عند مدخل قرية عرب منشأة سليمان إحدى قرى أطفيح بمحافظة الجيزة، سترى عربات نقل محملة بمواد تموينية، وبطاطين، ولعب للأطفال، وأدوات مدرسية، وملابس على حسب الموسم، عربات بلا اسم تتكفل بتغذية وكساء 825 أسرة من الفقراء والأيتام والأرامل وذوى الاحتياجات الخاصة، لا تتبع العربات جهة أو مؤسسة حكومية، وإنما هى لسيد فيصل الذى نذر نفسه للعمل الخيرى بعد حصوله على الدبلوم الفنى الصناعى ثم معهد الدراسات التكميلية.
سيد فيصل الرجل الثلاثينى ليس طبيباً ولا مهندساً ولا مدرساً، ومع ذلك فلا تكاد تراه إلا مخططاً لجلب منفعة، أو مسارعاً بإحضار أدوات إسعاف وأكفان إن تطلب الأمر فى حال وقوع أى حادث، يقول :«أيام ما كنت فى المعهد كنت بروح الجمعيات الخيرية متطوعا،ً وكنت بحاول «ألقط» بيعملوا إيه وبيشتغلوا إزاى، وبعد التخرج اشتغلت موظف فى التأمين الصحى ولكن ملقيتش نفسى فى الشغلانة، فأخدت أنا ومراتى دورات فى العمل الخيرى، لأن بلدنا دى ممكن تكون كويسة لو استعنوا بيها، ده احنا عندنا علماء أزهر كتير من ولاد البلد، وكمان الفنان محمود حميدة من أطفيح».
أفلح «سيد» فى أن يكون وسيطاً وجسراً تعبر عبره خيرات الأغنياء إلى أهالى المنطقة الفقراء، يضيف: «البطالة فى البلد للركب، الستات بتخرج تبيع الفراخ والحمام والرجالة قاعدة قدام الدش الأوروبى وبيوتهم عشش، احنا معندناش ميه نشربها وفى مستشفى أطفيح 150 حالة فشل كلوى، الميه بتنزل سودا من الحنفيات، وأنا شخصياً علشان أحمى نفسى وولادى بأروح أجيب 20 جركن ميه كل شهر من حنفية جامع محمود فى المهندسين»، «والله احنا بنعانى ومش عارفين نلاحق على إيه ولا إيه».
الجمعية التى يديرها سيد، أعضاء مجلس إدارتها من عائلته فهو يخشى أن يؤدى انضمام غرباء إلى الإدارة أن يتم انهيار العمل بها كما يقول: «جمعيتى بقى لها 6 سنين، كل أعضاء مجلس الإدارة من العيلة، يعنى نسايبى وإخواتى وولادى، لأن طول ما مجلس الإدارة مضبوط الشغل ح يمشى وده المهم».
يرى سيد أيضاً أن العمل الأهلى الخيرى فى خطر، يقول: «فيه جمعيات كتير القائمين عليها عاطلين ويادوب بيبصموا، وبيعملوا الجمعيات سبوبة يجمعوا على حسها معونات ويلموا فلوس من الأغنياء ويستفيدوا منها هّما ودى حاجة تحزّن، وطبعا دى إساءة لكل الجمعيات وبتطّلع على الكل سمعة وحشة».
استطاع سيد عن طريق جمعيته تجهيز 40 عروسة الصيف الفائت، كما يقوم بتجهيز ملابس المدرسة لأطفال مدرسة الوحدة العربية للتعليم الأساسى البالغ عددهم 700 طالب وطالب سنوياً، واستطاع تقديم بعض المساعدات لمستشفى أطفيح المركزى، من سراير، وكراسى للمعاقين، وأجهزة ضغط، وسماعات للأطباء، وأجهزة تحليل وعكازات وأجهزة علاج طبيعى.
وهكذا على الرغم من بذل عم سيد وقته ومجهوده فى خدمة أهالى المنشأة إلا أنه يقول: «بصراحة أنا تعبت خلاص، الناس هنا بتاخد الحاجة وبعدين يطلعوا يقولوا إنهم مش بياخدوا حاجة، ودايماً يستقلوا الحاجات اللى بياخدوها ومفيش على لسانهم كلمة غير (يعنى هوه جايب من بيتهم)؟! والله أنا رحت بنك الطعام فى رمضان علشان أجيب لهم خير لكن طلبوا منى أدفع مبلغ تحت الحساب وطبعاً مقدرتش أدفع.
ومع ذلك يضيف سيد - اشتريت قطعة أرض مساحتها 200 متر لبناء مركز طبى خيرى للمعاقين، يادوب شطبت نصفه بالجهود الذاتية، وفاضل النصف الآخر، لكن مجلس مدينة أطفيح رافض يعمل لى مقايسة الكهرباء، والله العظيم أنا زهقت وتعبت، وبفكر أسيب البلد خالص وآخد عيالى وأمشى».