من بين مجموعة الجلسات البحثية التى ينظمها المجلس الأعلى للثقافة فى إطار ملتقى القاهرة الدولى الأول للقصة القصيرة العربية، عقدت مساء أمس الأحد الجلسة البحثية الثانية، والتى تناولت الحديث عن مفهوم القصة القصيرة وأساليب الفصل بينها وبين باقى أشكال النصوص الأدبية الأخرى.
أدار اللقاء القاص إبراهيم عبد المجيد فى حضور الكاتب الجزائرى عثمان بدرى والصحفية عزة بدر والناقد صلاح صالح.
وأوضحت عزة بدر مفهوم القصة القصيرة قائلة إن الوصول لتعريف جامع مانع لهذا النوع من الأعمال السردية يعد أمراً صعباً، فعلى مختلف المراحل نجد أن هناك نوعاً من الاجتهادات الفردية التى تسعى لإيضاح هذا المفهوم الذى يتشكل مع حركة الحياة، وما يموج به المجتمع من تغيرات وتطورات وطفرات، وإحساس القاص الخاص والمرهف به.
وأضافت أن هذا التداخل فى ماهية القصة القصيرة يرجع إلى عدة أسباب منها، هل هى معنية فى المقام الأول بقضية المحتوى، أو العناصر التى يستقى منها الجنس الأدبى وجوده وأسسه وخواصه بالنسبة إلى الظواهر الجمالية ككل، أم أن القصة القصيرة فى علاقتها بالأجناس الأخرى كالشعر مثلاً، وكما يبدو فى النصوص عبر النوعية هو الذى يحدد ماهيتها فى النظام الأدبى فى لحظة تاريخية معينة.
وتستنتج بدر من تساؤلاتها السابقة أن القصة القصيرة تتجدد وتحاول أن تقدم نفسها كل مرة ببطاقة تعريف مبتكرة لقارئها وناقدها، بل ولكاتبها الذى لابد وأن يقبل على مغامرة الكتابة ويبحث عن تعريف لها.
وأشار صلاح الصالح فى كلمته لمواطن الالتباس والتداخل بين القصة القصيرة، وباقى أشكال الكتابة الأدبية، وخاصة الرواية، وذلك من خلال توضيح عدد من الالتباسات التى يتصدرها ما يمكن أن يسمى بالحجم المثالى للقصة القصيرة على أساس أن منح القصة حجما محددا يتيح للقاص هامشا افتراضيا موازيا للتجول ضمن حدود الجنس الأدبى، فلا يصل تطويل القصة إلى ما يسمى بالرواية القصيرة، ولا يصل التقصير إلى ما نطلق عليه البطاقة الشعرية أو مجرد تسجيل لخاطرة عابرة.
وأضاف أن عملية الالتباس تلك لا ترجع فقط لمسألة الحجم بل لتاريخ النشأة، وظهور هذا الفن الحكائى، بالإضافة لإمكانية تحريك الزمن أماماً وخلفاً ضمن حيز زمنى يبلغ مئات السنوات، كما فى مثال حكايات الأساطير أو حكايات الملاحم.
كما تحدث عثمان بدرى عن بلاغة الاختزال فى القصة القصيرة، والتى تأسست عليها المسألة الجناسية، فهى من جهة، وهى التى أكسبتها جاذبيتها وفرادة وقع تلقيها، حين جعلت منها فناً مراوغاً، عنيداً، يستهوى الكثير من التجارب الإبداعية المبكرة، ولكنه لا ينقاد بسهولة إلا للتجارب الإبداعية الفذة.
وأضاف: "حاولت فى دراستى أن أستكشف وأفسر إحدى تقنيات تشييد الوعى الجمالى الذى بقدر ما تتواصل فيه القصة القصيرة مع غيرها من الفنون والأشكال التعبيرية كالشعر والرسم والموسيقى، فهى تسعى دائما لتتفرد وتتمثل هذه التقنية فى بلاغة اختزال مكونات البناء الفنى لعالم القصة القصيرة من حيث اختزال اللغة، مادة وأسلوباً ووظيفة، واختزال فضاء الزمان والمكان والشخصيات ثم نتجه لاختزال الموقف والرؤية الفنية المقترحة".