محمد حمدى

كوستاريكا.. ريكا ريكا!

الخميس، 08 أكتوبر 2009 11:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى المسرحية الرائعة سيدتى الجميلة للراحل فؤاد المهندس، مشهد لا ينساه المصريون أبدا لذلك الشخص الذى يسكن فى الحارة، وبيته بدون سلم، ويظل طول المسرحية يقول " السلم لملم.. لملم".. فى مصر كان هذا حالنا مساء الثلاثاء بعد انتهاء مباراة مصر وكوستاريكا.. وخروج منتخب الشباب من بطولة العالم لكرة القدم تحت عشرين عاما..وبدت أصواتنا المحبوسة والمختنقة وكأنها تقول: كوستاريكا.. ريكا.. ريكا!

وهذا ليس تقليلا من شأن دولة كوستاريكا، رغم أنها دولة صغيرة لكن فريقها الشاب يملك الكثير من أساسيات كرة القدم التى افتقدناها فى المباراة، وهى المهارة والسرعة والتنظيم..وبدون هذه العناصر الثلاثة تبدو كرة القدم مثل مباراة فى "جرن" قرية من قرى مصر، تعتمد على الكرات العالية باتجاه حارس المرمى لعله يخطئ هو أو الدفاع.

فى قريتنا بشبيش مركز المحلة الكبرى فى السبعينيات، كنا نصنع المرمى فى أحد "أجران" البلدة، استعدادا لدورى مراكز الشباب الصيفى، وتقام المباريات مع القرى المجاورة، ونستقل الجرارات للذهاب إليها حين نلاعب تلك القرى فى أجرانها.. و"الجرن لمن لا يعرفه من سكان المدن هو مساحة خلاء يتم تشوين الأرز والقمح فيها عقب حصادهما تمهيدا لاستعمال ماكينات بدائية لفصل الحبوب عن القش".

وحين شاهدت مباراة مصر وكوستاريكا وجدت فريقا لا يختلف كثيرا عما كنا نشاهده فى مباريات مراكز الشباب، التى لا تعتمد فقط على الكرات العالية وإنما على قوة التصويبات.. وأتذكر أهل قريتنا وهم يتحدثون عن لاعب " شاط الكرة بسن الحذاء فضاعت من قوة التسديدة"!

المشكلة ليست فى ثقافة كرة مراكز الشباب فقط، وإنما فى إعلام رياضى، لا يتبع أبدا أى أسس علمية فى النقد، فحين خسر شبابنا أمام براجواى خسفنا بهم الأرض، حتى وضعنا أيدينا على قلوبنا خشية عدم التأهل لدور الستة عشر، وحين هزمنا إيطاليا، لم يكن لدينا أى حديث سوى أننا سنفوز بمونديال الصغار.. والمقارنة بين الخروج من الدور الأول والفوز بالبطولة تعنى أننا نعيش دائما فى أحلام اليقظة.. أكثر مما ننظر إلى الواقع وما نملكه من إمكانيات.

وقبل أن نذبح هؤلاء اللاعبين علينا أن نحاسب المسئولين عنهم، فهل يتصور فى أى بطولة عالمية أن يسمح للاعبين بالخروج من معسكرهم والذهاب إلى المنازل كما حدث مع عفروتو، الذى غادر مقر إقامة الفريق وذهب إلى حى الزاوية الحمراء حيث يقطن ليستقبله الأهالى فى زفة شعبية تستمر حتى ساعات الفجر.

وهل رأى أحد فى أى بطولة فريق يسهر حتى الواحدة صباحا لمشاهدة برنامج تليفزيونى والمشاركة فيه عبر الهاتف كما حدث فى برنامج البيت بيتك فى اليوم التالى لمباراة مصر وإيطاليا، حين استضاف محمود سعد بعض أسر اللاعبين وأجرى مكالمات هاتفية مع اللاعبين فى مقر إقامتهم حيث كانوا يسهرون لمشاهدة البرنامج.. ومن تابع المباراة على شاشة التلفزيون ربما توقف كثير أمام لقطة تظهر أحد لاعبى مصر الاحتياطيين وهو يتثاءب على مقاعد البدلاء!

وحتى نعيد إصلاح حال الرياضة من القاعدة وليس من القمة، وحتى نديرها بشكل علمى مدروس كما يفعل الآخرون، وحتى يكون لدينا صحافة رياضية واعية .. سنظل نقول: كوستاريكا .. ريكا .. ريكا!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة