احتراق 400 فدان ومنع إقامة مدرسة بعد الاعتراف بخطورته على التلاميذ

مصنع سماد أسيوط يحكم على 15 ألف مواطن بالإعدام

الخميس، 08 أكتوبر 2009 09:10 م
مصنع سماد أسيوط يحكم على 15 ألف مواطن بالإعدام سموم المصنع فى صدور الأهالى وقلب النيل
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سحب دخانية كثيفة، روائح كريهة خانقة، أتربة تهيج العيون والأعصاب، شجر يابس وأرض زراعية احترقت، حيوانات نافقة ومياه ملوثة ومنازل يكسوها الرماد وحتى أعمدة الإنارة لم تسلم من غبار المداخن الذى أصاب الزرع والأسماك بتلوث، والمواطنين بأوبئة وأمراض مزمنة.. هذا هو حال قرية «جزيرة الأكراد» المجاورة لـ«مصنع سماد أسيوط» الذى كان «حلما» لأبناء الجزيرة فأصبح كابوسا يطاردهم، بعد أن احترقت أراضيهم الزراعية بسبب تسرب الغازات والسوائل الكبريتية للتربة، وانتشرت الأمراض الصدرية والأمراض المزمنة لتصيب 15 ألف مواطن بالقرية.

ومن أحدث الدراسات العلمية تلك التى أجراها الباحث الطبيب عبدالمنعم محمد عبدالرحمن للحصول على درجة الماجستير رصد فيها تأثير نفايات مصنع السماد على السكان، وكشف أن معظم سكان قرية جزيرة الأكراد يعانون أمراض الصدر خاصة الأطفال، مع ارتفاع ملحوظ فى نسبة الوفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسى الناتجة عن التلوث. وفى دراسة أخرى أجراها الدكتور ثابت عبدالمنعم إبراهيم أستاذ الطب الشرعى والسموم بكلية الطب البيطرى جامعة أسيوط أثبت أن الغازات والأتربة تخفض نسبة الكالسيوم والفسفور اللازمة لبناء الهيكل العظمى للحيوانات وتضاعف الإجهاض للبشر والحيوانات وتؤخر نمو الأطفال.

بعد احتراق ما يقرب من 400 فدان وإصابة الآلاف بالأمراض الصدرية، اعتصم أهالى القرية فى أكتوبر عام 2008 أمام بوابة المصنع، لكن الأمن حاصر الأهالى وفض الاعتصام، وتشكلت لجنة لتقصى الحقائق من المجلس الشعبى المحلى لمحافظة أسيوط، أصدرت تقريرها بتاريخ 1/8/2008، والذى جاء مخيبا لآمال الأهالى بما احتواه من تناقضات أفشلت محاولة محرريه فى التغطية على حقائق الموت والدمار فى القرية.

وجاء فى التقرير على لسان مدير المصنع، أن مشكلة انبعاث الغازات السامة والأتربة من محمصتى السوبر فوسفات انتهت بإنشاء برجين على المحامص، لكن التقرير نفسه نقل عن رئيس مركز الفتح أن المشاكل التى بدأت مع تشغيل محمصتى السوبر فوسفات لم تنته حتى الآن. كما ذكر مدير المصنع مغالطة أخرى فى التقرير بقوله إن الشكوى من وحدة حامض الكبريتيك القديمة كانت موسمية، بينما ذكر التقرير نفسه أن الوحدة متهالكة تماما، وتم إيقاف تشغيلها منذ عام 1986، قبل أن يعاد تشغيلها فى عام 1994، ومن هذا الوقت تقوم الوحدة بتسريب غاز حامض الكبريتيك السام، الذى دفع أهالى جزيرة الأكراد للفرار من منازلهم، وفى نهاية يوليو الماضى ظلت الوحدة تسرب الغاز القاتل لمدة أربعة أيام متواصلة.

تقرير لجنة تقصى الحقائق ذكر أيضا أن مياه الصرف الخاصة بالمصنع والتى يتم إلقاؤها فى النيل سليمة ومطابقة للمواصفات، ولم تؤثر على الأسماك، وهو ما يتناقض مع ما ذكرته الدكتورة نجوى السيد نائب مدير إدارة صحة البيئة بمديرية الصحة فى التقرير نفسه «أنه بتحليل عينات مياه صرف المصنع على النيل وجد أنها غير مطابقة بكتريولوجيا، وتم تحرير مخالفات عديدة للمصنع».

وجاء تقرير اللجنة أيضا متناقضا مع قرار هيئة الأبنية التعليمية الخاص برفض طلب إقامة مدرسة إعدادية بجزيرة الأكراد، والذى قدمه الدكتور عبدالعزيز خلف عضو مجلس الشعب بحجة «أن بناء مدرسة فى هذه المنطقة يشكل خطرا على صحة الطلاب بسبب قرب مصنع السماد منها»، وهو ما دفع النائب لتقديم طلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء ووزير البيئة حول تلويث مصنع السماد للبيئة المحيطة وقضائه على الحياة الزراعية وارتفاع نسبة الوفيات بسببه.. وقام أهالى جزيرة الأكراد برفع دعاوى عديدة أمام القضاء ضد المصنع، منها الدعوى رقم 171 مدنى أمام محكمة أسيوط الابتدائية، والتى طالبوا فيها بصفة مستعجلة بوقف تشغيل محمصتى السوبر فوسفات المنقولتين من منطقة الحمراوين فى البحر الأحمر، وإيقاف تشغيل وحدة حامض الكبريتيك القديمة واتخاذ إجراءات منع تصاعد الأتربة أثناء التعبئة إلا أن المحكمة رفضت الدعوى لعدم الاختصاص، ولم تحدد الجهة المختصة، الأمر الذى يجعل الرفض حكما ضمنيا بالإعدام على 15 ألف مواطن بمنطقة جزيرة الأكراد.

لمعلوماتك...
>> 861 عدد الضحايا من أهالى القرية بسبب إصابتهم بالربو






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة