أقيمت أمس الاثنين، ندوة دار العين للنشر، لمناقشة يوميات "على أطراف الأصابع" رغم عدم حضور مؤلف الكتاب مصطفى ذكرى.
بدأ الناقد السينمائى سمير فريد الندوة مشيرا إلى أن يوميات مصطفى ذكرى "على أطراف الأصابع"، تعتبر سيرة ذاتية مختلفة عن السير الذاتية المعتادة، وقال فريد إن لويس عوض تناول فى سيرته الذاتية قضايا رأى تعبر عن نفسه، وأعتقد أن ذكرى كتب سيرته الذاتية بطريقته، وجعلها سيرة للعقل والروح وليست سيرة مفصلة، فمن يقرأ الكتاب سيعرف تفاصيل عن ذكرى، لكن الأساس هو حياته كقارئ وككاتب.
وأكد فريد على أن مهمته كناقد أن يعثر على مفتاح فى الكتاب للقارئ، وأشار فريد إلى أن مفتاح هذا الكتاب هو فقرة موجودة بالصفحات 75،74، وبعد أن قرأها فريد أكد أنها فقرة لا عقلانية تشير إلى إحساس ذكرى الطاغى بالعبث، ويظهر فى كتاباته.
وأشار فريد إلى أن كتاب ذكرى يتميز بأنه شكل غير معتاد فى اللغة العربية وهو الكتابة لذاتها، فعندما تقرأ جملة داخلة تشعر بأنه قصد الإمتاع من خلال بناء الجملة، وهذا يشير إلى آثار ما بعد الحداثة المتطورة، بالإضافة إلى أنه لا يوجد شكل واحد للكتابة.
وتناول فريد لغة ذكرى، حيث أكد أنه يتعامل مع الجملة لذاتها، فما يرغب أن يقوله يشير إليه مباشرة.
وأكد فريد على إحساس مصطفى ذكرى السينمائى والذى يظهر فى تحليله لمشاهد سينمائية كثيرة، منها مشهد قتل الفتاة فى فيلم "سايكو"، وأشار فريد إلى أن انتقاد ذكرى لتقطيع المشهد السينمائى الذى قام به المخرج هيتشكوك، هو انتقاد سليم مائة فى المائة، لكن ما فات ذكرى أن هيتشكوك قام بهذا التقطيع لضغوط الرقابة التى كانت تمارس فى ذلك الوقت، وليس لضغوط درامية كما أرجعها ذكرى.
واختلف فريد مع ذكرى فى العديد من تناوله لعدد من المخرجين والأدباء المصريين، مثل جونزاليس والطيب صالح وإدوار الخراط والذى وصفهم بأنهم متوسطو القيمة.
وأكد فريد على أن ذكرى هو الأديب الوحيد فى مصر الذى أقام علاقة بين لغة الأدب ولغة السينما بخلاف كتابة السيناريوهات، فهو أول من فكر على هذا المستوى.
وأشار سمير فريد إلى أن علاقة ذكرى بالأدب العربى ضعيفة، فى حين أن علاقته بالأدب الأجنبى ذاتية جدا، وهو كقارئ وأديب متحرر من مسئولية الناقد، وواضح من الكتاب عدم حبه لنجيب محفوظ رغم أن الكتاب يظهر تأثرا شديدا بمحفوظ، فهو يختمه بثلاثة أحلام عن الموت متأثرة كثيرا بأحلام فترة النقاهة التى كتبها محفوظ قبل رحيله.
وقال فريد: الفرق بين نجيب محفوظ ومصطفى ذكرى أن محفوظ لديه مشروع أدبى.
ورفض فريد أشكال النقد العنيف الذى مارسه ذكرى على نجيب محفوظ فى الكتاب، مؤكدا على أن محفوظ لم يقم بأى محاولات لحماية إبداعه من السلطة، وأنه امتلك الدهاء والصمت والمنفى، فعندما قامت ثورة يوليو ولم تعجبه، اختار أن يصمت، ونفى نفسه فى وظيفته، لكنه كان شخصا آخر بعد انتهاء ساعات عمله، بالإضافة إلى أنه قرأ أعمال توماس مان الكاملة ودويستوفسكى، فى حين أن ذكرى لم يستطع أن ينتهى من "الحرب والسلام" و"أنا كارنينا".
أما مصطفى ذكرى فقد أكد فى اتصال هاتفى أسباب غيابه عن الندوة فى أنه مصاب بفوبيا التنظيمات الاجتماعية، وأنه لا يحب الندوات وحفلات التوقيع، التى تصيبه بالضغوط، ويكفى أن يجلس على منصة ندوة ليوقع نسخا من كتابه ليصاب بهذا الضغط.