عثمان مكاوى يكتب: إحقاق الحق

الجمعة، 20 نوفمبر 2009 03:17 م
عثمان مكاوى يكتب:  إحقاق الحق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتذر للكاتب الكبير فهمى هويدى عن استعارة اسم مؤلف له من مؤلفاته التى أثرت المكتبة والفكر العربى والإسلامى. وجعله ( أى اسم المؤلف – بفتح اللام) عنوانا لمقالتى هذه التى أتناول فيها من وجهة نظرى المتواضعة وباختصار شديد تقييما للمراحل الثلاث التى مرت علينا بما لها وما عليها بعد قيام الثورة 1952، خاصة بعد مرور ما يزيد على بضعة وخمسين عاما على قيامها. بدءا بالزعيم جمال عبد الناصر (أعتذر هنا عن عدم ذكر مرحلة الرئيس الأول للجمهورية اللواء محمد نجيب لقصر المدة التى قضاها فى مجلس قيادة الثورة )، مرورا بالرئيس الراحل أنور السادات - وصولا للرئيس الحالى حسنى مبارك.
مرحلة الرئيس عبد الناصر ( 1953 – 1970):

اتسمت هذه الفترة بإعلاء الكرامة المصرية فى الداخل والخارج. كما ذابت الفوارق الطبقية بين الناس، وتلاشت واختفت ألقاب اجتماعية مثل (الباشا – البك – البهوية – الأفندى)، وأيضا رفع شعار مجانية التعليم للجميع. فلم يعد دخول ابن الباشا أو البيه أو القادرين إلى الجامعة حكرا على أبناء تلك الفئات، بل أصبح ابن الخفير وابن الوزير يجلسان معا على المقعد نفسه وفى المدرج نفسه. أما بالنسبة للتصنيع ففى ذلك العصر ازدهرت الصناعة والزراعة مثل مصانع الحديد والصلب والألمنيوم، بل وتعدت إلى بعض الصناعات الحربية كما تم بناء السد العالى وما نتج عنه فى تلك المرحلة. أيضا ساد الوئام بين طبقات المجتمع وترعرعت واتسعت الطبقة المتوسطة، وهى كما نعلم صمام الأمان لأى دولة. كما تم توفير جميع السلع الغذائية ولم نسمع عن الاحتكارات سواء أكانت فى السلع أو الصناعات الثقيلة. أيضا فى هذه المرحلة تم تأميم قناة السويس، أيضا لا ننسى دعم النظام لحركات التحرر العربية والإسلامية ودول العالم الثالث. كما شارك فى تأسيس دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامى. كما ازدهرت الحياة الثقافية والأدبية أيضا. وكانت أحسن ميزة لهذه الفترة هى أن الغالبية العظمى ممن كانوا فى الحكم تميزوا بطهارة اليد ولم نسمع عن رشاوى أو اختلاسات قد قاموا بها.
مساوئ النظام فى تلك المرحلة:

كما يقول المثل ولكل جواد كبوة فقد كانت هناك المساوئ فى تلك المرحلة فالحياة السياسية كانت فى حالة موات، والكل يعلم أنه إذا وصل العسكر إلى الحكم خرجت الديمقراطية من النافذة الأخرى. أيضا كان هناك التعذيب للشيوعيين والإخوان المسلمين ولكل من كان يقف فى وجه النظام ومطالبا برجوع العسكر لثكناتهم العسكرية (لا تنسوا السجن الحربى وما كان يحدث فيه من تعذيب). كما أنه فى هذا العهد أكلت نار الثورة بعض أبنائها مثل ما حدث لرئيس الجمهورية السابق اللواء محمد نجيب وكمال الدين حسين وجمال منصور ويوسف صديق، أيضا فى هذا العهد حدثت مذبحة القضاة، كما أممت الصحافة وكممت الأفواه وانتهى هذا النظام بأم الهزائم وهى هزيمة 5 يونيو 1967.

مرحلة الرئيس السادات (1970- 1981 ):

ظروف تلك المرحلة: وصل الرئيس السادات إلى كرسى الحكم بعد وفاة الرئيس الراحل عبد الناصر. فالسادات هو النائب الأول له. وكانت التركة فى ذلك الوقت مثقلة بالهموم والأحزان والأشجان (فقد حدثت النكسة)، كما أن معظم قيادات الثورة غير راضين عن السادات الذى قضى عليهم فيما بعد (حركة التصحيح – مراكز القوى – حركة 15 مايو) لتى أفسدت الحكم فى الحقبة السابقة عليه (من وجهة نظره).

مميزات تلك المرحلة:

لا أحد ينكر ما أحدثه الرئيس الراحل السادات من إعلاء لكرامة المصريين بل الشعوب العربية كلها بانتصاره على إسرائيل فى حرب 1973، وإرجاع الهيبة العسكرية لقواتنا المسلحة. مما جعل مراكز الدراسات السياسية والعسكرية فى العالم أجمع تقوم بتدريس تكتيكات الحرب وتؤلف الكتب عن قوة تفكير العقل المصرى العسكرى. كما ازدهرت الحياة الاقتصادية للبلاد من خلال سياسة الانفتاح الاقتصادى التى اعتمدها السادات. كما قلت مظاهر التعذيب فى السجون بدرجة ما مقارنة بما كان يحدث فى العهد السابق عليه. كما أبرمت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل فى عهده، بالرغم من الاختلاف حولها إلى الآن، كما تم تنشيط الحياة السياسية فى البلاد وبدأها بإنشاء المنابر، وهى اللبنة الأولى لتكوين الأحزاب فيما بعد فى أواخر السبعينات.

مساوئ النظام فى تلك المرحلة:

انتقد كثيرون سياسة الانفتاح التى اتبعها السادات وبرروا سبب انتقادهم بأنها جلبت على مصر الخراب والدمار حتى وصفها الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين بسياسة (السداح مداح)، أيضا ظهور طبقة من المنتفعين من رجال الأعمال الفاسدين نتيجة لهذه السياسة.

كما كان لاعتقالات سبتمبر 1981 أثرها السيئ على الجميع، وفيها تم اعتقال أصحاب الرأى والفكر من جميع التيارات الدينية الإسلامية والقبطية والسياسية فى البلاد الذين وقفوا ضد معاهدة السلام مع إسرائيل.

أيضا ساعد نظام السادات الجماعات الإسلامية وأمدها بالمال والسلاح ووفر لها الحماية داخل أسوار الجامعة وخارجها فى مواجهة اليساريين والشيوعيين والناصريين، وكان مهندسا هذه السياسة صهر الرئيس السادات المهندس المرحوم (عثمان أحمد عثمان)، ومحافظ أسيوط السابق المرحوم (محمد عثمان إسماعيل)، ولم تمر مدة على هذا التحالف غير المقدس حتى انقلب السحر على الساحر و قامت هذه الجماعات باغتيال الرئيس السادات أثناء العرض العسكرى فى أكتوبر 1981.

مرحلة الرئيس مبارك (1981- ... (..

جاء الرئيس مبارك إلى الحكم بعد اغتيال الرئيس السادات فى العرض العسكرى المقام يوم 6 أكتوبر 1981 وكان مجىء مبارك بداية مرحلة ثالثة من مراحل الحكم فى مصر، وفترة الرئيس مبارك مثلها مثل من سبقها من فترات الرؤساء السابقين بها الميزات والمساوئ أيضا.

ميزات النظام فى هذه المرحلة:

عودة سيناء كاملة إلى السيادة المصرية (شريط طابا) بناء البنية الأساسية للبلاد، نشر الوعى الثقافى بين الناس (مشروعات ثقافية ضخمة مثل القراءة للجميع ومكتبة الأسرة وتشييد قصور للثقافة) تدعيم الكتب المنشورة عن طريق وزارة الثقافة، كما من ميزات هذه المرحلة بناء علاقات وطيدة مع الدول العربية والإسلامية، بل والعالم أجمع، لا يزال السلام مع إسرائيل باردا. كما أن أكبر ميزة لهذه المرحلة هى هامش الحرية المتاح حتى الآن، بالرغم من القانون الخاص بعملية البث الذى حصلت عليه صحيفة المصرى اليوم. أنا لا أزعم أن الحال هو أفضل الأحوال وليس فى الإمكان أبدع مما كان ولا أتمنى أن يبقى الحال كما هو عليه، بل أتمنى إسقاط المادة التى تجيز حبس الصحفيين أو حبس كل ذى رأى.

مساوئ هذه المرحلة:

حينما نتحدث عن مساوئ هذه المرحلة نجدها فى الآتى. زيادة نسبة البطالة بين الشباب كما ازدادت نسبة الانتهاك فى حقوق الإنسان (لاحظ كثرة قضايا التعذيب داخل أقسام الشرطة). كما ازدادت سيطرة رجال الأعمال على الحكم احتكار نسبة كبيرة من رجال الأعمال على الأسواق والسلع. كما استفحل الفساد الاقتصادى فى البلاد (لا تنسوا سياسة الخصخصة وما شابها من فساد). ازدادت الهوة بين الأثرياء والفقراء وتلاشت الطبقة المتوسطة، وهى صمام الأمان لأى مجتمع، كما تم فى هذه المرحلة إقصاء دور القضاة فى العملية الانتخابية، كما لم يسمح النظام بوجود معارضة حقيقية فى البلاد نتيجة لوجود لجنة لشئون الأحزاب، مما أضعف الحياة الحزبية والسياسية فى البلاد، وعاشت البلاد تحت سوط قانون الطوارئ. كما جاءت بعض التعديلات الدستورية الأخيرة مخيبة للآمال لا تنسوا المواد ( 88- 76- 79 ).
آخرا وليس أخيرا:

عزيزى القارئ كانت هذه بعضا من ملامح فترات الحكم التى مرت بها البلاد بداية من ثورة يوليو 1952 إلى وقتنا الحالى. ويهمنى أن تعرف أن هؤلاء الرؤساء فى البدء وفى النهاية هم بشر مثلنا يخطئ ويصيب فليس منهم من هو (ملك بفتح اللام - أو قديس ) كما ليس فيهم من هو (شيطان رجيم).

فى النهاية أتمنى أن أكون قد قمت بتقييم هذه الفترات بموضوعية وحيادية ووفقت ولو بجزء يسير فى (إحقاق الحق).






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة