما الآخرون يجهزون الملفات لإدانتنا
الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 08:14 م
أنس الفقى وزير الإعلام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة