ربما لست ملكا أو وزيرا... بل لست كذلك... لذا ليس بمقدورى فعل شىء سوى إخراج عدد من الكلمات من جنبات صدرى حتى لا أنفجر قهرا وحزنا.
فلا يمر يوم من أيامنا هذه حتى تنضح مساوئنا فيه لدرجة أننى لم أعد قادرا على "عد" تلك المساوئ بل إن شئت فقل على التمييز بينها.
الأمراض تتراشقنا كما تتراشق الأسهم جسد الشهيد دون أن نفكر فى نزع تلك السهام أو فى اختراع آلية الدرع التى تدرأ عنا ألم السهام متمسكين بمنهجنا القديم..."سيبها على ربنا"... و"ربك يستر"... فى مقالة "غزة باللغة العربية الفصحى"... تقدمت بخطوات ثابتة فى طرح فكرتى أن الإصلاح لابد أن يبدأ من النفس وارتضيت فضلا وليس قسرا بالحديث عن الأفراد لا عن المسئولين والحكام... وها أنا اليوم أعيد الكرة لكن للحديث عن الطرف الآخر لنكون بذلك وفينا عهدنا.. والله من وراء القصد..
صراحة أشعر بالخجل عندما أشاهد فى القنوات الإخبارية الفضائية بعضا من بنى جنسى وهم يعانون الأمرين.. صراع النفس وصراع الحياة لا يقدرون على حمل أكثر من كأس شاى واحدة فى يومهم الطويل نظرة لارتفاع أسعار السلع الأولية خاصة السكر الذى ارتفع بشكل غامض دون أى مبررات... أشعر بالخجل عندما أختار نوع الطعام الذى أتناوله، بينما غيرى يأكل جبرًا دون أن تكون لرغبته شيئا فيه..
منذ أيام شعرت بالخجل عندما أقبلت على امرأة فقيرة فى إحدى شوارع القاهرة... وهى تقول لى أريد منك طلبا..هل ستنجزه لى؟
فقلت لها: إذا كان داخل استطاعتى... فقالت: لا أريد منك مالا... أريد منك أن تشترى لى "علبة حليب" لى ولاولادى...!!!!
سبحان الله... كل ما تتمناه هذه المرأة المسكينة علبة حليب... ولكن أين المسئولين... أين أولئك الذين يتحدثون عن الاستثمار.. أين أولئك الذين يتحدثون عن الدعم... فليأتوا ولينظروا.
إنهم يتحدثون شبه يومى..عن الاستثمارات الداخلية وعن الدعم والمنح والأمر يزداد سوءا بعد سوء... وكأنهم لا يبصرون أو أنهم تعامت أبصارهم أو طبع الله على قلوبهم...
امتعضت كثيرا عندما شاهدت كارثة تلوث المياه فى قرى مصر وتلوث نهر النيل... مما أفسد الثروة السمكية التى كانت تعد مصدر للدخل لكثير من الناس ولا أعلم "اللحمة وخوفونا منها علشان الخنازير والفراخ قالولنا بلاش علشان الطيور حتى السمك بقى ملوث والقمح بقى مسرطن.. طب ناكل ايه".... عذرا قارئى العزيز كما قلت فى بداية حديثى دعنى أخرج تلك الكلمات حتى لا أنفجر قهرا وحزنا....
هذه الأطعمة الفاسدة كفيلة بأن تلحق بأحدنا فشلا فى وظائف الكبد وتليّفه وفشلا كلويا والتسمم وغيرها من الأمراض التى يتطلب علاجها أموالا تفوق عدد كلمات ذلك المقال... وإذا ما تم العلاج كان فاسدا ناقصا مهملا...
أين المسئولون.. أين المدراء.. أين الوزراء.؟؟؟؟..
صحيح نحن لا نرجو من الحكومة أن توفر لنا الملعقة الذهبية وتضعها فى أفواهنا خاصة وأن الظروف الاقتصادية لبلدنا هذه مدججة بالصعوبات وعدد الشعب يزداد أضعافا... لكن هناك التزامات ومسئوليات لم يتم تحقيقها... صحيح أن ليس كل شىء نلقيه على عاتق الحكومة... لكن هذا لا يمنع أن هناك مسئوليات تقع على عاتقها أيضا ولا تنجزها كما ينبغى...فعلى سبيل المثال أين الحكومة من قضية تلوث مياه النيل...
أذكر فى الصيف الماضى فى دولة الكويت حدث عطل فى إحدى محطات الصرف الصحى والتى أدت إلى تسريب مياهها فى البحر مما أدى إلى تلوثه ونفوق الأسماك.. حينها لم تنم الحكومة الكويتية وخرجت عن بكرة أبيها تبحث فى تلك الكارثة حتى أصلحتها وأعادتها إلى ما كانت عليه بل وقامت بمحاسبة المسئولين قبل الأفراد... وهذا ما ينقصنا للأسف... لكن ما يحدث هو أن المواطن المصرى هو وحده من يتحمل المسئولية... مسئولية الغلاء والفقر والبطالة والأوبئة والفساد التعليمى وانخفاض مستوى آليته وإدراجه بشكل غير مدروس والتخبطات فى القرارات السياسية.. فكما قال الدكتور سعيد فهمى لم يتبق شىء لم تحرمنا منه الحكومة فلم يعد هناك شىء حصرى على المواطن المصرى...
حتى مؤخرا عندما طغت قضية قطار العياط على الرأى العام.. خاصة بعد استقالة وزير النقل واعتبار ذلك الأمر شجاعة منه.... فأنا لا أرى أى شجاعة فى ذلك ولا أريد أن أسميه هروبا خاصة وأنه كان يصر بعد الحادث على عدم الاستقالة... فما الذى حدث وتغير!!! وهل هى استقالة أم إقالة؟....وهل هى استقالة "كده وكده" من أجل امتصاص غضب الشعب المصرى وإسكاته؟؟؟
لكنى أتساءل... ما ذنب وزير النقل فى حادثة سببها خطأ فردى لعامل المراقبة...وهل يستوجب إقالة وزير النقل لأن فردا فى منظومته أخطأ فى أداء عمله ومنذ متى وهذا النظام يطبق فى مصرنا العزيز؟؟؟.. وللأسف انشغلنا بالاستقالة المزعومة تاركين الموقف كما هو دون حل
للأسف الشديد الأمر أصبح فى مصر عبارة عن مصالح شخصية يتم على أساسها العمل والجهد... حتى الأحزاب المعارضة فهى أحزاب تسعى لمصالح شخصية وليس لمصلحة مصر... فهى تنتقد الحكومة لمجرد النقد وكأن بينهما عداء أو ثأر قديم... ولا أعلم لم لا يكون انتقادها بناء بدل من أن يكون هداما... لم لا تقدم مصلحة مصر وأمنها واستقرارها فوق أى اعتبار
نعم... نحن نعيش حالة من الأنانية المفرطة التى بدأت تسطو بكل جوارحها فى أركان مؤسساتنا التربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية.. تلك الأنانية التى لا أعلم لها مدخلا فربما كانت بسبب غياب الوازع الدينى أو غياب الضمير الأخلاقى أم انتهاء العمر الافتراضى لمبدأ الثواب والعقاب... لذا يبدو لى أننا بحاجة إلى النظر فى بعض المفاهيم التربوية للنشء من أجل الوقوف عند بعض الأفكار التى تزرع داخل عقول أبنائنا.. ومن هذا المنطلق فإنى أطالب بإعطاء المرأة كافة حقوقها وأخص منها المعنوية وتقدير قيمتها "قدرا قبل قيمة" وإعادة ثقتها بنفسها أكثر وإعادة تأهيل المرأة "تربويا"... لأن المرأة هى المسئولة أولا وأخيرا عن صناعة الأبناء وشخصياتهم وقراراتهم المستقبلية...
وبالرغم من كل هذا ما زال الشعب المصرى هو الأكثر ابتسامة بين شعوب الأرض...فلم نيأس بعد ومازال الأمل حاضرا.. ومازال فى جعبة المصريين الكثير لنقول..... اووف تعبنا خلاص
كلمة أخيرة : يقول الأستاذ عادل إمام فى مسرحيته الزعيم: "طب يا بيه ما تخدوا فلوس البلد كلها بس سيبوا الأطفال تعيش يمكن هم اللى يعملوا حاجة بعدنا"..........
ولا حول ولا قوة إلا بالله...
مصطفى محمود حواش يكتب: مفيش حاجة حصرى كله على المواطن المصرى
السبت، 14 نوفمبر 2009 08:53 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة