اليوم تبدأ وزارة الصحة أولى مراحل التطعيم ضد أنفلوانزا الخنازير بعد وصول الدفعة الأولى من المصل، وحسب المعلن فإن الدفعة الأولى من الأمصال ستخصص لحجاج بيت الله الحرام الذين يؤدون الفريضة هذا العام، وهو أمر مفهوم، نظراً لانتشار الفيروس بشكل واسع فى السعودية، ولأن الحج يتسع لنحو ثلاثة ملايين شخص من مختلف أنحاء العالم مما يجعل انتشار الفيروس فى وسط هذا الحشد متوقعا وكبيرا، وبالتالى فإن وقاية حجاجنا أمر لا بد منه.
المثير فى الأمر أن أول من سيتم تحصينه ضد الأنفلونزا سيكون وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى وهذا مفهوم أيضا فى ضوء المثل الدارج من أن "جحا اولى بلحم توره"، أو حتى لأن طباخ السم بيدوقوه!
ولدى وزارة الصحة خطة شاملة لتطعيم الناس، فى حال توافر الطعم حددت الخطة الفئات المستهدفة وأعدادها والفئات المستهدفة، وتشمل الفئة الأولى قيادات الدولة والمسئولين والفريق الصحى والعاملين بالدفاع والشرطة والعاملين بوسائل المواصلات والمرافق والخدمات، ووسائل الإعلام، أما الفئة الثانية فتشمل الأشخاص المعرضين لمخاطر المضاعفات الشديدة، وتشمل الفئة الثالثة الأشخاص المعرضين للعدوى.
ووفقا لهذا التقسيم المعتمد فى الخطة الحكومية لمواجهة الأنفلونزا، وفى ضوء أن إجمالى ما تعاقدت مصر على استيراده من الأمصال لا يتعدى خمسة ملايين جرعة، وأخذاً فى الاعتبار عدد قيادات الدولة والمسئولين والعاملين فى الشرطة والدفاع والإعلاميين أمثالى والحجاج، فهذا يعنى أن إجمالى ما تعاقدت عليه الدولة من الأمصال لن يصل إلى أى مواطن بعد ذلك، ولا حتى الأشخاص المعرضين للعدوى، أو من المصابين بأمراض مزمنة وقد تؤدى الأنفلونزا إلى وفاتهم.
وفى ضوء هذا التحليل الرقمى، أعتقد أن الحكومة تعاقدت على التطعيم المضاد لأنفلونزا الخنازير لحماية نفسها أولا، ثم قررت تطعيم العاملين بالإعلام لشرائهم بحقنة، ولأنهم سيكونون من الفئات الأولى بالرعايا التطعيمية فتضمن الحكومة بذلك سكوتهم!
يقول المسئولون بوزارة الصحة إن هذه المعايير هى المعتمدة من منظمة الصحة العالمية، ويجرى تطبيقها فى كل بلدان العالم، لكن فى الصين والولايات والمتحدة وأوروبا بدأت حملات التطعيم بشكل شامل وكامل لتطعيم كل المواطنين دون استثناء، فلماذا نتمسك بمعايير منظمة الصحة العالمية حين تأتى على هوانا فقط، بينما لا نفعل مثل باقى الدول التى لا تفرق بين مواطنيها فى مكافحة الأمراض والأوبئة.
أنا شخصيا لا أقبل الحصول على التطعيم الذى تخصصه وزارة الصحة للإعلاميين، ولو حدث هذا فلن أسامح نفسى أبدا، فكيف أقى نفسى من مرض قد يتعامل جسمى معه، بينما هناك مواطن قد يموت إذا لم يتلق هذا التطعيم.. وأعتقد أن على كل الزملاء الصحفيين والإعلاميين رفض هذه الرشوة الصحية وإعلان موقف موحد: نحن مع العدالة فى مقاومة أنفلونزا الخنازير.. ولن نفضل انفسنا على غيرنا.. فالمعيار الوحيد الذى يجب تطبيقه هو الاحتياج الصحى وليس المهنة أو المنصب أو الوظيفة!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة