المراسلون الأجانب يردون على «روبرت فيسك»: لسنا تحت سيطرة الأمن فى مصر

الجمعة، 13 نوفمبر 2009 12:17 ص
المراسلون الأجانب يردون على «روبرت فيسك»: لسنا تحت سيطرة الأمن فى مصر
ناهد نصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
>> يوظفون مراسلين مصريين.. والتصوير بكاميرات منزلية.. ومراسلة أكثر من جهة بـ«كارنيه» واحد.. والدردشة مع رجال الأمن.. ومسئولو الرقابة لا يعرفون اللغات الأجنبية

بثقة زائدة عن الحد أعلن الكاتب الإنجليزى الأشهر روبرت فيسك أن الأجهزة الأمنية «اخترقت» جميع مكاتب الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية فى مصر، عن طريق زرع جواسيس لها داخل هذه المكاتب، لكن الحقيقة أن فيسك «لا يعرف شيئاً» عما يدور فى هذه المكاتب، والدليل هو ما تكشف عنه «اليوم السابع» من خلال لقائها بممثلى هذه الصحف والوكالات، ومراسليها بالقاهرة، والذى يدير بعضهم عمله الصحفى من شقة مفروشة، ويتحايل بعضهم الآخر على تصاريح التصوير باستخدام كاميرات منزلية، وأجهزة محمول، بينما يفضل البعض الآخر الاعتماد على مصريين وطلاب أجانب من الباطن تجنباً للتعقيدات البيروقراطية، فيما يعترف المسئولون بوزارة الإعلام أن الإعلام الأجنبى فى مصر خارج السيطرة، وأن تلك «ظاهرة عالمية».

دينيس آمون، واحدة من المراسلين المعمرين فى القاهرة، قضت فيها 25 عاماً ونالت مؤخراً لقب كبيرة المراسلين الفرنسيين بالقاهرة. الصفة الرسمية لآمون هى «مراسلة مجلة لو بوينت» الفرنسية، لكنها فى الحقيقة ترسل قصصاً صحفية، وتقارير عما يحدث فى مصر لعدة صحف ومجلات فرنسية، ولبنانية، ومن منزلها فى القاهرة، ولم تواجه آمون أى مشكلات أمنية أو غير ذلك خلال مدة إقامتها فى مصر، سوى ما يعترضها أحياناً من بطء إجراءات الحصول على تصريح تصوير، أو إجراء حوار صحفى مع مسئول، وتقول «لم استدع أبداً من قبل أى جهة أمنية، كما لم توجه لى ملاحظات على ما أنشر» وتشير إلى أن هناك أمورا معينة «ينبغى التعامل معها بحذر، وهى أمور معروفة، ومقبولة أيضاً».

وللحصول على تصريح لإجراء تغطيات صحفية مصورة يلجأ المكتب الأجنبى إلى المركز الصحفى للمراسلين الأجانب بماسبيرو، الذى يعرض بدوره الأمر على ثلاث جهات أمنية يجب أن توافق جميعها على التغطية، وهو ما قد يستغرق وقتاً يبدأ من أسبوع، وقد يمتد إلى شهر، أو شهرين، وربما لا يأتى رد هذه الجهات من الأساس.

مايك تليسون، نائب رئيس جمعية المراسلين الأجانب بالقاهرة، مدير مكتب وكالة التصوير الأوروبية «EPA» يعتقد أن المصريين لديهم حساسية من الكاميرات خاصة إذا كانت فى يد أجنبى، ووجود تصريح بالتصوير من عدمه لا يؤثر كثيراً على علاقة رجل الأمن بالمصور الأجنبى فى الأماكن العامة، والذى قد يعترض طريقك حتى لو كنت تصور منظراً طبيعياً للنيل، ودائماً ما يكتشف أنه مطالب بالمزيد من التصاريح من جهات أمنية أخرى، لكن هناك طريقتين مجربتين يصفهما تليسون لتجاوز هذه العقبة، إحداهما الاعتماد على مصورين مصريين حتى لا يثيروا شكوك الأجهزة الأمنية، أما الحل الثانى والذى يستخدمه تليسون فى أغلب مهماته الصحفية فهو «أن تتمكن من جعل رجل الأمن، أو المواطن المصرى يثق بك» فابتسامة ودردشة قصيرة تتخللها بعض الكلمات العربية تذلل أمامه أى عقبة، ويقول: «المصريون بطبعهم يحبون المساعدة فور شعورهم بالاطمئنان للغرباء، وهو ما يحدث معى عادة».

ولأن الدردشة والابتسامات لا تصلح فى كل مرة، يكشف ظافر كامل مراسل مكتب التليفزيون الألمانى ARD عن طرق أخرى للتحايل، أبرزها الاعتماد على كاميرا موبايل، أو كاميرا ديجيتال منزلية، والتظاهر بأنك سائح، «فلا أحد يمنع السائحين من فعل أى شىء»، والغريب أن هذا النوع من التحايل يتم بالتعاون مع المركز الصحفى نفسه، وبشكل غير مباشر، ويقول كامل إنه على مدى 17 عاماً مدة عمله بالقاهرة لم يتعرض سوى لعدد محدود من التصاريح المرفوضة، ولأن تصاريح التصوير تأخذ وقتاً طويلاً فإن المسئولين بالمركز الصحفى بوزارة الإعلام يقولون له صراحة «التصريح سيتأخر، ولو مستعجلين يمكنكم المخاطرة، وزى ما تيجى» وهو يؤكد أنه فى كل المرات التى تجرأ فيها على المخاطرة «لم يحدث شىء».

وتجنباً لرفض تصاريح التصوير يشير ظافر كامل إلى شكل آخر من أشكال التعاون، إذ يقترح المسئولون بالمركز الصحفى للمراسلين الأجانب عناوين المواضيع التى يعرفون أنها ستكون مقبولة لهذا الشهر، حتى لو لم تكن مستهدفة لتغطيتها من قبل الوكالة أو المكتب الصحفى، ويقولون «نعرف أنها ليست ما ترغبون فى تغطيته لكن النظام نظام»، وهكذا يحصلون على تصريح لتصوير موسم دخول المدارس، بينما يصورون أمرا آخر تماماً. وما يستنتجه ظافر كامل هو أن ما يحدث فى مصر، هو عكس ما قاله روبرت فيسك تماماً، فبرأيه «وسائل الإعلام الأجنبية هى التى تقوم بالاختراق وليس العكس».

الاعتماد على مراسلين مصريين واحدة من وسائل الالتفاف على البيروقراطية أيضاً، ويشير نبيل يوسف، مدير جمعية المراسلين الأجانب بالقاهرة، إلى أن حوالى 65 % من مراسلى المكاتب الأجنبية مصريون، هذا بالإضافة إلى الاعتماد على مراسلين «فرى لانس» سواء ممن يحصلون على »كارنيه« المركز الصحفى ثم يعملون لصالح جهات أخرى فى الوقت نفسه، أو أشخاص لا يعملون بالصحافة أصلاً ويقومون بإرسال مواد صحفية للمقر الرئيسى للمحطة أو الصحيفة.

وائل عباس صاحب مدونة «الوعى المصرى» والذى عمل مراسلاً لإحدى الوكالات الأجنبية بالقاهرة، يقول إنه كان يرسل مواد صحفية بالإنجليزية إلى مقر الوكالة مباشرة، دون المرور على مدير المكتب فى القاهرة، ويشير إلى أن الوكالات الأجنبية عادة ما تقبل تقارير وقصصا صحفية من أشخاص لا يعملون لديها، وتنشرها بدون أدنى مشكلة، وهو ما تؤكده رانيا المالكى، رئيس تحرير جريدة الدايلى نيوز إيجيبت، أول صحيفة مصرية خاصة ناطقة بالإنجليزية أنه «أمر خارج السيطرة» لأنهم يرسلون مواد صحفية عن طريق «الإيميل» وهناك عدد لا نهائى من الصحف المحلية فى جميع دول العالم لا يمكن الاطلاع على ما ينشر فيها إذا لم يخبرك المراسل بأنه فعل، لكنها تشير إلى أن المحطات والصحف الكبرى تشترط على مراسليها عدم العمل لصالح أى جهات أخرى.

ويعلق نديم زواوى، مراسل وكالة «نوفوستى» الروسية بأن الوكالات الأجنبية الرسمية -ومنها وكالته- عادة ما تتجنب التطرق إلى المواضيع «غير المريحة» لمصر، حتى لا يتأثر عملها بحجة الإساءة لمصر فى الخارج. فالرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية يتم بعد النشر، وهى مسئولية المكاتب الإعلامية التابعة لسفاراتنا فى الخارج، وأغلب العاملين فيها تتم ترقيتهم من بين موظفى المركز الصحفى للمراسلين الأجانب التابع لهيئة الاستعلامات، نظراً لخبرتهم بكل مراسل، وما يمكن أن يكتبه، وهم مسئولون عن إرسال تقارير وافية عما ينشر إلى المسئولين بالقاهرة. ويشير نبيل يوسف، مدير جمعية المراسلين الأجانب بالقاهرة، إلى أن هذه الرقابة تتركز على وكالات الأنباء والصحف الكبرى مثل الـ«بى بى سى» والإجراء الذى يتخذ ضد الجهة التى تنشر تقريراً غير مقبول لا يتجاوز عرقلة منح التصاريح لمراسلى هذه الجهة دون الإعلان عن السبب، لكنه يكون مفهوما، ويشير يوسف إلى أن المسئولين بدورهم «بيفوتوا حاجات كتير لأنهم لا يحبون تكبير الأمور».

لكن جزءاً من أسباب تجاهل ما ينشر عن مصر، هو عدم معرفة أغلب مديرى المكاتب الإعلامية بلغات الدول التى يعملون فيها، وهو ما لم ينفه مسئول بالمركز الصحفى للمراسلين الأجانب، رفض ذكر اسمه، ويعترف بأن تصاريح التصوير والتغطية الصحفية المطلوبة لصالح جهات أمنية زادت عن الماضى، لكنه يؤكد أن المركز الصحفى يبذل كل ما يستطيع لتقديم الدعم والمساندة لوسائل الإعلام الأجنبية فى مصر، وبشكل عام يرى أن وسائل الاتصال الحديثة، فضلاً عن العدد الكبير من المراسلين غير المعتمدين، تجعل الرقابة أمراً مستحيلاً فى مصر كما فى غيرها من دول العالم، بما فيها الصين التى يصفها بأنها من أكثر الدول التى تتشدد فى الرقابة على وسائل الإعلام.

لمعلوماتك....
>> 500 عدد مكاتب الإعلام الأجنبية المعتمدة فى مصر






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة