فى ظل انشغال الرأى العام المصرى بالتداعيات السياسية لما حدث بالسودان وفى ظل تناول وسائل الإعلام المصرية ما قامت به مجموعات مرتزقة وقذرة وحقيرة من الجماهير الجزائرية ضد البعثة والجماهير المصرية قبل وبعد المباراة وفى ظل شماتة الكثير من العرب فينا واتهامهم لنا بإجادة التمثيل لم يتطرق أحد– اللهم إلا القليل– إلى الأسباب الفنية لعدم تأهلنا إلى كأس العالم.
والحقيقة أننى لا أتفق مع الكثرة التى رأت أن لاعبى المنتخب القومى وجهازهم الفنى أدوا ما عليهم وأن عدم تأهلنا راجع إلى الحظ بل إننى أرى أن فريق الجزائر هو الأحق بالصعود لأنه قدم مباريات أفضل من المنتخب المصرى طوال تصفيات المجموعة.
نعم يتفوق لاعبونا على لاعبيهم فنيا بمراحل كثيرة عليهم ولكنهم كانوا الأفضل على المستوى الجماعى والخططى، أعود وأقول إننا نحن من أعطيناهم الفرصة وإننا من صنع منهم بطلا كرويا فقد كان بإمكان منتخبنا حسم صدارة المجموعة من أول مباراتين أو على الأقل حسم فارق الأهداف مبكرا قبل مباراة القاهرة عن طريق مباراتى رواندا ولو حدث ذلك لما رأينا هذه الحالة من التعبئة الجماهيرية والمعنوية لدى الجزائريين ولاعتبرنا مباراة القاهرة تحصيل حاصل.
أبرز أسباب عدم تأهلنا أو قد أسميها أخطاء المرحلة الماضية أوجزها فى النقاط التالية:
الثقة الزائدة والمبالغة الإعلامية
لعل هذا هو أحد أبرز الأسباب فى عدم تأهلنا فقبل مباراة القاهرة كانت هناك حالة من التفاؤل غير الواقعى لدى الجماهير والإعلام فقد اتفقت الأغلبية قبل تلك المباراة أن منتخبنا سيسحق الجزائر ولكنهم اختلفوا على عدد الأهداف بعضهم قال أربعة وآخرون قالوا خمسة...! نفس الشىء حدث قبيل المباراة الفاصلة بالخرطوم رغم فوزنا عليهم بشق الأنفس بالقاهرة وسط حشد جماهيرى غير مسبوق، كل ذلك انعكس سلبا على لاعبينا الذين ذهبوا إلى السودان وكأنهم سيلعبون مباراة تتويج لا محالة منه ونقلت لنا اللقاءات التليفزيونية حالة من التفاؤل غير المبرر لدى اللاعبين وجهازهم الفنى قبل تلك المباراة الفاصلة فلعبوا المباراة فى شوطها الأول بشكل غير واقعى، ناهيك عن الاحتفال المسبق بالتأهل فى برامجنا الفضائية فى الليلة التى سبقت كلا المباراتين ودق المزامير ورقص شلبى وعمرو أديب وعن افتتاحية العدد الأسبوعى للجمهورية التى قال فيها جلاء جاب الله (سعدان يقول لشحاته قطعنى يا معلم!) وهو للأسف ما زاد من شماتة بعض الجزائريين والعرب فينا!
الاعتماد الدائم على الحظ والحضرى
لعب الحظ دوره معنا فى مباراة رواندا ثم فى مباراة زامبيا حيث فزنا عليهم بهدف من هجمة وحيدة لحسنى عبد ربه ثم ابتسم الحظ لنا فى مباراتنا مع الجزائر بالقاهرة عند تسجيل متعب للهدف الثانى فى الدقيقة الأخيرة فتوهمنا أننا سنصل إلى كأس العالم لا محالة فى ظل وقوف دائم للحظ معنا، كان للحضرى دور كبير أيضا فى خروجنا سالمين من كل هذه المباريات حيث أنقذ أهدافا محققة ما كان لغيره من حراس العالم أن ينقذها، فى ظل اعتماد حسن شحاتة الدائم على الحظ وعلى حارس مرماه لا يمكن أن تسلم الجرة فى كل مرة!
استجلاب النصر بالندوات الدينية والدعاء لا بالعمل الجاد والتركيز
للأسف يحاول البعض منا فى الآونة الأخيرة الربط بين الدين وكرة القدم وهو ربط فى غير محله ولو طبقناه لن يكون ذلك فى صالح ديننا الإسلامى بدليل أنه لا توجد دولة إسلامية فازت بكأس العالم، وقد فوجئت بخبر قيام الشيخ خالد الجندى بعقد ندوة دينية للاعبين قبل مباراة القاهرة مع الجزائر بيومين، ويبدو أن الشيخ الجندى قد صدق أن ندوته لها سر باتع فأعلن بعد فوزنا على الجزائر بهدفين أن توبة اللاعبين سبب الفوز!!! وهو قول لو صح- جدلا- لافترضنا أن لاعبى الجزائر عصوا الله قبل مباراة القاهرة وأن لاعبين قد ارتدوا عن توبتهم قبل مباراة الخرطوم!!!!
الكابتن حسن شحاتة أيضا طالب الجماهير بالدعاء المتواصل قبيل مباراة الخرطوم حتى يتحقق له النصر، وقد غفل الكابتن حسن عن أن هناك جماهير جزائرية تدعو لمنتخبها أيضا إذن فالكفة متساوية والفيصل بيننا وبينهم يا كابتن حسن هو العمل الجاد والتركيز لا استجلاب النصر بالندوات الدينية والدعاء.
أخطاء الخطة والتشكيل
بالطبع هذا هو السبب الأبرز فى عدم تأهلنا فلا توجد خطة قوية واضحة المعالم يلعب بها المنتخب فى الفترة الأخيرة فلا نتذكر مثلا جملا تكتيكية معينة قام اللاعبون بتنفيذها خلال المباريات الأخيرة وغالب الأهداف التى سجلها المنتخب فى تلك المباريات جاء إما بأخطاء المنافس أو باجتهادات شخصية من اللاعبين. ولم نر فى مباراتى الجزائر أى من المفاجآت التى وعدنا بها شوقى غريب! لم يجدد حسن شحاتة فى صفوف لاعبيه واكتفى بالاعتماد على مجموعة ثابتة لا تتغير من اللاعبين الأمر الذى جعل منتخبنا الحالى صاحب معدل الأعمار الأعلى فى تاريخنا الكروى! أما أخطاء التشكيل فكثيرة هى منها على سبيل المثال لا الحصر:
- عدم إعطاء بركات دورا واضحا وعدم الاعتماد عليه كأساسى، رأينا جميعا كيف بركات يلعب 20 دقيقة فقط أمام الجزائر بالقاهرة وكاد أن يوصلنا لكأس العالم فى آخر دقيقة لولا سوء الحظ، بركات كان يمكن أن يكون الحصان الرابح واللاعب المحورى لحسن شحاتة فهو أخطر لاعبى مصر فى آخر عشر سنوات لاعب يمكن أن يخطف أى مباراة فى لحظة لكنه للأسف تجاهله الكابتن حسن.
- الاعتماد الدائم على متعب بدلا من زيدان أوعمر وزكى، لا أدرى ما سر تمسك الكابتن حسن بمتعب؟! لا يعنى إحراز متعب للهدف الثانى لمصر فى مباراة القاهرة أنه لاعب يمكن الاعتماد عليه دوليا بدليل أننا لا نتذكر له شيئا منذ ثلاثة أعوام أو ربما أكثر مع المنتخب. لا أعرف كيف يضحى الكابتن حسن شحاته دوما فى معظم مبايات المنتخب بأحد نجوم الدورى الألمانى أو هداف سابق للدورى الإنجليزى من أجل لاعب فشل فى أن يلعب لنادى درجة ثانية بانجلترا! نداء أخير للكابتن حسن: عماد متعب ليس مقررا إلزاميا تفرضه علينا!
- عدم الاستعانة بميدو. لعب ميدو مع المنتخب فى مباريات مجموعتنا حوالى 20 دقيقة أمام زامبيا بالقاهرة كان خلالها مصدر الخطورة الرئيس لمنتخبنا على مرمى زامبيا (ارجعوا لشريط المباراة إذا كنتم غير متأكدين). ألم يكن من الأولى الاستعانة به كاحتياطى على الأقل بدلا من لاعبين مثل أحمد رؤوف ومحمد صلاح أبو جريشة والأخير كان فى قائمة المنتخب بكأس العالم للقارات!
- هناك لاعبين آخرين غير متعب لا يمكن الاعتماد عليهم كأساسيين للمنتخب منهم على سبيل المثال المحمدى ومحمد حمص وشوقى ورغم ذلك يصر الكابتن حسن على الاستعانة بهم.
- هناك لاعبون آخرون غير ميدو خارج المنتخب بدون سبب واضح منهم مثلا أسامة محمد لاعب بتروجت وشيكابالا وعفروتو لاعب منتخب الشباب، هل كل ذنبهم أنهم لم يلعبوا لمنتخب الشباب مع حسن شحاتة أو شوقى غريب!
فى النهاية أرجو ألا يتهمنى أحد بمحاولة الانتقاص أو التقليل من كفاءة حسن شحاتة وجهازه الفنى، فقط أردت أن ألقى الضوء على سلبيات الفترة الماضية التى لابد من تداركها قبل بطولة الأمم الأفريقية وإلا ضاع منا اللقب وأصبحنا مضحكة للشامتين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة