"جهاز حماية المنافسة يفتقد للصلاحيات، وقانون منع الاحتكار ليس رادعا للممارسات الاحتكارية" كانت هذه أهم نتائج الورقة البحثية التى أصدرها مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، وعرض فيها تقييما من جانب الخبراء لقانون منع الاحتكار وجهاز حماية المنافسة، وعرضت الورقة البحثية لوجهتى نظر إزاء دور القانون فى التصدى للممارسات الاحتكارية.
فالرأى الأول يرى أنه منذ صدور النسخة الأولى من قانون منع الاحتكار وهو ملىء بالتناقضات والأخطاء حيث كانت الغرامة المقررة على المحتكر تصل إلى 10 ملايين جنيه ووفق التعديلات الأخيرة تم رفعها إلى 300 مليون جنيه، إلا أن هذا المقدار من المال لا يشكل عبئا على المحتكر الذى يكسب أموالا طائلة تمكنه من تجاوز مسألة الغرامة ليواصل سياساته، لذلك طالبت الدراسة بضرورة أن تكون الغرامة الموقعة على المحتكر فى صورة نسبة محددة يتم إلزامه بها من نسبة الأرباح الضخمة التى قام بجنيها نتيجة ممارساته الاحتكارية التى تضر بالسوق المصرية والمستهلك فى النهاية.
كما أن عقوبة الاحتكار يجب أن تكون مقيدة للحرية اى يتم الجمع بين عقوبة الغرامة والحبس، لأن الغرامة مهما زادت لا تمثل عبئا على المحتكر الذى المستمر فى نشاطه فلا شك أن إضافة عقوبة الحبس من شأنها أن تؤدى إلى إلحاق الضرر بكرامة وشرف المحتكر وسمعه شركته، ومن ثم يمكن ان يسهم ذلك فى ردع أباطرة الاحتكار بالسوق المصرية.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن القانون به ثغرة تتعلق بالمبلغ عن العمليات الاحتكارية، إذ إن التعديلات الجديدة بالقانون تعفى المبلغ من نصف العقوبة الموقعة عليه، ومن ثم فإن المادة بها قصور يمكن الفرد من استغلال هذه المادة فى الإيقاع بين الشركاء أنفسهم بما يمثل أضرار على السوق المصرية، حيث يمكن لأحد الشركاء الإضرار بشركائه عن طريق الإبلاغ عنهم لتوقيع غرامات عليهم.
أما الرأى الثانى الذى عرضته الورقة البحثية فيتعلق بتجاهل القانون لحق المتضررين ضررا مباشرا فى إقامة دعاوى قضائية مما يعد تهيشا لهم بصورة كبيرة. كما أن تحديد نسبة العقوبة بالغرامة من نسبة الأرباح سيخفف من الضغط على المحاكم لأنها بدورها ستضطر إلى إرسال الخبراء لتحديد موقف المبيعات للشركات المحتكرة، وبالتالى الوقوف على الحقائق وواقع المحتكر، إلا أن ذلك قد يؤدى إلى شيوع الفساد لأن الخبراء قد لا يضعون القيمة الصحيحة للغرامة وكما يمكن أن يقابلهم عقبات فى أداء مهامهم.
وتطرقت الورقة البحثية إلى تقييم جهاز حماية المنافسة، وذلك بوجود قصور تشريعى به وخاصة فيما يتعلق بعدم وجود استقلالية لجهاز حماية المنافسة بالقدر الضرورى والكافى الذى يمكّنه من أداء مهامه. كما أن الجهاز يفتقد للعديد من الصلاحيات وأن مهامه تقف عند حد اتخاذ التدابير فلم يعهد إليه القانون سلطة توقيع الجزاءات الإدارية، كما أن القانون لا يجيز للجهاز رفع الدعاوى الجنائية أو اتخاذ الإجراءات المطلوبة إلا بطلب كتابى من الوزير المختص، مما يقلل من فاعلية دور الجهاز.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن الجهاز قام بالعديد من الأعمال الإيجابية، بناء على طلب الوزير المختص بثبوت ممارسات احتكارية من جانب الشركات العاملة فى صناعة الأسمنت وهو ما أدى إلى إحالة 20 شركة منها إلى المحاكم الجنائية.
دراسة تتهم جهاز حماية المنافسة بـ"القصور وفقدان الصلاحية" وتطالب بتطبيق عقوبتى الحبس والغرامة لردع "أباطرة" الاحتكار فى مصر
الأحد، 22 نوفمبر 2009 08:00 م