منذ مرحلة اكتشاف الذات والبحث عن الهوية التى ظهرت فى عام 1920 وأعنى (fe-male) والتى امتدت إلى الوقت الحالى، وأدب المرأة يضع له قدماً واثقة على طريق الإبداع، وما أن جاءت فترة الستينات حتى ظهرت أسماء مهمة لأديبات أوروبيات لامعات كان لهن الدور المتميز فى إرساء وتدعيم هذا النوع من الأدب، وفى أواخر السبعينيات ظهرت ثلاث دراسات هامة حول النوع الأدبى الآنف الذكر وهى كتب (أديبات) للين ويرز عام 1976، (أدب خاص بهن) لأيلين شوالتر 1977 و(المجنونة فى العلية) 1979 لساندرا غليرت وسوزان غوبار، وهى كتب فى النقد النسوى الكلاسيكى الحديث، ووجود مثل هذا النوع من الكتب فى النقد يعنى وجود أدب نسوى سابق لها مؤشر عليه بعناية ومشار له بوضوح، سواء أكان ذلك الأدب شعراً أو نثراً متمثلاً بالقص والرواية وحتى المقال الصحفى وبمرور الأيام يشتد عود الأدب النسوى فتخصص له الدول الأوروبية مقعداً دراسياً للحصول على الشهادة العليا فيه.
أما فى الوطن العربى فقد عمدت بعض المجلات العربية إلى تخصيص ملاحق دورية دائمة الصدور عنه أولاً، ثم ما لبث أن ظهرت مجلات عربية متخصصة فى الأدب النسوى أمثال (الأديبة والباحثة وتايكى) فى كل من القاهرة، بيروت وعمان بينما يفتقر العراق وهو موطن نازك الملائكة، عاتكة الخزرجى ولميعة عباس عمارة إلى مجلة ثقافية متخصصة بالأدب النسوى.
وبما إن المرأة لم تعد ذلك الكائن الوديع الذى يتقبل من المجتمع تهميشه، أو أن يسميها -على استحياء- نصف المجتمع، فكلمة النصف، لم تعد تليق بامرأة لها جل الأدوار أو كلها فى ذلك المجتمع، فهى المناضلة على كل الجبهات وفى آن واحد وأعنى البيت، الوظيفة والدراسة، فهى تقطف نتاج نضالها لا بسهولة الحاصد ولكن بصعوبة الباذر والزارع فى أرض بور.
فإذا ما جاء الإبداع، الذى أبسط متطلباته الجرأة فى طرح الذات المهمشة، والإفصاح عنها فى عالم لا تسوده غير قيم الذكورة ولا يحتفى بالمرأة إلا كنصف جميل وجميل فقط، توجب علينا أن ننعت ذلك النصف بالتكامل، ولا يمكننا إلا أن نسمى المبدعة امرأة متكاملة، وهذا ما أعتقده.
وبما أن الفوارق عميقة بين طريقة الرجل والمرأة فى إدراك العالم وفهمه، وأن هذا الإدراك يولد عنه جملة تعبيرية خاصة بالمرأة تفترق عن جملة الرجل، فإننا بحاجة ماسة لمجلة تحتفى بجملة المبدعة العراقية أولاً، ومن ثم بما كتب عنها من قبل الآخر، الرجل المنصف لإبداعها ثانياً، لتؤكد أن الإبداع ليس سمة ذكورية فقط؛ إذ إن أقدم نص شعرى كشفت عنه التنقيبات الأثرية كان من إبداع امرأة ويعود إلى القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد فإذا كان إبداع المرأة العراقية قد دون واحتُفى به من زمن بداية تدوين الحرف، فلماذا لا نعمل على تدوينه فى مجلة أو دورية ورقية وحفظه من التبعثر على صفحات النت القابلة للزوال والتلاشى.
فليحة حسن يكتب.. بعيداً عن التهميش.. محاولة للسطوع
الخميس، 08 أكتوبر 2009 10:37 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة