معرض كاترين باخوم.. معزوفات لونية على أوتار شرقية

السبت، 21 نوفمبر 2009 02:11 م
معرض كاترين باخوم.. معزوفات لونية على أوتار شرقية الفنانة الفرنسية كاترين باخوم
كتب ياسر سلطان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لوحاتها أشبه بنافذة تطل من خلالها على عالم كالحلم، عالم أثيرى يتأرجح ما بين الواقع والخيال، أشخاصها المرسومة يسبحون فى فضاء مطلق تكاد لا تلمح الأرض تحت أقدامهم، نساء ورجال.. سادة وعبيد.. جاريات وحرائر.. جدران رخامية وأعمدة، وزخارف شرقية ساحرة وشجية وأمام اللوحة تستطيع أن تشتم رائحة الورد والبخور وعبق ألف ليلة وليلة، إنه عالم " كاترين باخوم" هذه الفرنسية المتمصرة، أو المصرية التائهة فى دروب العاصمة الفرنسية، هذه الفنانة التى تنضح أعمالها بعبق الشرق وأجوائه الساحرة.

ولدت كاترين باخوم فى أحد أحياء القاهرة عام 1949 وقضت معظم طفولتها فى مصر ثم انتقلت مع أبيها إلى أوروبا فى بدايات الستينيات من القرن الماضى، حيث استقرت فى باريس لتتعلم الفن على أيدى نخبة من الفنانين الفرنسيين، ولتتعرف كذلك على مدارس الفن المختلفة وتقضى وقتها متجولة بين متاحف الفن الأوربية. وبدأت الرسم فى سن متأخرة لتشكل بأناملها خطوطا عريضة تحدد إنتماءاتها الفنية ورؤيتها فى بناء اللوحة وتناول العمل الفنى، هذه الرؤية التى بدت مغايرة لما هو سائد فى أوروبا من تجريب وطغيان للمدارس الحداثية التى نأت باللوحة بعيدا عن شكلها الكلاسيكى المتعارف عليه، لكن كاترين باخوم عبرت على هذه الاتجاهات عبورا سريعا حتى استقرت على أسلوبها الذى أعلنته من خلال لوحاتها منذ بداية الثمانينات، ذلك الأسلوب الذى ينهل من القواعد الكلاسيكية فى بناء اللوحة ويوظفها فى بناء وتكوينات قد تبدو قريبة الشبه بالتجريدية اللونية لكنها فى الحقيقة لا تمت إلى التجريد بصلة سوى أن اللون فى أعمالها بدا منسابا كالمياه ومتدفقا كتهاويم الحلم.

اختارت كاترين باخوم الشرق، هذا الشرق الذى تعرفه جيدا وتقبع صوره ومشاهده عندها فى دهاليز الذاكرة ممتزجة بقراءاتها الكثيرة ومتوحدة بالحكايات والحواديت التى كانت تسمعها وهى صغيرة ليختلط فى وجدانها الحلم بالواقع والمتخيل بما هو حقيقى.

تقول الفنانة: كان الشرق عندى دائما يمثل الحلم والأسطورة والدفء والسكينة، وما زال هذا الانطباع يقبع فى داخلى عن الشرق والحياة فيه، وما يعنينى بشكل خاص هو جانب البساطة والتلقائية والفطرة التى أبحث عنها ولا أجدها إلا هنا، ليس فى هذه المدن الكبيرة المكتظة بالسكان والسيارات ومظاهر المدنية بل فى المناطق النائية والبعيدة، فى الواحات المنتشرة فى الصحراء حيث حياة البداوة، وفى الريف والأقاليم البعيدة، وأنا أبحث أيضا عن عبق التاريخ وسحره وغموضه، عن آثاره فى الذاكرة وعلى جدران البيوت والقصور القديمة.. فى المآذن والأديرة.. والحوارى والأذقة الشعبية.

وتضيف الفنانة: فى مصر كنت أبحث عن كل هذه الأشياء، وحينما أردت أن أوسع دائرة بحثى فى مناطق أخرى، قادتنى المصادفة إلى بلاد المغرب العربى، فأدركت لأول وهلة أنى قد عثرت على كنز آخر من الجمال، فى أشكال البيوت والملابس وحتى فى ملامح الناس وطريقة عيشهم، لقد أحدثت زياراتى للمغرب تحولا كبيرا فى أعمالى وألوانى التى أستخدمها، وطريقة بنائى للوحة، كما أن العناصر والمفردات الجمالية التى عثرت عليها هناك لا حصر لها وتمثل بالنسبة لى نبعا شديد الخصوصية لايتوقف ولا ينتهى .

وعادت كاترين باخوم مرة أخرى إلى مصر محملة بالأشواق والذكريات لكنها هذه المرة لم تكتف بمصر فقط التى كان لها قسط كبير فى أعمالها من قبل، إذ تعددت زياراتها إلى بلاد المغرب العربى، وأثارت مخيلتها أشكال الملابس المحلية هناك وبهاء الحمامات القديمة وجمال وروعة القصور العربية التاريخية فى أرجائه فأوجدت لنفسها ذلك المزيج الذى نراه فى أعمالها بين تصوراتها ومشاعرها وبين الواقع الذى تراه أمامها لتكون عالم بين هذا وذاك، عالم أشبه بالحلم لا نراه سوى فى أعمال كاترين باخوم غزلته بأيديها وألوانها بعدما أثارت خيالها كل هذه المفردات التى شكلت معالم اللوحات المعروضة حاليا وحتى 25 نوفمبر بقاعة سفر خان بضاحية الزمالك فى القاهرة هذه القاعة، التى تعوّد جمهور متابعيها على رؤية أعمالها من خلالها فى المعرض السنوى الذى تقيمه بها فى مثل هذا الوقت من السنة.

مساحات ذات قطع كبير ومتوسط مرسومة بدرجات أشبه ما تكون بألوان السحب والغيوم وتجليات الغسق.. أشخاص تغطيهم أردية مغربية ومشاهد لحمامات أثرية .. مناظر داخلية محصورة بين الجدران وأخرى لاتحدها حدودتحيطها السماء ويغمرها البحر بضبابه وتماهيه فى الأفق اللامحدود . إنه العالم الذى تعيش فيه كاترين باخوم بروحها وخيالها بعيدا عن مظاهر الحداثة وتعقيدات المدينة الغربية والذى عرفت عن طريقه فى أوساط الفن الفرنسية كإحدى الفنانات المتميزات.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة