أكد الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة أنه لا يمكن ضمان سلامة الغذاء فى مصر لأن الأمر يتوقف على الرقابة التى لا تقوم بدورها بنسبة 100%، مطالبا بضرورة تدريب المراقبين المسئولين عن سلامة الغذاء، حتى يمكنهم اكتشاف الأغذية المغشوشة، وتساءل الجبلى كيف نرسل مفتشين لم يتلقوا التدريب منذ 30 سنة ليفتشوا على مصانع تعتمد على تكنولوجيات عالية".
كما طالب بإعطاء هؤلاء المراقبين رواتب عالية وتوفير كادر خاص لهم لضمان عدم قبولهم للرشاوى من المصانع التى يقومون بالتفتيش عليها.
جاء ذلك خلال مناقشة تقرير المجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية حول سلامة الغذاء وجودته صباح اليوم الثلاثاء، المقدم من شعبة الصحة والسكان.
وعارض الجبلى توصية التقرير بإنشاء هيئة قومية لسلامة الأغذية، وهو ما أدى إلى حدوث خلاف بين الجبلى وكمال الشاذلى المشرف العام على المجالس القومية المتخصصة، حيث أكد الشاذلى أن يمكن أن تفعل كل وزارة دورها الرقابى على التغذية ليصب هذا المجهود فى النهاية فى هيئة قومية لسلامة الغذاء، بينما رأى الجبلى أن هذه الهيئة لن تقدم جديدا، لأن الأساس هو الرقابة التى لا بد من إحكامها، مؤكدا أن التشريعات والقوانين التى تضمن سلامة الغذاء كافية، واستنكر الجبلى فكرة إنشاء هذه الهيئة قائلا "لما نوصل لمستوى أمريكا نبقى نعمل زيها"، خاصة أن هناك قصورا فى النظام العام بمصر يحول دون قيام هذه الهيئة بدورها، ومؤكدا أنه يكفى التنسيق بين الوزارات المعنية بسلامة الغذاء.
ودلل الجبلى على وجهة نظره بأنه بالرغم من وجود هيئة للرقابة على الصادرات والواردات فى مصر تشمل ممثلين من كافة الوزارات إلا أن القمح الفاسد دخل إلى مصر وذلك بسبب النفوس الضعيفة التى قامت بإدخال الشحنات الفاسدة للمواطن المصرى قائلا "إحنا بنجلس نقول كلام جيد لكن عندما ينزل هذا الكلام ليصل للذين ينفذونه لا يطبق منه شيئا".
وطالب الجبلى أن يتم اختبار هؤلاء المراقبين مثلما يحدث فى الاختبارات الأمنية واختبارات وزارة الخارجية، قائلا "التأكد من الكوادر التى تعمل فى سلامة الغذاء ليس أقل أهمية من الكوادر الأمنية والعاملين بالخارجية".
"غش الأطعمة انتشر فى كل محافظات مصر فى الريف والحضر" كانت هذه كلمات كمال الشاذلى المشرف العام على المجالس القومية المتخصصة مؤكدا أن مصر تواجه أزمة حادة فى الغذاء خاصة مع تراجع معدل إنتاجه مؤكدا على فساد الأغذية التى يتناولها المصريون، وزيادة إعداد الأطعمة بصورة رديئة وغير صحية مثل تلك التى تصنع فى مصانع بئر السلم.
وأضاف الشاذلى أن الأغذية الضارة أثرت بالفعل على صحة المصريين، وأن مسئولية وجود هذه الأغذية الضارة تعود إلى العديد من الجهات بداية بالمصنع والمستورد للبائع مرورا بالمستهلك الذى يخزنها خطأ بالإضافة إلى ضعف الرقابة على الغذاء.
وأكد د. سعيد صديق رئيس شعبة الصحة والسكان الذى أشرف على إعداد التقرير زيادة الغش فى صناعة اللحوم المحفوظة خاصة اللانشون والسجق، مؤكدا أن زيادة السلع المغشوشة والفاسدة وزادت بمعدل كبير، خلال السنوات الماضية، وتعجب صديق من عدم اهتمام المسؤلين بصحة المواطن المصرى قائلا " المستوردون الأجانب للفاكهة والخضروات يشترطون أن تبعد أماكن زراعتها بنحو 3 كيلو مترات عن الطريق السريع حتى لا تكون ملوثة بمركب الرصاص الذى يسبب الأمراض السرطانية" فى حين أن المصريين يتناولون الأطعمة المسببة بهذا الرصاص وغيره من العناصر المعدنية الثقيلة مثل الكاديوم.
وأكد صديق أن الخطر القادم على الغذاء هو تلوث الأطعمة بالملوثات الإشعاعية.
الفقر وقلة دخل الأسرة يدفع المصريين لتناول أغذية مغشوشة نظرا لرخص ثمنها كما يقول د. إبراهيم بدران وزير الصحة السابق ومقرر المجلس مؤكدا أن الدول الغربية سربت لنا الأغذية السريعة الضارة ما أدى إلى تدهور حالة الإنسان المصرى.
أما هانى بركات رئيس هيئة المواصفات والجودة بوزارة الصناعة فأكد أن الكوادر المسئولة عن الرقابة تتسم بالضعف الشديد وتساءل "كيف يراقب شخص مرتبه 500 جنيه ولم يتم تطويره مهنيا، على أكبر شركة لإنتاج الألبان فى مصر".
وأشارت فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومى للمرأة أن ضعف مؤشر التنمية بالنسبة لمصر يعود فى المقام الأول إلى ضعف التغذية التى تعد أمرا ضروريا لبناء إنسان قوى قادر على قيادة البلد.
أما د. حسين منصور رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصناعة فأكد على ضرورة إنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء تتبع مجلس الوزراء بشرط أن تكون هيئة تنفيذية يمكنها اتخاذ القرارات والقيام بدورها حتى لا تتحول إلى كيان هش، لأن اقتصار دور الهيئة على التنسيق سوف يؤدى إلى ضياع المسئولية.
أما د. ماجد جورج وزير البيئة فأخذ يعدد جهود وزارته فى إغلاق 66 منشأة صناعية كانت تقوم بالصرف على النيل، وحظر دخول بعض المواد الكيماوية والمبيدات التى تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، وكذلك إزالة الأقفاص السمكية بدمياط ورشيد، بالإضافة إلى حصر المبيدات منتهية الصلاحية والتى وصلت إلى 1155 طنا، كما أشار جورج إلى وجود شهادات دولية تؤكد تقليل نسبة الرصاص فى الجو.
أما د. على المصيلحى وزير التضامن فاختزل تلوث الغذاء والقمح الفاسد الذى صنع منه الخبز، فى أن المخابز غير مرخصة وإنها تعتمد على الدقيق المهرب فى السوق السوداء، كما أكد أن التهاون فى العقاب أدى إلى سوء حال رغيف الخبز، مؤكدا أن مصر لا ينقصها تشريع بل ينقصها تقويم المؤسسات الموجودة حاليا.
