بعد حصول هرتا مولر عليها..

نوبل 2009.. وصول الدعم لمستحقيه

الخميس، 08 أكتوبر 2009 08:37 م
نوبل 2009.. وصول الدعم لمستحقيه هرتا مولر الحاصلة على جائزة نوبل للأدب
كتب طلال فيصل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرومانية ذات العيون الخضراء، والتى لم تكن معروفة من قبل، ستكون حديث الصحافة بدءاً من الآن، مولد سيدى نوبل انعقد ولن ينفض قبل عدة شهر، بشكل أو بآخر كنا نضع أيدينا على قلوبنا الواجفة قبل إعلان الجائزة نخاف ما وسعنا الخوف ونرجو وإن كان فى خجل، نخاف من أن يقفز إلى قائمة نوبل إسرائيلى متعنت أو عنصرى بغيض يمارس الحماقة على الورق، ونرجو أسماء مثل أدونيس أو آسيا جبار أو درويش – رحمه الله – أن يعيد البسمة التى رسمها محفوظ على شفاهنا عام 1988 وتبدو الآن عصية على التكرار، وها هى جائزة نوبل 2009 تؤكد أن لجنة نوبل ما زال عندها نظر، وأنها تعرف كيف تصل بالدعم إلى مستحقيه، إلى رومانية تتحدث الألمانية ودفعت ثمن الجائزة كاملاً مكملاً، تعذيباً ونفياً ونسياناً وتجاهلاً ورقابة.

هرتا مولر، بحسب تعبير لجنة الجائزة فازت لكونها (قادرة على وصف صورة طبيعية وصادقة للمنفى) ويستفيض بيتر إنجلوند سكرتير جائزة نوبل فيقول: (أولاً، هى روائية ممتازة ولها لغة بالغة الشاعرية والعذوبة والحيوية) ومن ناحية أخرى (أنها قادرة على إعطائك إحساساً دقيقاً بما يعنيه العيش فى ظل دكتاتورية بغيضة مثل دكتاتورية شاوشيسكو، وأيضا معنى أن تكون ضمن أقلية وأن يكون وطنك هو المنفى) ثم يتحدث عن اللغة، فيقول إنها (جاءت من بلد ديكتاتورى يمعن فيه النظام فى تطويع اللغة والتلاعب بالألفاظ، لذا جاءت لغتها دقيقة وصافية ومعبرة تماماً) وينصح القراء الذين يريدون التعرف على عالم هرتا مولر بالبدء بكتابين، رواية هرتزير (نشرت بالإنجليزية تحت عنوان "حقل البرقوق الأخضر") وروايتها الأخيرة "أحمل معى جميع ما أمتلك" والكتابان للأسف لم يترجما للعربية فيما أعلم.

الرومانية الجميلة جاءت للدنيا عام 1953 وبدأت صدامها مع العالم مبكراً، وهى طالبة جامعة ترفض أن تتعاون مع جهاز الأمن فى رومانيا شاوشيسكو لتفقد عملها ويبدأ التضييق عليها الذى يوصد كل باب ولا يتبقى غير نافذة الهجرة، فتهاجر عام 1987 إلى ألمانيا، وبرغم أن تجربة خروجها من الوطن كانت منذ ما يزيد عن عشرين عاماً، إلا أنها تكاد تكون لا تكتب إلا عنها، وتصوغ للبشر الذين عاشوا فى هذه الحقبة صورة حميمية وصادقة، منها قصتها البديعة الموعد، والتى تعمل فيها امرأة فى مصنع للملابس فى فترة شاوشيسكو، وكل ما يشغلها هو الزواج فتلصق الأوراق على الملابس التى ينتجها المصنع مكتوب عليه "تزوجنى من فضلك" وتكتشف فى نهاية القصة، أن الدكتاتورية لا تكتفى بسرقة وطنك ولكنها تتسرب إلى روحك وإنسانيتك لتنتزعها منك، وتقول هرتا مولر عن ذلك (التجربة الرئيسية فى حياتى هى العيش تحت ظل حكم دكتاتورى، ومجرد العيش فى المنفى بعد ذلك لم يستطع محو هذه التجربة بكل قسوتها وضراوتها).

ربما يجد البعض شيئاً يقوله حول اهتمام جائزة نوبل بكتاب الأقليات، أو يمارس البعض كراهيته المشروعة لأمريكا بالحنين غير المشروع لعصر شاوشيسكو وفترة النفوذ السوفيتى على اعتبار أننا لم ننتقل من الليل إلى لليل أشد حلكة، لكنى لا أستطيع أن أتكلم فى سياسة بغيضة أفترضها افتراضاً وأترك احتفالاً بكاتبة دفعت عمرها ثمنا لبحثها عن حريتها فى الحياة الكاتبة، الجميل فى فوز هرتا مولر أنها لم تكن تعرف ولم تكن على قائمة من قوائم الترشيحات، كانت على حافة الإهمال والنسيان، تكاد تكون غير مقروءة خارج اللغة الألمانية، وآخر جائزة فازت بها كانت جائزة برلين الأدبية من خمس سنوات، وها هى نوبل تمنحها شيئاً من الاهتمام الذى تستحقه، وها هى نوبل تصل بالدعم نوعاً ما إلى واحد من مستحقيه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة