هو أحد كتاب جيل السبعينات رغم أنه يرفض هذا التصنيف، لأنه "لا يحب الطوابير" على حد تعبيره، الشكل الأدبى هو أحد همومه الأساسية فترى السينما والمسرح والموسيقى لوحات متماهية مع فن القصة القصيرة، وفى مجموعته "رجل العواطف يمشى على الحافة" التى صدرت مؤخرا ترى كاتبا يمشى على حافة عصره و يواكب كتاب الجيل الحالى، إنه "عبده جبير" الذى التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار:
ذكرت فى حوار سابق لك أنك تطمح فى "رواية شرقية بعيدا عن العرقية العربية والشوفينية المصرية" فما مفهومك لتلك الرواية؟
أتخيل أنها رواية تستعين بالتراث المحلى والملامح الأساسية للشرق الأوسط، تلك التى يمكن أن يطلق عليها الملامح الشرقية، وتصنيف الرواية كرواية عربية فيه نزعة شوفينية، فالشرق الأوسط به العديد من الأقليات كالأكراد والزنوج والأمازيغ فلماذا لا نجمعهم تحت راية رواية واحدة، ونحن نمتلك إطارا حضاريا واحدا.
هل هناك أساليب سردية معينة تفرض نفسها عليك أثناء الكتابة؟
لحظة الكتابة لدى كلحظة الولادة فاكتب العمل وأختار له اسما تماما كما تفعل الأم مع وليدها، فأنا لا أكتب إلا عندما تحركنى شهوة الكتابة.
هل هذا يعنى أنك تكتب بطريقة تلقائية ولا تفكر فى القارئ أثناء الكتابة؟
أنا ضد الكتابة التلقائية بمعناها الساذج فلا بد للعمل أن يمر بعدة مراحل بعد كتابته، فى البداية أكتب كمبدع ثم أقرأ كناقد يعيد صياغة ما كتبه، فعندما أكتب لا أفكر فى القارئ ولا يعنينى سوى التفكير فى الكتابة نفسها.
لماذا يهتم "جبير" بالشكل دائما ويحرص على التداخل والتزاوج بين الأشكال الفنية المختلفة كالسينما والمسرح فى القصة القصيرة؟
طرحت فى الفترة الماضية على الساحة الثقافية عدة إشكاليات مثل علاقة الرواية والتاريخ تلك الإشكاليات طرحت أسئلة من نوعية "هل روايات جرجى زيدان وأمين معلوف روايات أم لا؟ فحاولت أن أجد حلا لذلك، وكتبت قصة بعنوان "تاريخ اختراع الزلابية" استخدمت فيها واقعة تاريخية وضفرتها بأحداث الرواية، أنا أؤمن أن الرواية هى أُمُّ الفنون جميعا، وتستطيع أن تضم بين دفتيها كل أشكال الفنون الأخرى كالمسرح والسينما وغيرها..
هل هذا يعنى أنك مؤمن بفكرة الكتابة غير النوعية التى تخلط بين الشعر والقصة والرواية باعتبارهم جميعا يندرجون تحت مسمى الأدب؟
على العكس تماما أنا ضد فكرة الكتابة غير النوعية، لأننى مؤمن بالرواية كفن كما يؤمن البوذى بالبوذية والشاعر بالشعر، وعندما يلقبنى أحد بالشاعر "أزعل" فأنا روائى أنظر للعالم بعيون روائية، وفى رأيى الأعمال التى تندرج تحت اسم الكتابة غير النوعية فشلت.
ألم تخش من أن تؤثر عنايتك بالشكل على المضمون وما يحمله من رؤى قد تضيع إذا طوعت لخدمة شكل معين؟
لا يمكن الفصل بين الشكل والمضمون، فالشكل هو جسد العمل والموضوع هو روحه، وتقسيم العمل إلى شكل ومضمون هو أحد التقسيمات التى ابتدعها النقاد، لكى يسهلوا على أنفسهم الدراسة والتحليل، ففصلوا الشكل عن المضمون وعن البنية وعن اللغة.
عندما كتبت "تحريك القلب" صنفت كتاباتِـك على أنها واقعية، ثم تحولت إلى الحداثية فى "عطلة رضوان" ببناء روائى مختلف، أما فى محطتك الأخيرة "رجل العواطف" يمكن أن توضع بوضوح ضمن كتاب "ما بعد الحداثة"، فهل هى محاولات لمجاراة العصر أو المرحلة أم أنها بدافع التجريب أيضا؟
أنا شخصيا كاتب مجرب فكل عمل أكتبه لا بد وأن يختلف عن سابقه بالنسبة لى وبالنسبة لغيرى، وإذا لم أقدم جديدا فلماذا أكتب؟، لذلك أنا لا أكتب قصصا أو روايات بمعناها الدارج إنما أحاول التغيير فى بنية الرواية أو القصة فى الأدب العربى، وعندما كتبت "تحريك القلب" اعتبرنى النقاد مجددا ومتطرفا فى تجديدى.
مع أنك تنتمى إلى جيل السبعينات فعليا إلا أنه لا يمكن تصنيف كتاباتك التى تتغير بتغير المرحلة، فإلى أى جيل ينتمى جبير؟
أنا غير مقتنع بفكرة الأجيال الأدبية، لأنها ببساطة تشبه فكرة "طوابير العيش" فكل كاتب له ملامحه الخاصة وكتاباته التى تميزه، ولا يمكن وضع جيل كامل وفق هذا الإطار.
ولكن تلعب المتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية دورا فى ظهور بعض الملامح المشتركة بين عدد من الكتاب فى فترة زمنية معينة؟
لا أنكر ذلك، ولكنها فكرة يلجأ اليها أنصاف الموهوبين حتى ينضموا إلى صفوف الموهوبين، فكرة الأجيال تقسيم عقيم من تقسيمات النقاد التى لا تعنينى فجيل الثمانينات يمتد إلى التسعينات وجيل التسعينات قد يمتد إلى ما بعد ذلك، إذن فهو تصنيف غير دقيق.
وما مشاريعك للمرحلة القادمة؟
أنا لا أتوقف عن الكتابة أبدا، ولدى الكثير من الأعمال التى لم تنشر وحاليا أجهز رواية للنشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة