>> حل المشكلات عرفيا دون الاحتكام إلى القانون سبب انتشار الأزمات.. والشباب يهربون
من الفقر والبطالة إلى بيوت الدعارة أو إلى إرهاب الفتن الطائفية
كيف تسير مستقيما فى طريق أعوج؟.. هذا التوصيف ينطبق على ما يحدث فى صعيد مصر حاليا من ارتكاب جرائم أخلاقية يندى لها الجبين، فما يحدث حاليا فى الشارع المصرى من انفلات أخلاقى خطير جعل الصعيد فى غير منأى عنه، ورغم أن علماء الاجتماع كانوا يرون فى العادات والتقاليد الصارمة سدا منيعا تحمى الصعيد، إلا أن الجرائم الأخلاقية التى وقعت مؤخرا أسقطت هذا الاعتقاد وألقت بنظرياتهم فى هوة سحيقة، فشبكات الدعارة والاغتصاب وممارسة الحب جهارا نهارا انتشرت بشكل مخيف فى معظم محافظات الصعيد لا فرق بين شماله أو جنوبه، وللتأكيد على ذلك وقوع 3 حوادث أخلاقية متتالية فى ثلاث محافظات، كادت تشعل النار فى الأخضر واليابس لولا تدخلات القدر.
الحادثة الأولى وقعت فى ديروط بمحافظة أسيوط وكانت بطلتها فتاة مسلمة تدعى جيهان حسونة طالبة فى الصف الأول الثانوى، والتى نشأت بينها وبين ملاك فاروق هنرى عطا الله علاقة حب بدأت منذ عام، ثم تطورت إلى الوقوع فى المحظور، واستطاع «فاروق» أن يصور بالفيديو لقاءاتهم الساخنة، وعندما قررت الفتاة الابتعاد هددها الشاب القبطى بفضح أمرها، وبالفعل لم يتورع لهروب الحياء الصعيدى من داخله، فنفذ تهديده ونشر الصور لتتحول العلاقة إلى قضية شرف وعار، وكان جزاء فعلته أن والده نال 140 رصاصة أطلقها عليه أهل الفتاة المسلمة لتخترق جسده، وللعلم أن محافظة أسيوط مصنفة جغرافيا بوسط الصعيد.
الحادثة الثانية وقعت أحداثها فى محافظة المنيا عندما تم اكتشاف شقة لممارسة الرذيلة، تواجد فيها أحد الشباب المسيحيين بصحبة فتاة مسلمة، واقتحم الأهالى الشقة وتمكنوا من القبض على الشاب المتواجد داخل الشقة، ووجهوا له أكثر من 16 طعنة، وتظاهر المئات وكادت تنطلق شرارة فتنة الرذيلة لتدمر كل شىء، ومن المعروف أن محافظة المنيا مصنفة جغرافيا من محافظات شمال الصعيد.
الحادثة الثالثة وقعت أحداثها فى مركز الوقف بمحافظة قنا عندما تقدمت عائلة مسيحية بمركز الوقف ببلاغ عن اختفاء ابنتهم وتدعى مريم نصحى عبدالملاك (19 سنة)، واتهم والدها شابا «مسلما» باختطافها، وتبين من تحريات المباحث أن وراء اختفائها شابا يدعى رزيقى العبد «مسيحى» يعمل سائقا وعلى علاقة عاطفية بالفتاة، ومن المعروف أن محافظة قنا من المحافظات المحسوبة جغرافيا على جنوب الصعيد، ومن ثم فإن معارك غرف النوم الطائفية اقتحمت الصعيد شماله ووسطه وجنوبه وهو المؤشر الخطر ووقعت العشرات من الحوادث فى مختلف قرى ومدن محافظات الصعيد، وهى الحوادث الغريبة على المجتمع الصعيدى الذى يتحصن بأسوار عالية من العادات والتقاليد والأخلاق، فما هى العوامل والدوافع التى أدت إلى فض بكارة هذه التحصينات فجأة، خاصة أنها فى تصاعد مخيف.
الباحثون فى علم الاجتماع أرجعوا أسباب انتشار جرائم الشرف والرذيلة، إلى 4 أسباب وهى : الفقر والسفر للخارج، وتزايد العلاقات العاطفية بين المسلمين والمسيحيين وحل المشكلات بين العائلات عرفيا دون الاحتكام إلى القانون، والفضائيات وتنامى الاشتراك فى وصلات الإنترنت. وأكد العلماء والباحثون أن هناك ارتباطا وثيقا بين الفقر، وممارسة الرذيلة، وانتشار شبكات الدعارة، فالفقر يدفع الكثير من العائلات، الفاقدة عائلها، والتى دخلها ضعيف أو منعدم، إلى الوقوع فى براثن الدعارة، إذ تبرر الكثير من العاهرات عملهن بالحاجة للمال من أجل توفير الغذاء والملبس وحاجيات أخرى، ورغم أن هذا التفسير يعد منطقيا فى بعض محافظات القاهرة الكبرى وبعض محافظات الوجه البحرى، والإسكندرية، إلا أنه لا يمكن الارتكان إليه فى تفسير ظاهرة معارك غرف النوم فى قرى ومدن محافظات الصعيد وإنما يقفز عامل الانتشار الكبير «للدش» وما يبثه من قنوات فضائية ليحتل موقع الصدارة فى الانحرافات الأخلاقية، ونظرا لغياب الثقافة وانتشار الأمية بدأت الفتيات والشباب فى التقليد الأعمى ومحاكاة العلاقات العاطفية التى يشاهدونها وسط تأجج مشاعرهم فوقعوا فى المحظور.
أيضا تنامى الفكر المتطرف بين عنصرى الأمة فى هذه المحافظات، كان له الأثر البالغ فى أن يخوض كل طرف صراعا محموما فى الإيقاع بالفريسة انطلاقا من أنه يسعى إلى تحقيق أهداف دينية، فخاض الشباب المسلم للإيقاع بفتيات مسيحيات والعكس حربا ضروسا، وتنامى روح التفاخر والتباهى بأن كل طرف استطاع أن يحسم الجولات لصالحه، ورد الصاع صاعين لخصمه الدينى.
ورغم مخاطر هذا التنامى المخيف للفكر المتطرف للإيقاع بالضحايا من الجانبين إلا أن الأجهزة المعنية لم تتدخل حتى الآن فى تطبيق القانون على كل من يخالفه، أو يكون سببا فى تنامى فتنة الرذيلة بين عنصرى الأمة، وتركت للجلسات العرفية بديلا لسيادة القانون فى حل مثل هذه المشاكل، وأن الحلول التى تتمخض عن هذه الجلسات ما هى إلا مسكنات لا تغنى ولا تسمن من جوع، تاركة النار تستعر تحت الرماد، سرعان ما تعود أشد ضراوة بأقل نفخ فيها.
الجلسات العرفية، والثأر، وقصص الحب المقلدة مما تبثه القنوات الفضائية من أعمال مبتذلة، وتنامى الفكر المتطرف بمحاولة إلباس الرذيلة ثوب الدين وأنه جهاد فى سبيل الله، مخاطر محدقة بالمجتمع الصعيدى الذى كان يتدثر برداء الفضيلة والأخلاقيات، ويتحصن بالعادات والتقاليد.
وللعلم إن مصر قننت الدعارة بشكل رسمى عام 1905، حيث صدر قانون فى حينها أجاز الدعارة فى مناطق معينة، وألزم النساء العاملات بالخدمات الجنسية بإجراء فحص طبى أسبوعيا، وظل هذا النظام سارى المفعول حتى عام 1949 عندما صدر مرسوم عسكرى بإلغاء شرعية البغاء وبإغلاق بيوت الدعارة، وفى الآونة الأخيرة انتشرت الدعارة السرية نظرا لوجود داعرات أجنبيات خاصة الروسيات، ثم سرعان ما انتشرت شبكات الدعارة فى جميع محافظات مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة