د.نيفين شكرى تكتب.. التوك توك... شو!

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009 12:57 م
د.نيفين شكرى تكتب.. التوك توك... شو!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العالم أصبح قرية صغيرة، إنّنا على أعتاب عصر العولمة، سيمكنك وأنت فى أصغر قرية فى مصر أن تتابع وتشاهد وتتفاعل فى أصغر قرية فى القطب الشّمالىّ!

شعارات أصابتنا بالرعب ونحن ندخل فى الألفيّة الثّّالثة، وتصوّرنا أنّ ما كانت أفلام الخيال العلمىّ تروّج له سيحدث، وأن من لا يستطيع التعامل مع التّكنولوجيا لن يبقى على قيد الحياة، وأنّ كلّ ما هو قديم سيمحى من الوجود، وسيصبح البشر أشبه بالروبوت الآلى من شدة التّطوّر!.

الجميل والمفارقة، أنّ شيئا من ذلك لم يحدث! بل استمرّت القرى كما هى ولا يزال الفلاح البسيط يعتمد كثيرا على حيوانات المزرعة فى التّنقّل وزراعة الأرض ، وبينما يحمل فى يده التليفون المحمول، يلقى على سطح منزله القشّ، وبينما يتابع أحدث الأفلام على الفضائيّات، لا يزال لا يعرف كثير منهم القراءة والكتابة!

أذن التطوّر آّت لا محالة، لكنّه ليس كما تخيلّوا أنّه بين يوم وليلة، ولن يحدث فى نفس التّوقيت بنفس الدّرجة فى الرّيف والحضر، وفى كلّ أرجاء العالم، وعلى كلّ البشر، ومثلما التّغير فى سبل الحياة العاديّة، كذلك فى طريقة التّفكير، والعادات، والتّقاليد، وما يعرقل ذلك التّطوّر هو شىء لم يكن فى حسبان صانعى أفلام هوليوود، وهو أن تعود للحياة مرة أخرى دعوات للعودة إلى الوراء، ومقاومة التّطور بطرق غير سلميّة، بل واستغلال ذلك التّطوّر فى إحلال التّخلف والظّلام مرّة أخرى!

فبدلا من الانفتاح العقلىّ أكثر، وبدلا من قبول الآخر بنضج ووعى، وبدون فقدان الهويّة الشّخصيّة، اشتدّت الدعوات التى ظنّ البعض أنّها انقرضت كما انقرض عصر الديناصورات، وعادت الاتّجاهات إلى العدائيّة والعنف والعصبيّة!

بالأمس القريب، كان ممنوعا على أىّ مذيع أو مذيعة أن يحرّك يده أمام الكاميرا ليبعد ذبابة تزعجه، وأنّ عليه أن يحيّى الجماهير بالضّبط كما هو مكتوب له، وألاّ يقاطع أو يعبّر عن رأيه، بل فقط يلقى الأسئلة ويتلقّى الإجابة، فلما حدثت الثّورات التكنولوجيّة، الّتى سمحت ببرامج التوك شو، فرح الكثيرون خاصة فى مناخ منفتح نسبيا وفيه الكثير من الحريّة خاصّة فى مصر، واستبشروا خيرا، بإمكانيّة توصيل مشاكلهم وحلّها مباشرة.

إلاّ أنّ هذا أيضا لم يخلو من الجانب السّىء، فصارت هناك برامج وقنوات، لا يهمّها مصلحة النّاس، بقدر ما يهمّها التّرويج لاتّجاهات ما، لصالح جهات ما، وأعراض هذه الاتّجاهات تظهر جليّا، عندما يشترطون أن يكون الضّيف مهاجما لجهة ما، وأن يضخّم الحدث ويعممّه ويحوّره، وأن يوحى بأنّه لا يوجد حلول، بل لا يهتمّ ببحث أو طرح الحلول المعقولة ، أو حتّى متابعة المشكلة مع المسئول، ثمّ الإعلان إن تم حلّها وشكره، بنفس درجة الحرص على إظهار الجانب السّلبى بنفس قدر الضّخامة.

والعجيب أنّ أىّ شىء إيجابىّ، قد يبدو مشرّفا، ويصلح كقدوة للآّخرين يتم تجاهله من تلك البرامج والقنوات عمدا، بل وربّما يتمّ القول بأنّه هو الواجب فلما نذكره؟ وفى ذلك الاتّجاه تنكشف نوايا كل قناة أو برنامج، طالما تتجاهل علاج المشكلة، وتتجاهل الإيجابيّات، وتضخّم فقط السلبيّات، وتشوّه الحقائق، فهى لها هدف محدّد لصالح جهات محدّدة’ تؤدّيها ببراعة ولا يعنيها النّاس فى شىء، وهى تسبّب فوضى فى سير التّقدّم الإعلامى، مثلما يسبب التوك توك فوضى، عندما يسير جبنا إلى جنب، فى أىّ شارع رئيسىّ!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة