شريف حافظ

حب مصر هو الحل

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما حدث عقب مباراة مصر والجزائر وعودة الأمل المصرى للتأهل لكأس العالم يوم السبت 14 نوفمبر الماضي، يُعبر عن "انتفاضة شعبية" غير مُدبرة.

لقد عبر الحدث عن "نداء غريزى" تمثل فى حب الوطن، جموع المصريين من كل الأعمار والأديان والإتجاهات، ملأت مدن وشوارع مصر. ولم يعبر المصريين عن هذا النمط من الفرح منذ وقتٍ بعيد، إلا بالإلتفات حول المنتخبات الرياضية وبالذات منتخب كرة القدم!

إذاً، وبرؤية هذا الفعل، المعبر بجلاء عن "الرغبة فى إنجاز" مصرى خالص، من قبل المصريين الذين "شعروا" بهذا النصر فقط دون غيره، إن وجد، نستنتج أن "حب مصر هو الحل"، وليس سواه، إنه العنوان الأكبر الذى يضم كل المصريين وليس مجرد فئة أو ديانة أو إتجاه! فلقد صهر فوز المنتخب، المصريين جميعاً، فى بوتقة حب مصر! ويجب أن يسترعى الانتباه أيضاً، أن فوزنا أتى من بوابة الحب وليس "الغل".
لقد فاز هذا المنتخب المصرى الصرف، بحبه لمصر وشعبها، ورغبة لاعبيه ومدربهم الوطنى وجهازهم الفنى الأكيدة، فى رسم البسمة على شفاه المصريين المحبطين فى الشئون الأخرى، وحقاً ظهر، أن الحب يصنع المستحيل!

وأتذكر عندما عدت إلى مصر عام 1993، بعد سنوات من الغربة، أظهرت امتعاضى من شباب مصرى وضع أعلام أجنبية على ظهر سياراته، للتباهى والتفاخر! واليوم، حيث غطى علم مصر الشوارع والميادين وزين إستاد القاهرة، أرى تغييراً مهولاً، على أقل تقدير، فى الانتماء لهذا العلم، الذى عبر القناة والذى يتخطى كونه قطعة قماش إلى كونه رمزاً لوطن بأكمله! لقد هال المصريون حرق علمهم، لأنه رمزاً لبلادهم!

ولم تقع إساءة للضيف الجزائرى الشقيق، بدلائل عدة، كان أحدها، الإستقبال الحار الذى تلقاه لاعبى المنتخب الجزائرى الشقيق فى حى الحسين بالقاهرة الفاطمية! وإرتفع المصريين فوق صغائر الأمور، رغم أنها شكلت لهم ضغطاً نفسياً كبيراً، لأنهم اعتادوا التعرض لهم بالحقد عبر تاريخهم، ولم يردوا عليه، وهو ما تذكره كتب التاريخ وليس تلك السطور فقط! فمصر بشعبها ورغم كل شىء، شامخين دائماً وأبداً، والإعتداء على الضيوف، إنما يقع فقط فى الدول "المصطنعة" عديمة الحضارة، وبالطبع لا يمكن مقارنة حضارة وادى النيل والفراعنة، بما دونها، وليقرأ من يعترض، الكتب والمجلدات الدولية العلمية!

إن الحب والثقة التى تحكمنا كمصريين، تؤكد أننا قادرون، بعون الله، على عبور كل المحن، ولو تحت أقصى درجات الضغوط، وهى ما يُميزنا عن غيرنا، ممن يحكمه الغل والكره وإنعدام الثقة بالنفس، وبالتالى التعرض للآخر لإظهار قوة مفتقدة لديه! هذا هو الحب الحقيقى، لوطن ينقصه إظهار هذا الحب دوماً والإخلاص فيه، ويمكن أن يستغل فى أكثر من مجرد مباراة كرة قدم حيوية!

فهذا الحب يمكن أن يستغل فى أمور أخرى خاصة باعادة بناء هذا البلد. ولذا فان السؤال هو: كيف يتم "إشعار" المواطن المصرى بالإنجاز "الأشمل" ويعمل من أجله؟ إننا بحاجة إلى مشروع قومى لاستغلال هذا الحب والآن أكثر من أى وقت مضى، لتنمية مصر فى كل مناحى الحياة بخطط متوازية وبإشراك هذا المواطن فى رسمها وتنفيذها، حتى يشعر بفرحة عندما تتأهل مصر دولياً على مختلف الأصعدة، وليس فقط فى الرياضة!

إن "الجسر الجوى" الطائر الآن فوق رؤوسنا، متجهاً إلى الخرطوم، عاصمة السودان الشقيق، حاملاً إخواننا وأخواتنا فى الوطن، إنما تطير معه قلوبنا من أجل مصر وتشجيعها لهدف نبيل وإنجاز يُعتز به فى سجل إنجازاتها الجمة! إنه شعور جميل أن يجتمع الجميع على حلم واحد يحمل الصفة الوطنية الضامة لكل المصريين دون تمييز ويجعل من الانتماء لأرض الكنانة شعارا لكل حلم يتم تحقيقه مستقبلاً!!

إن حب مصر هو الحل، الذى لم ينبع عن نظرية ولكن مظاهرات جمعاء، فرحاً بنجاح وطنى هز أعماق ووجدان كل المصريين دون تفرقة! فنحن هنا لا نتكلم من وحى تاريخ أو كتابات ولكن من منطلق واقعى شهدت الأيام الماضية عليه! نعم أيها الشعب المصرى الأصيل! لقد أمددت ساسة مصر بالدليل: فحب مصر الذى سيحقق لكرة القدم لدينا التأهيل، هو حل لكل ما نملكه فى مصر من داء وعليل، وسنفوز بمباراة الأربعاء، باذن الله، وبقدرة الجهاز الفنى للمنتخب الوطنى المصرى ولاعبينا على إثبات أن مصر، تقف شامخة رغم كل الصعاب، وتستطيع أن تفوز بكل جولة، بعد أن إستطاعت أن تعيد الأمل الذى كان على وشك أن يسلب منا، لولا العزيمة وحب مصر وسماع لاعبينا دقات قلوبنا تناشدهم الفوز! حب مصر، هو الحل!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة