فشل المنتخب المصرى الأول لكرة القدم فى التأهل للمونديال، بعد خسارته فى المباراة الفاصلة أمام نظيره الجزائرى بهدف دون مقابل.
الأسباب "الفنية" لخسارة الفراعنة فى هذا اللقاء كثيرة، وإحصاؤها الآن، بعد انتهاء المباراة بدقائق معدودة، أمر شاق، فمن الصعب، أو المستحيل، أن تفصل بين مشاعر الحزن التى تتغلب عليك، وتجُبر قلمك على "القسوة" و"العنف" تجاه اللاعبين وجهازهم الفني، وبين رغبتك فى أن تتحلى ولو بقدر قليل من الموضوعية عند تحليل الأمور.
حسن شحاتة، بدأ اللقاء بنفس تشكيل مباراة السبت الماضى أمام الجزائر، مع إدخال لاعبين جديدين وهما.. وائل جمعة وعماد متعب، على حساب محمد حمص ومحمد زيدان، وهو ما يؤكد أن تصريحات شوقى غريب على وجود العديد من المفاجآت فى تشكيلة مصر كان مُجرد كلام "لمراوغة" الطرف الجزائرى.
أول التساؤلات، التى قد توجه للمعلم شحاتة، بعد الهزيمة، هى الإصرار على الدفع بعبد الظاهر السقا ذى الـ 34 عامًا وعدم الاعتماد على الأوراق المتاحة له على مقاعد البدلاء مثل أحمد سعيد "أوكا" أو شريف عبد الفضيل، فى مباراة السبت الماضى كان المبرر الأساسى للدفع بالسقا هو حاجة المنتخب لخبرته الدولية الكبيرة، ولكنّ لاعب المنصورة الأسبق وجه لنا وللجهاز الفنى رسالة تحذير لم يفطن لها كثيرون، وذلك حين أخطأ فى "إرجاع" الكرة إلى الحارس عصام الحضرى مرتين متتاليتين فى الشوط الثانى، كانت إحداهما كفيلة بضياع حلم التأهل.
وهذه هى أزمة السقا الأبدية والقاتلة، فاللاعب فى أكثر مشاركاته مع المنتخب يقدم مردودًا إيجابيًا، ثم يأتى وسط تألقه ليخطأ خطأً قاتلاً، يضيع أحلام الفراعنة، وهذا ما حدث فى المباراة ، فالسقا فى الكرة العرضية التى وصلت لعنتر يحيى وسجل منها الهدف الوحيد فى المباراة، كان مسئولاً عن مراقبة لاعب آخر، وحين وصلت الكرة ليحيى بمفرده كانت المسافة بينه وبين السقا قليلة، ورغم ذلك تباطأ اللاعب فى الوصول إليه، ثم اكتفى بالقيام بحركة استعراضية أمام يحيى ولم يغلق زاوية التصويب.
وبعيدًا عن السقا، فإن التغييرين اللذين قام بهما شحاتة مع انطلاقة شوط المباراة الثانى، حين دفع بحسنى عبد ربه ومحمد زيدان بدلاً من أحمد فتحى وعمرو زكى، أثارا تساؤلاً آخر حول توقيتهما أولاً، وحول اختيارات المعلم ثانيًا، ففى شوط المباراة الأول كان أحمد فتحى هو النجم الأول فى اللقاء، ونجح فى إغلاق مساحات كثيرة أمام لاعبى الجزائر، كما تمكن من معاونة أحمد حسن الذى لم يظهر بمستواه المعهود طوال التسعين دقيقة.
وإن كان المبرر الأساسى لخروج فتحى من المباراة، هو غلبة النزعة الدفاعية على أدائه، والمنتخب كان يبحث وقتها عن أى تدعيم هجومى، فبقاء اللاعب كان مهمًا للتغطية خلف ظهيرى الجنب فى حال تقدمها وكذلك فى الانطلاق للأمام، خاصة أن أحمد حسن فشل فى هذا الدور، وتسبب تباطؤه فى التمرير فى انقطاع الكرة أكثر من مرة وتشكيل هجمات مضادة على المنتخب المصرى.
أما زكى، فكان من الممكن الإبقاء عليه لبعض الوقت، ومحاولة استغلال قوته البدنية وانطلاقاته، بدلاً من تغييره بعد انتهاء الشوط الأول مباشرة.
هذا عن اختيارات المعلم للاعبين، أما خطة اللعب، فـ"تاهت" فى ظروف غامضة ولم يتم العثور عليها حتى الآن، فنحن لا نعلم إلا أن المنتخب المصرى يلعب بطريقة 3 – 5 – 2 وتتحول فى بعض الأحيان إلى 3-4-3، وكان الغريب فى للقاء أن المنتخب المصرى لعب بـ"خطين" فقط فى الملعب، وهما خط الدفاع وخط الهجوم، لذلك ضاع أكثر من نصف الوقت الذى امتلك فيه المنتخب المصرى الكرة فى التحضير وتبادل الكرة بين الثلاثى وائل جمعة وهانى سعيد وعبد الظاهر السقا، بالإضافة إلى أحمد المحمدى.
إذا تركنا المعلم، وتحدثنا عن اللاعبين، فلا خلاف أن الحضرى كان كالعادة متألقًا فى الكرات القليلة التى هددت مرماه، أما خط الدفاع فقد عانى كثيرًا كل الكرات العرضية، ولم يتمكن الثنائى السقا وجمعة فى استخلاص أكثر الكرات المشتركة مع مهاجمى الجزائر إلا بعد معاونة هانى سعيد أو أحمد فتحى.
وأكثر ما تسبب فى "ضيق" الجماهير المصرية من المدافعين، هو تبادلهم الكرة بصورة مُملة، بالإضافة إلى طول فترة التحضير حتى فى الدقائق الأخيرة من المباراة، مع بطء هانى سعيد فى التفكير والتمرير، واحتفاظه بالكرة لفترة طويلة ثم قيامه بتمريرها إلى أقرب زملائه.
وكان محمد أبو تريكة صانع ألعاب الفراعنة، هو أسوأ اللاعبين بلا منازع، ولا أحد يعلم "الأسباب" النفسية أو "الفنية" التى حولت أبو تريكة، من مُلهم لزملائه إلى عبء على الفريق، أضاع لاعب الأهلى فرصتين محققتين فى الشوط الأول، الأولى من كرة عرضية مررها له سيد معوض وسددها اللاعب بـ"رعونة" شديدة بعيداً عن المرمى، والثانية كانت من أحمد المحمدى حولها برأسه بطريقة غريبة.
وفى الشوط الثانى، اختفت لمحات أبو تريكه التى كانت تنتظرها الجماهير، وحاول اللاعب النزول إلى منتصف الملعب للربط بين خطى الوسط والهجوم ولكن دون جدوى أيضًا.
أخيرًا، الجيل الحالى من المنتخب المصرى حقق إنجازًا كبيرًا بالفوز بكأس الأمم الأفريقية مرتين متتاليتين، وبتقديم أداءً جيدًا فى مباراتيه أمام البرازيل وإيطاليا فى كأس القارات، وكان ينقصه الوصول لكأس العالم فقط، ليكون الأفضل بين كل أجيال الكرة المصرية.
الخطة "تاهت" فى ظروف غامضة
تغييرات شحاتة و"السقا".. حرما الفراعنة من حلم المونديال
الخميس، 19 نوفمبر 2009 02:23 ص