حتى ولو لم يكن حسن شحاتة ورجاله صانعى البهجة وتجار السعادة الذين احترفوا إسعادنا ورفع رؤوسنا والخروج بنا من دوامة الاحباط والتشاؤم وجلد الذات والبكاء على الماضى الجميل.. حتى ولو لم يكونوا قد فعلوها وهزموا الجزائريين بهدفين نظيفين فى الثوانى الأولى والأخيرة من مباراة الحسم فى يوم السبت العظيم.. حتى ولو لم يحققوا هذا النصر العزيز، لكنا أيضا قد حملناهم فوق رؤوسنا وأمطرناهم بالقبلات والورود.. فقد كان الصدق والحب والجدية والحماس يقفز من عيونهم طوال المباراة.. ولم نلحظ فيهم غلا ولا شرا ولم يتصرف أحدهم بما يدل على أنه مظلوم أو مغبون ، كما يتصرف عادة لاعبو أنديتنا ومنتخباتنا الأخرى، وهو دليل ليس فقط على حيادية ونزاهة حسن شحاتة وجهازه المعاون، ولكن أيضا على الاعداد النفسى الجيد لهؤلاء اللاعبين، الذين لا أعرف كيف لعبوا هذه المباراة العصيبة، فى الوقت الذى فقدنا فيه نحن الجمهور أعصابنا لمجرد المشاهدة، أو كيف تحملوا كل هذه الضغوط من الدوائر السياسية والإعلام والجمهور والفضائيات، وكيف وقفوا على أقدامهم ليواجهوا فريق تخصص فى الاستفزاز والاصطياد فى الظروف المعاكسة.. إنها الروح.. روح "المعلم" التى بثها ليس فقط فى المنتخب الوطنى ولكن فى شعب مصر كله، الذى عبر بعفوية وتلقائية عن الانتماء وحب الوطن بدون شعارات أو لافتات سياسية، فى زمن ظن فيه الكثيرون أن قيم اللامبالاة والأنانية جرفت المعانى الوطنية النبيلة، قبل أن يعود حسن شحاتة وجهازه الفنى ولاعبوه ليعيدوا الإحساس بالفخر والانتماء لأجيال جديدة غابت عنها هذه المعانى، منذ أن غابت عنا الانتصارات، وانتقلنا من انكسار إلى انكسار، ومن كبوة إلى حفرة، ومن حفرة إلى دحديرة.. وأثبت شحاتة ورجاله أن الروح يمكن أن تعود مرة أخرى إلى هذا الشعب بقليل من الأمل وشىء من الإخلاص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة