أعتقد بأنه هناك جيلا لم يستمع فى حياته إلى الأغنية الوطنية، وهذا مما لاشك فيه ترك آثارا جانبية على ثقافة الولاء والانتماء وعشق مصر، فالأغنية الوطنية هى وقود الحياة العملية، هى الشرارة التى تلهب الحواس والحماس فى نفوس المواطنين – تزلزلهم أحيانا وتبكيهم أحيانا أخرى.
وربما سمع البعض القليل من الأغانى فى مناسبة 6 أكتوبر أو تحرير سيناء لكنها لم ولن تستقر فى الأذهان أو العقول أو ينطق بها اللسان بعد ذلك لقصر المدة التى تبث فيها تلك الأغانى – بل الراسخ فى ذهن شبابنا الآن الكلمات السطحية التافهة مع الكثير من العرى والرقص . فصنع الإعلام جيلا مشوها مسخا من الناحية الوطنية واندثر بقايا التاريخ الجميل من الجهاد، ونكس علم الكفاح لأجيال سابقة.
وفى سقطة من العثرات التى يقع فيها المسئولون هذه الأيام - وتحفيزا للجماهير المصرية لمباراة كرة قدم لا طائل من ورائها غير الفرقة والانقسام بين دولتين عربيتين لكل منهم أيادى بيضاء على الأخرى . وجدنا أغنية يقال عنها إنها وطنية لتشد من عزيمة المنتخب المصرى.
وأتعجب لماذا لم تكن هناك أغانى وطنية يتم إذاعتها حتى تلهب حماس المقاوم على أرض غزة للمحتل والهجوم الإسرائيلي. المهم الأغنية التى تشدو بها شيرين وجدى ما هى إلا مقدمة بعض الكوبليهات من الأغانى الوطنية لعبد الحليم حافظ ووردة وشادية .
لكن للأسف الشديد ويالها من سخرية للقدر أو الأقدار التى وضعت مثل هؤلاء فى قيادة العمل الفنى فى مصر، هذه المقدمات من تلك الأغانى كانت تذاع فى حرب الاستنزاف وفى حرب 6 أكتوبر - فهل فقط الإعلام عقله عندما وضع الجزائر وإسرائيل فى كفة واحدة – هل من الممكن لأى عاقل أن يستوعب هذه السخافات .. لله الأمر من قبل ومن بعد .