محمد حمدى

العلم.. والرئيس

الإثنين، 23 نوفمبر 2009 11:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أهم ما فى مباريات كرة القدم غير المتعة، الاهتمام الشديد بالعلم الوطنى، من كافة المستويات والشرائح، لدرجة أننا فى مصر لم نر كل هذه الأعلام المصرية قبل مبارة الجزائر فى القاهرة، لكن هناك فارقا كبيرا بين علم الدولة وصورة رئيسها، فالعلم أحد رموز الدولة الحديثة كما يعرف الجميع مثل النشيد الوطنى والعملة.. وغيرها.

أما صورة الرئيس فهى ليست رمزا وطنيا وإنما صورة لشخص وظيفته هى رئيس الجمهورية، لذلك لا ترى صور الرئيس الأمريكى أو الفرنسى مثلا فى كل المصالح الحكومية والوزارات والهيئات وحتى المدارس، وإنما يضعون علم الدولة فقط لا غير.

وحكاية المصريين مع صور رؤسائهم تعود إلى التاريخ القديم، ورغم أن الفراعنة لم يعرفوا التصوير الضوئى فإنهم برعوا فى النحت، وكان طبيعيا أن يصنعوا للفرعون الإله أو ابن الإله تماثيل يضعونها فى المعابد، ويرسمون صوره على جدرانها.

وظلت مصر ملكية أو خلافة أو إمارة تابعة لخلافة حتى حكمتها أسرة محمد على، ومفهوم حكم الأسرة يعنى أنها تمتلك البلد الذى تحكمه، فمصر كانت ملكا لمحمد على وأبنائه وأحفاده، يقطعون الناس بعض أراضيها ليزرعوها، وكان طبيعيا أن تتصدر صور محمد على وإسماعيل وسعيد وتوفيق وفؤاد وفاروق صور كافة المصالح الحكومية والوزارات والهيئات ومجلس النواب.

الغريب أنه حين تحولت مصر إلى جمهورية على يد الضباط الأحرار استبدلت صور الملك فاروق بصور محمد نجيب ثم عبدالناصر فالسادات ومبارك، ربما لأن مصر فى طريقة حكمها منذ يوليو 1952 لم تختلف كثيرا عن الملكية، لذلك ظل رئيسها شبه ملك.. شبه إله!

وإذا كانت مصر قد عرفت الانتخابات الرئاسية التعددية بين أكثر من مرشح لأول مرة فى التاريخ عام 2005 فإنه آن الآوان للتعامل مثل الدول الجمهورية الرئاسية الحقيقية، وأن نرفع صور الرئيس من كافة المصالح الحكومية لنضع محلها علم مصر.

العلم رمز الدولة وهو ثابت لا يتغير، أما الرئيس فهو شخص، مهما كانت مكانته، ومهما قدم لبلده مجرد شخص ينتخبه الناس ويمنحونه أصواتهم ليدير شئون بلادهم نيابة عنهم، لكنه ليس ملكا ولا إلها، ولا يحمل رمزية العلم الوطنى بأى شكل من الأشكال.

فى فرنسا كان لديجول شعبية توازى شعبية عبد الناصر فى مصر، فهو الذى قاد المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازى فى الحرب العالمية الثانية، لكنه حين حكم فرنسا بعد التحرير وهزيمة النازيين لم يضع الناس صوره فى الشوارع والميادين، وإنما وضعوا علم فرنسا.
وفى مصر غير جمال عبدالناصر وجه الحياة، لكن المصريين وضعوا صورته محل علم بلادهم وجعلوه رمزا للبلد يكاد يفوق فى رمزيته البلد والعلم أيضا.

وإذا كنا تعلما شيئا من الأيام الماضية فهو أن حبنا للعلم وارتباطنا به يجب أن يدعونا إلى وضعه فى كل مكان محل صورة الرئيس.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة