عبدالله الطراوى يكتب: حكومة وأحزاب ضعيفة.. والشعب يحتضر

الأحد، 15 نوفمبر 2009 09:16 م
عبدالله الطراوى يكتب: حكومة وأحزاب ضعيفة.. والشعب يحتضر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن الحياه السياسيه المصرية بوضعها الراهن تستلزم ليس فقط إعادة هيكلتها وصياغتها من جديد بل أيضا تستلزم وضع ضوابط لها حتى لا نصل إلى تلك الحالة من الفساد والظلم والضعف والاحتضار.

إن فى كثير من الأحيان يصبح التغير ضرورة حتمية بل وإن صح القول يصبح واجبا وطنيا ليس من أجل فساد الوضع الحالى فقط ولكن لأن هذه سنة الحياة فالحزب الحاكم يحكم البلاد منذ حوالى ثلاثة وثلاثين عاما برؤية واحدة وفكر واحد، وكما هو معروف لدينا فى الحياة الحزبية المصرية أن الأحزاب لا تصنع الأفراد ولكن الأفراد هم من يصنعون الأحزاب وإن فكر الفرد الواحد هو الذى يبنى الحزب على عكس الحياة الحزبية فى أى دوله من الدول اللا مركزيه ففيها تعتمد على سياسات الحزب التى تتكاتف جميع طوائفه وقواه فى وضع السياسة العامة للحزب.

ولايجب أن ننخدع فيما يسميه الحزب الحاكم بالحزب الوطنى الجديد والذى أطلقت المبادرة له منذ عام 2002 فلو دققنا النظر نجد أنه فى تلك المدة توالت عمليات الإضراب والاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات من مختلف فئات وطوائف الشعب من عمال بسطاء لا يطمعون فى نصف رواتب القطاع الخاص ولكن من أجل أخذ حقوقهم البسيطة والفلاحين الذى يحلمون بأن تكفى زرعتهم قوتهم المتواضع بل لا أكذب إن قلت المتدنى ومرورا بالقضاة فأى دولة تلك الذى تتظاهر فيها أعلى سلطة (على حسب توصيف القانون) من أجل نيلهم الحرية والاستقلال؟ إن تلك الفترة المسماة بالحزب الجديد لهى الأعلى على الإطلاق فى ارتفاع مستويات البطالة والفساد الإدارى والسياسى التى يمر بها الشعب منذ تأسيس الحزب الحاكم كل ذلك فى ظل حكومة وزراءها رجال أعمال لم يشعروا بالجوع قط أو الفقر فكيف سيشعرون بالمواطن المصرى البسيط؟؟ وإذا كان هناك حزب جديد وحدث هناك تغير بالفعل فكيف لا يشعر به المواطن فى الشارع المصرى أم أن الإنجازات العظيمة (كما تزعم الحكومة) ثمارها للصفوة فقط؟؟ أم أن هناك شعبا آخر حكومتنا تعمل له؟؟ وإن كان هناك تغير حقيقى وفى المقابل الشعب لا يراه مناسبا ولايجد جدوى منه فهل هذه الحكومة ديكتاتورا؟؟ ألا آن لها أن تراجع نفسها فى سياستها؟؟.

وما قصدت من التغير أن تنتقل البلاد من حكم الحزب الواحد فى ظل غياب الأحزاب الأخرى من الحياة السياسية إلى حكم الجماعة المحظورة التى باتت علنية ويلتف حولها كثير من الناس ليس اقتناعا بها فحسب ولكن لأنها أصبحت من وجهة نظرهم البوابة الوحيدة للتغير.. القوة التى من شأنها أن تطيح بالحزب الحاكم ولكن ماقيمة أن نحيا فى وطن لا يحترم دستوره ولا يحترم حقوق المواطنة التى نص عليها الدستور فى قانون المواطنة العامة؟ وما معنى أن ترفع شعار الإسلام هو الحل فى دولة مدنية بها أكثر من سبعة ملايين مسيحى؟ فماذا سأفعل لو كنت غير مسلم؟؟ هل أترك بلدى التى نشأت بها ودفع آبائى وأجدادى حياتهم فى الحروب دفاعا عن استقلالها؟ هل أربى أولادى على أننا نحيا فى بلدنا بقانون الإيجار الجديد؟؟ وقتما يشاء المالك يخرجنا منها هل هذه هى احترام حقوق المواطن؟ أم أحيا فى بلدى وأنا محروم من فرص العمل ليس لعدم كفاءتى بها ولكن من أجل دينى أو لونى أو حزبى السياسى كما تفعل الحكومة الحالية؟؟ وإلا ما الفرق إذاً؟.

إن من يحكم مصر لابد من أن يحترم شعبها بكل طوائفه وفئاته فلا فرق بين عامل أو فلاح، مسلم أو مسيحى، رجل أو امرأة، منتم للحزب الحاكم أو معارض أومستقل، فالكل مربوط بميثاق المواطنة واحترام الدستور والكل يحمد على عمله من شانه رفعة الوطن أو يعاقب أمام القانون إن عمل ما يحاسبه عليه القانون.

وإذا نظرنا إلى الأحزاب السياسية فى مصر عدا الحزب الحاكم طبعا نجد أنها فى حالة من الضعف ما يؤهلها إلى ألا تحكم بلدا قط، فلا ينكر أحد أن هناك قيودا قد وضعت فى الدستور لتقليص دور الأحزاب فى الحياة السياسية وأن هناك مؤامرات من شأنها عدم تفعيل دور الأحزاب سواء كانت مؤامرات داخليه أو خارجية ولكن هل يعقل أن حزب لا يستطيع أن يخوض حملة لتغير الدستور مع قلة آلياته وأدواته، وأن يتصدى لكل المؤامرات التى ضده أن يقدر على تحمل مسئولية بلد كبير كمصر متربص بها الأعداء الخارجين ومعاونيهم فى الداخل وحدودها مع عدوها الأول الإسرائيلى، هل المهمة مستحيلة فى ظل نظام أعطى حريات كثيرة لم تكن موجودة من قبل أم تعديل دستور 1936 كان أصعب فى ظل الاحتلال المباشر؟ ألا تتحد الأحزاب يوما على مبدأ مشترك وهو تعديل مبادئ الدستور التى تختص بعمل الأحزاب؟ يتحول هذا إلى مشروع قومى ومطلب شعبى تلتف حوله الأحزاب والمستقلون والشعب كله؟ ألا يستحق هذا العناء من أجله حتى وإن لم يكن فى حياتنا فما قيمة جيل من أمة عمرها سبعة آلاف عام إلا ما يتركه من موروث فكرى وثقافى وحضارى وأدبى؟ إن لم تقدر الأحزاب المصرية كلها على التوحد وأن تنحى نزاعاتها جانبا وتتفرغ للمشروع القومى الذى بات ضرورة ملحة، فأكاد أجزم أن جميعها لا تصلح لحكم البلاد.
وكان الله فى عون مصر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة