فيما مضى كانت بعض القهاوى فى الأحياء الشعبية تكتظ بمرتاديها، لكن دون أن يقوم أحد بطلب مشروبات أو شيشة وعنده كان يزأر المعلم صاحب القهوة بصوت جهورى أجش القعدة بالمشاريب، وعندها كان كل من ليس لديه مال يلوذ بالفرار، وأما الباقون فقد كانوا يسارعون بطلب مشاريب ليتسنى لهم البقاء بالقهوة ومتابعة مباريات الدمينو أو الورق، وحين تبدأ الطلبات فى النزول كان المعلم يعود إلى صدارة مجلسه فى القهوة ويفتل شاربه وهو ينفث دخان شيشته فى ارتياح، وقد كان هذا الذى يحدث أمرا طبيعيا وهو حق لصاحب القهوه الذى كان يرتزق من المكان بحكم أنه مالكه ومؤسسه بماله وعرقه.
تذكرت هذا المشهد وأنا أرى المشهد السياسى فى مصر وأقارن بين الحال فى القهوة والحال فى مصر، مع اختلاف بسيط وهو عدم إدراك أسيادنا أنهم ليسوا أصحاب مصر ولم يتعبوا أو يعرقوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، وبالتالى فليس من حقهم أن يزأروا أو يهددوا بحرماننا من المواطنة إذ لم نقم بالتأييد، وكأنهم يقلدون المعلم (القعدة بالمشاريب) أقصد بالتأييد ومن لا ينصاع فعليه أن يغادر، أو على أقل تقدير يصمت.
والصمت من ذهب كما قال الأولون، خاصة إذا كان الكلام من دبش قد يهوى على رؤوس أسيادنا وتاج رؤسنا، والذين لم نعرف حقهم وقدرهم حتى الآن ولم نعرف قدر تضحياتهم من أجلنا وأجل مصر، ونحن لم نكتف بتقصيرنا وعدم مشاركاتنا فى التضحية من أجل أمن مصر، بل ولم نضع فى أفواهنا وأعيننا القليل من الملح، بل وقفنا نشاهد وكأننا غير معنيين بتضحياتهم وتمادينا، فبدأ بعضنا ينتقد ويوجه بدلا من أن يؤيد ويبارك الخطوات الجبارة التى يقومون بها ، وبدلا من أن نخفف عنهم تعبهم وسهرهم الليالى (أيا كان السبب ومكان هذا السهر) بدأ بعضنا يتململ ويغمز ويلمز، ونسينا أنهم أسيادنا وأصحاب القهوة، عذرا.... أقصد أصحاب البلد ولهم الحق فى أن يفعلوا كل ما يجدوه فى صالحنا، خاصة ونحن لسنا على ذات القدر من الوعى والفهم بالقضايا التى ستسهم فى نهضة مصر.
فمن قال يا سادة أن تصدير الغاز للصهاينة يصب فى غير مصلحة مصر، يا سادة يا من لاتفهمون كامل أبعاد القضية هذه خطة من سادتنا وكبرائنا للتحكم فى مستقبل الصهاينة وحتى نستطيع دوما أن نضغط عليهم وقتما نريد ونرفع سعر الغاز بعد انتهاء العقد المئوى الموقع، ونجبرهم على التذلل لنا، وأما عن الحاقدين الذى يقولون إن سعر الغاز أدنى من السعر العالمى فهؤلاء أيضا لم ينتبهوا إلى حبكة المخطط الذى يريد من ورائه سادتنا أن نقوم بجر رجل الصهاينة وحتى لا يذهبوا لبائع آخر، ولا صحة لهمس الحاقدين والجهلاء بأن فى الأمر عمولات أو رشاوى، وللحق وحتى يعرف الجميع أننا نمارس الشفافية بنجاح فإن الهدايا التى تم تبادلها لا تعد أن تكون هدايا أخوية من أخ لأخيه ومن ابن عم لابن عمه..
أما عن التخصيص فحدث ولا حرج فكل من هب ودب يتحدث فى الموضوع وكأنه أصبح خبيرا فى الاقتصاد، يا إخواننا اصمتوا وكما يقول المثل الشعبى "اللى ما يعرف يقول عدس"، فأرجوكم كفانا عدسا، نحن مقبلون على زمن الكفتة والمنبار والكفيار، ولا يهم من سيأكل ومن سيموت جوعا، المهم التغيير والاهم أن تمتلئ كروش أسيادنا من أجل أن تستطيع أدمغتهم الكبيرة أن تعمل وتكد من أجل مصر، وإلا فكيف بالله عليكم سيتسنى لأسيادنا وتاج رؤوسنا أن يكملوا مهمتهم فى البيع والشراء، وكيف سيستطيعون أن يواصلوا بذل الجهد لإنقاذ مصر من جشع أبنائها، ويساهمون من خلال برنامج منظم فى حل أكبر مشكلات مصر وأعظمها خطرا من وجهة نظرهم، وهى زيادة عدد السكان وذلك بالمساهمة فى الحل بطرق مبتكرة تساعد الكثيرين على الموت كمدا وحسرة دون ألم أو حوادث انتحار.
يا أحبتى اصبروا وكما يقول المثل اصبر على جار السوء..... ونحن لم نثبت حتى الآن أنهم جار سوء، بل لم نستطع أن نثبت أنهم جيراننا أصلا فسادتنا لا يعيشون معنا بل فى كوكب آخر، فهم يتحدثون عن حل المشكلات وعن الإنجازات، وأبونا السقا الذى مات وشبع موت، يتحدثون بصدق لكن عن كوكبهم هم فلماذا هذا التزمت والكبر وعدم الثقة منا فى كل ما يقولونه، برغم أننا لو تفهمنا وضعهم وموقعهم سنعرف كم هو حجم صدقهم، وسنعرف كم هم حريصون على القهوة أقصد مصر، لأنها السبوبة التى بدونها سيصبحون بلا قيمة وبلا مورد رزق، لذا فأنا معهم وأصدقهم حين تغرورق أعينهم بالدموع وهم يتحدثون عن حب الغالية مصر.
أعرف أنه الحقد والحسد من الإنسان لأخيه الإنسان الأحسن منه، الذى يحرك الضغائن وليس الجوع أو الفقر كما يدعون وليس الحرمان أو الفاقة وشظف العيش، كما يحاول البعض أن يصطاد فى الماء العكر ويروج لتلك الأكاذيب ، برغم أن جميع استطلاعات الرأى التى تقوم بها جهات عالمية استقدمها سادتنا ليتأكدوا على تمتعهم بالشفافية والحب لمصرنا ودفعوا لها الملايين لتقوم بمسح شامل وكامل (ليس للجيوب)، بل لمحافظات مصر المحروسة، أقول إن نتائج تلك الاستطلاعات جاءت لترد بقوة على المشككين وتصرخ بنصاعة نتائجها فى وجه كل من تسول له نفسه فيتهم سادتنا بأنهم لم يقدموا شيئا، يعنى نصدقكم يا ك..... ونكدب الخواجات وأجهزتهم الحديثة، والله عيب.
أظن بعد ما ذكرت وقلت إن من العيب أن نتمادى فى حنقنا وحقدنا وحسدنا لأسيادنا وولاة نعمتنا، وبدلا من أن نعترض أو نقف ساهمين محدقين فى بلاهة ومكتوفى الأيدى دون أن نقدم شيئا، علينا أن نبدأ من الآن فى حشد التأييد لسادتنا ليظلوا فوق أكتافنا مرتاحين ويبرطعوا كما يريدون، بل وندعو الجميع للتخلى عن الصمت والبدء فى جمع وتجميع التوقيعات للتأييد طالما أننا عجزنا عن تقديم شىء لمصر غير أن نقوم بالهتاف والتأييد، وكما كان يقول المعلم زمان: القعدة بالمشاريب فعلى الأقل تمتعنا بحق المواطنه يكون بالتأييد.
أشرف نبوى يكتب: القعدة بالمشاريب.. والمواطنة بالتأييد
الأربعاء، 07 أكتوبر 2009 04:57 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة