محمد حمدى

ماذا نفعل فى التاريخ.. والجغرافيا؟

السبت، 21 نوفمبر 2009 11:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دعوات لا تتوقف للكفر بالعروبة والانكفاء على النفس، بعد ما حدث للمشجعين المصريين فى الجزائر، وتحول الموضوع إلى حرب من أجل الكرامة المصرية، وتحول الأمر إلى معركة غابت عنها الأصوات الهادئة العاقلة، ولى عدة ملاحظات أرجو أن يتقبلها أهلى الغاضبون بصدر رحب.

نعم أخطأت الجزائر الرسمية فى حق مصر وشعبها، لأنها لم توفر الحماية لنحو 15 ألف مصرى يعملون فى الجزائر، وهى تضعهم تحت الحصار منذ نحو عشرة أيام بحجة حمايتهم، بينما لم يتحدث مسئول واحد فى وسائل الإعلام الجزائرية عن ضرورة عدم التعدى على المواطنين أو المنشأت والمصالح المصرية.

وأعتقد جازما أن الصمت الحكومى الجزائرى على تحطيم مكتب مصر للطيران ومقرات شركة فرانس تليكوم، وأماكن إقامة الجالية المصرية فى الجزائر كان يستحق وقفة حكومية جزائرية لتهدئة المواطنين الغاضبين سواء من الجزائريين أو المصريين لكن الحكومة الجزائرية تخلت عن مهمتها الرئيسية فى حماية الرعايا الأجانب على أراضيها، بل يمكننى القول بكل وضوح أن الصمت الرسمى الجزائرى كان بمثابة نوع من أنواع التحريض.

أما ما حدث فى السودان فسواء تم بتشجيع وتخطيط رسمى جزائرى أم لا فقد بدا للجميع أن الصمت المتتالى ورعاية الأكاذيب فى الصحافة الجزائرية وعدم التصدى لها هو الذى أدى بنا فى النهاية إلى أزمة بين شعبين كان ما بينهما من دماء مشتركة يتجاوز ما يفعله المتعصبون على الدوام.. وأعتقد أيضا أن رد فعل الحكومة المصرية باستدعاء السفير المصرى للتشاور واللجوء للقضاء للحصول على تعويضات عن الأضرار التى وقعت على المصالح المصرية فى الجزائر هو أمر صائب، وعلينا متابعة مثل هذه الإجراءات حتى لا تضيع الحقوق.

وقد حذرت فى اليوم التالى للمبارة من نغمة الهجوم التى سادت بعض وسائل الإعلام ضد السودان، وهو ما أدى إلى حالة غضب سودانية وحسنا فعل أيضا الرئيس مبارك حينما وجه الشكر للقيادة والشعب السودانى وطلب من وزير الخارجية إبلاغ سفير السودان بهذا الشكر والامتنان فنزع فتيل أزمة أخرى كاد يتسبب فيها الإعلام مع الشعب السودانى الذى يجمعنا به الكثير مما لا يوجد بين شعبين آخرين.

لكن توسيع موجة الغضب لتشمل كل ما هو عربى يتجاوز كل الحدود المسموح بها، لأنه يعنى خلع مصر من محيطها، ولا أعرف أن أية دولة فى العالم يمكنها أن تعيش بمفردها وبمعزل عن جيرانها وعن الواقع المحيط بها.. وإذا كنا نشعر بالغضب الشديد هذه الأيام فإن هذا الغضب لا يجب أن ينصب على التاريخ والجغرافيا، وإنما يجب ترشيده للحفاظ على المكانة التى تتمتع بها مصر فى محيطها.

أعرف أن كرامة المصريين تتعرض فى أماكن عدة لانتهاكات، لكن إعادة كرامة المواطنين لا يكون بالعزلة، وإنما عبر الدولة القوية التى تفرض احترام الآخرين لها كدولة وكأفراد، وإذا كان هناك من إيجابية يمكن الخروج بها من هذه الأزمة فهى العمل على الحفاظ على كرامة مواطنينا بالخارج وهذا ما يجب أن نضغط على حكومتنا لتحقيقه، لا أن ننساق إلى محاولة خلع مصر من تاريخها وجغرافيتها، وجعلها وحيدة بلا ظهر أو سند فى هذا العالم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة