لن تجد فئتين التقتا على الخصام وتفرقتا عليه مثل الإخوان والسلفيين فى العالم الاسلامى، فكلاهما يكيل الاتهام للآخر ويحاول نقض بنيانه من القواعد رغم أن هدفهما المعلن واحد، وهو الدعوة، كان آخر الخلافات بينهما ما وصفه القيادى الإخوانى على عبدالفتاح بـ«محاباة» الأمن للسلفيين على حساب الإخوان، وذلك بفتح الساحة أمامهم فى المساجد للوعظ والخطابة، والتضييق على الإخوان فى كل أوجه الدعوة.
الخلاف بين الاثنين ليس جديدا، فمنذ خروج السلفية من ثنيات الوهابية على يد الشيخ محمد بن عبدالوهاب فى السعودية سنة (1115هـ - 1703م)، وهى تعتبر أى عمل دعوى يكتنفه السياسة نوعاً من النفاق، واستخداما للدين فيما لم يخلق له.
ففى أدبيات السلفية طاعة الحاكم واجبة ونصيحته تجوز ولو من بعيد، لدرجة أن أول اتهام تم توجيهه للسلفية، بعد ظهورها فى مصر، أنها صنعت خصيصا من أجل ضرب الحركات الإسلامية والوطنية الأخرى، لاستنادها إلى القاعدة السابقة «وجوب الطاعة».
وفى حالة تتبع الخلاف السلفى الإخوانى نجده يبدأ من المسجد (كما يحدث فى مصر) وانتهاء باتهامات الخيانة واتباع الماسونية ( كما يحدث فى الكويت)، وإن كان عقائديا فى الأخيرة، فإنه فى الأولى سياسى عقائدى أكثر من غيره، فلن يكون غريبا عليك أن ترى الفريقين يختلفان حول مقدار الوقت بين الأذان وإقامة الصلاة فى المساجد، أو فى عدد ركعات التراويح، أو جواز الأذكار بعد الصلاة من عدمه، فى نفس الوقت تكيل قيادات كل طائفة منهما للأخرى اتهاما بالعمالة للأمن أو فتح قنوات خفية مع السلطة.
لكن الأخطر من ذلك أن هذا الخلاف ينعكس فى النهاية على جميع الناس، فتصبح الصلاة ساحة للخلاف يلعب فيها المصلون دور المشاهدين فى انتظار أيهما سيفرض رأيه وأيهما حجته أقوى، وترتفع درجة الاستمتاع عندما يبدأ كل فريق فى اتهام الآخر بالجهل والضلال.
وكان تصنيف السلفيين كأيديولوجية بلا تنظيم يجمعها من أكبر الثغرات التى يعتمد عليها الإخوان (الأكثر تنظيما منذ البداية) للتدليل على ضعف هذا التيار الوارد من الخارج، فكانت التربيطات الإخوانية بين شباب الجامعات أكثر تأثيرا إلى أن بدأت دروس السلفيين فى المساجد تفرض نفسها بقوة فى مواجهة التيار المضاد، إلا أن طابعها الدعوى جعل تأثيرها أقل، بينما تخرج مظاهرة واحدة إخوانية لتكتسب تعاطف المئات، إلى أن جاءت اللحظة التى انتبه فيها شيوخ السلف لقيمة الميديا الإعلامية والتى بدأت معهم بتسجيلات صوتية متفرقة تلتها شركات إنتاج منتظمة وذات انتشار سريع، لتصل ذروة تأثيرها عندما بدأت القنوات السلفية فى الظهور على الساحة الإعلامية دعمها الانطلاقة القوية لقناة «الناس» والتى استغلت نجومية مشايخ مثل حسان والحوينى ويعقوب والمصرى لتبدأ منظومة إعلامية سلفية منظمة، وصلت إلى أكثر من 20 قناة ذات توجه سلفى.
ورغم أن هذه القنوات تلقى هجوماً شديداً من قبل المنادين بعودة المسلمين إلى وسطية الإسلام السمحة، فإن الجهات الرسمية تركتها ترعى فى خصب الدعوة حتى توغلت فى الحياة اليومية للناس العاديين، وهو ما عزز لدى الإخوان شعورا بالتآمر أجج تهمة العمالة للأمن، لينقل السلفيين من خانة «الوقوف فى جبهة واحدة ضد العلمانيين والليبراليين» إلى خانة خيانة العقيدة والدعوة.
الأمر لم يعد مجرد خلاف فكرى، بدا هذا واضحا فى حرب غزة الأخيرة، فحين كان الإخوان يدشنون المظاهرات المناهضة بالاعتداء، خرج الشيخ محمد حسين يعقوب ليقول (حماس نقضت الهدنة وتضرب صواريخ ما تخرمش حيطة عشان تحصل هذه الإبادة لضعفاء المسلمين) وكانت تلك العثرة التى استغلها الإخوان لبيان ضعف الخطاب السلفى تجاه قضية نصرة فلسطين، ولم يخفف من حدة الهجوم على هذا الخطاب سوى تعليق الشيخ محمد حسان على الحرب قائلا لحماس: «شكراً لكم لقد بذلتم ما استطعتم كما أمركم ربكم.
لمعلوماتك...
>> 7 هو عدد مرشدى جماعة الإخوان المسلمين بدءاً من حسن البنا حتى مهدى عاكف
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة