محمد حمدى

جريمة فى حق مصر

الخميس، 12 نوفمبر 2009 12:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بمنتهى الهدوء والبساطة قرر وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى، وقف إجراء تحاليل فيروس أنفلونزا الخنازير بمستشفيات الحميات إلا فى حالتين، الأولى الإصابة بمرض مزمن، أو للحالات الحرجة التى تستدعى دخول المستشفى لتلقى العلاج والمتابعة الصحية فائقة العناية. ومنح الوزير بموجب هذا القرار المعامل الخاصة حق إجراء تحليل أنفلونزا الخنازير اعتبارا من الأسبوع القادم.

ويعنى هذا القرار أنه لن يتم إجراء أية تحليل لإثبات الإصابة بأنفلونزا الخنازير لمدة أسبوع كامل، ووفقا لكلام الوزير، فإن على من يشك بإصابته بالأنفلونزا الجلوس فى البيت فى غرفة بمفرده وتناول السوائل، ومخفضات الحرارة من نوعية البراسيتمول، حتى يشفى أو تتدهور حالته فينقل إلى المستشفى.

ورغم قناعتى النابعة من تأكيدات منظمة الصحة العالمية بأن فيروس أنفلونزا الخنازير لا يزال ضعيفا ويمكن علاجه فى كثير من الأحيان بالسوائل والراحة والمسكنات، لكن ترك أمر العلاج للناس فى المنازل بمعرفتهم يحتاج إلى ثقافة غير متوفرة فى مصر، وإلى استشارة أطباء متخصصين بالطبع لن يكونوا متوافرين لكافة الطبقات، خاصة الفقراء الذين يمثلون 42% من سكان مصر حسب تقرير التنمية البشرية العربية.

المشكلة الثانية والأهم هى أن تكلفة تحليل أنفلونزا الخنازير فى المعامل الخاصة ستصل إلى 1200 جنيه، مما يعنى أنه لن يكون بمقدور معظم المصريين من الفقراء وحتى الطبقة الوسطى تحمل تكلفة التحليل لطفل فما بالنا بأسر بها عدة أطفال.

وفى تصورى أيضا أن وزير الصحة لجأ لهذا الإجراء لأن التحليل الواحد يكلفها ألف جنيه، ويبدو أن هذا الأمر يفوق ميزانية الوزارة فقرر الوزير نقله إلى المعامل الخاصة ليتخلص من التكلفة العالية من ناحية، ولأن بيزنس تحاليل الأنفلونزا سيؤدى إلى مكاسب خرافية لأصحاب المعامل والمستشفيات الخاصة التى ستصرح لها وزارة الصحة بإجراء هذه التحاليل.

المشكلة الأكبر أننا وفقا لهذا الإجراء لن يعود بإمكاننا معرفة تطور انتشار الفيروس ونوعيته، بعد أن رفعت الحكومة يدها عن الكشف والعلاج وتركته للمواطنين لتحمله كل حسب قدرته المالية، فمن يملك المال يمكنه اكتشاف الفيروس والعلاج منه، أما من لا يملك فليس أمامه سوى الدعاء لله بأن يمن عليه بنعمة الشفاء.

صحيح أن منظمة الصحة العالمية تقول إن الفيروس ضعيف ويمكن القضاء عليه بالسوائل ومخفضات الحرارة، وصحيح أن الملايين حول العالم أصيبوا وشفيوا دون علاج، لكنها لم تترك أمر العلاج فى يد المواطنين، ولم تنصحهم بعلاج أنفسهم بأنفسهم كما تفضل السيد وزير الصحة.

هذا القرار جريمة فى حق مصر وأنا من هذا المنبر أدعو كافة المنظمات الأهلية وأعضاء مجلسى الشعب والشورى والأحزاب السياسية وكافة وسائل الإعلام المختلفة بالاحتشاد والضغط لإلغاء هذا القرار الذى اعتقد جازما أنه جريمة كبيرة وخطيرة فى حق مصر والمصريين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة