محمد رفعت

جرح "الخرطوم" وجروح أخرى!

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 06:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن اعتداء الجزائريين على المشجعين المصريين فى السودان قد فتح أكثر من جرح ووضع يدنا على مواطن ألم كثيرة بعضها مطمور تحت السطح منذ سنوات، وجاء الأوان لتناولها بكل صراحة وشفافية..وأول هذه الأمور المخبوءة فى النفوس هو ذلك الإحساس بالدونية والهوان على الناس الذى يشعر به الكثير من المصريين ليس فقط خارج بلدنا، ولكن فى الوطن أيضا..آن الأوان لكى يتوقف الجلادون والساديون وأصحاب العقد النفسية عن تخريب نفسية هذا الشعب والتخفى وراء ستار السلطة لإذلال الناس.

لقد رأيت منذ يومين ضابط شرطة برتبة ملازم أول يصفع سائق تاكسى على وجهه بدون وجه حق، وكدت أصاب بالجنون وأنا أرى السائق المضروب يعتذر للباشا ويطلب منه العفو والسماح..كفانا سكوتا على الإهانات التى يتعرض لها المواطنون فى أقسام الشرطة وفى بعض المصالح الحكومية..دعونا نحترم أنفسنا أولا حتى يحترمنا الناس..انزعوا الغصة الموجودة فى النفوس، والإحساس بالغربة والاغتراب داخل الوطن..والتفرقة بين الناس والواسطة والمحسوبية وحاربوا الفساد الذى عم البر والبحر وكان سببا فيما نشعر به من ذل وهوان..فالذين تعرضوا للضرب والسحل فى الخرطوم هم المحظوظون الذين اختارهم وزير الإعلام وموظفوه ليركبوا طائرته المجانية ويشجعوا المنتخب، وهم أيضا أعضاء الحزب الحاكم الذين استقلوا طائراته المدفوعة الثمن مقدما من لحم الحى ورزق الغلابة ليكونوا فى طليعة أصحاب الوجاهة، وهؤلاء لم يرفعوا صوتهم فى استاد الخرطوم لتشجيع المنتخب ، خوفا من الشعب الجزائرى الشقيق، وجروا فى الشوارع أمام عصبة من البلطجية والخارجين على القانون..أما الجمهور الحقيقى الذى يحب مصر وذهب إلى السودان برا من أسوان، والذين دفعوا دم قلبهم لشركات سياحية خاصة لكى يسافروا ويشجعوا المنتخب فلم نسمع عنهم شيئا بعد المباراة..هذا يا سادة هو الشعور الذى يجعلنا نهون على أنفسنا هنا فنهون على الآخر هناك، مهما كان عربيا أم غربيا..قريبا أو غريبا..إنه إحساس الناس بأن هذا البلد ليس بلدهم وأن هذه الحكومة لن تحميهم وأن هذا الاعلام لايعبر عنهم، وأن هؤلاء النجوم المشهورين لم يصعدوا إلى النجومية بفضل موهبتهم، ولكن بفضل أشياء أخرى أبعد ما تكون عن الأحقية والكفاءة..إنه إحساس المغتربين المصريين فى الخارج بأن سفارات بلدهم لن تساندهم ولن تدافع عن حقوقهم ولا تستطيع أن تحميهم، وأنها مجرد منافذ أخرى للجباية تريد أن تمص دمهم وتحصل منهم على المال بدون أن تقدم لهم أى خدمة أو تحقق لهم أى مصلحة..وقبل أن نلوم الجزائريين وغيرهم لأنهم تطاولوا علينا، ونهددهم بأننا سنأخذ حقنا منهم، يجب أن نعرف أولاً كيف نحصل على حقوقنا فى بلدنا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة