وجاء تحرك رئيس الشركة القابضة السريع بمجرد طلب الوزير من مسئولى «شرق الدلتا» مباشرة إطلاعه على تقرير شامل حول المخالفات التى أشار إليها «المركزى للمحاسبات»، فقام باستدعاء، المهندس طارق يوسف، رئيس شركة شرق الدلتا، وممثلى الشئون القانونية بها، رغم أن وزير الكهرباء لم يطلب تدخله ولم يكلفه بذلك، وهو الذى تقع جميع شركات الكهرباء المصرية تحت مسئوليته من البداية، لكنه تدخل لإنقاذ الموقف واحتوائه قبل تحويل ملف القضية للنيابة العامة، بعد أن أكد تقريرا «المركزى للمحاسبات» أن هناك مخالفات فى عملية البناء، وأن المقاول تلاعب فى أسعار العديد من البنود، ولم ينفذ بعضها رغم ورودها بكراسة شروط المناقصة من البداية.
العجيب أن تدخل المهندس محمد عوض أدى إلى توقف التحقيقات التى طلبها الوزير، بعد عامين من التستر على تلك المخالفات، رغم أن تقريرى الجهاز المركزى للمحاسبات طالبا بالتحقيق فى المخالفات، وتحديد المسئول عنها وتحويله للنيابة العامة بتهمة إهدار المال العام، فضلا عن خصم كل المبالغ المنصرفة للمقاولين بالزيادة، وليست هذه هى المرة الأولى التى يتدخل فيها عوض بهذه الطريقة فى هذا الموضوع، بل سبق أن تدخل وأمر بتشكيل لجنة لبحث الموضوع بقراره رقم 74 لسنة 2005، رغم أن الأمر كان منظورا أمام القضاء فى ذلك الوقت، وانتهت اللجنة إلى عدم أحقية المقاول فى إعفاءات التأخير، وعدم أحقيته فى إضافة أى مدة جديدة لمدة التنفيذ فى 4/7/2005، لكن نفس اللجنة أقرت فى 7/8/2008، بنتيجة مخالفة لذلك، وأكدت أحقية المقاول فى مدة إضافية للتسليم قدرها 565 يوما، وبعدم تطبيق الغرامة عليه، دون أسباب واضحة لتغيير قرارها فى أقل من شهر، أو لاجتماعها مرتين متتاليتين لبحث الموضوع نفسه.
ورغم أن مخالفات مقاول الأعمال العديدة واردة ومؤكدة بتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات؛ إلا أن عدم تحقيق شركة شرق الدلتا فيها، أو تحويلها للنيابة العامة أضاع ملايين الجنيهات التى أشار إليها التقرير فى المخالفات التى رصدها، بالإضافة لأن المقاول الرئيسى للعملية الذى أكد التقرير مخالفاته العديدة قد حصل على كامل مستحقاته، حتى عن الأعمال التى لم ينفذها بالمخالفة لكراسة الشروط، فضلا عن أنه حصل أيضا على حكم قضائى فى الدعوى رقم 597 لسنة 2005 بجلسة 27/2/2007، يلزم شركة شرق الدلتا بأن تؤدى له مبلغ 352 ألف جنيه قيمة غرامة التأخير، بالإضافة لـ339 جنيها قيمة %10 ضمان أعمال تم خصمها من المقاول، و372 ألف جنيه قيمة الضمان النهائى، وكذلك مبلغ 281 ألف جنيه قيمة التعويض المادى عن الضرر الذى لحق بالمقاول، بالإضافة إلى المصروفات وأتعاب المحاماة.
أى أن الشركة تكبدت خسائر مضاعفة نتيجة للمخالفات التى شابت عملية تنفيذ المبنى، فضلا عن التعويضات التى حصل عليها المقاول، المخالف، بحكم القضاء لعدم دفاع الشركة عن المال العام، وتحويل الأمر للنيابة لحماية المتورطين فى الأمر من قياداتها، وعلما بأن شركة شرق الدلتا التى تعد كبرى شركات إنتاج الكهرباء على مستوى الجمهورية، والتى يضم نطاق عملها الجغرافى محافظات الإسماعيلية ودمياط وبورسعيد والسويس والبحر الأحمر وشمال سيناء وجنوب سيناء، لم تقم بإحالة أى مسئول بها إلى النيابة العامة منذ إنشائها، وحتى قبل تسميتها بشرق الدلتا «اسمها القديم منطقة كهرباء القناة» رغم أن تقارير الجهات الرقابية طالت العديد منهم، لكن تعطيل الشركة أو تجاهلها لتلك التقارير برعاية الشركة القابضة كما اتضح من تدخل الدكتور محمد عوض لصالح مسئولى شرق الدلتا يحمى المسئولين المتهمين بالفساد، ويهدر على وزارة الكهرباء ملايين الجنيهات دون حساب.

